القاهرة 22 مايو 2018 الساعة 10:45 ص
تحقيق : محمد زين العابدين
الفول يصمد فى المعدة طويلاً فيمنح الجسم القدرة على الصيام لساعات طويلة .
بعض الناس يحبون تناول الفول على مائدة الإفطار و يتفننون فى تحضيره .
أسرار تسوية الفول فى المستوقد البلدى و سر طعمه الشهى المميز !
الزبادى يرطب المعدة فى حر الصيام و يساعد على تجنب العطش .
طرق عديدة لتناول الزبادى منها فى شكل سلطات أو مشروبات أو فوق الفتة .
الزبادى الجيد هو الذى يحضر من اللبن الجاموسى عالى النقاء و الجودة .
يحل علينا شهر رمضان الكريم بخيراته و بركاته ، و موائده العامرة و أيامه الجميلة المفعمة بالنفحات الطيبة ، و لكن مهما تعددت و تنوعت قوائم الطعام المميزة و الحافلة فى هذا الشهر الكريم ، فإن هناك نوعين من الأطعمة حافظا على مكانتهما على المائدة الرمضانية على مدار الأعوام و منذ القدم ، و لا غنى عنهما على مائدة رمضان خصوصاً فى وجبة السحور و هما الفول و الزبادى فهما من الأطعمة شديدة الإرتباط بالمائدة الرمضانية و ذلك لفوائدهما العديدة بالنسبة للصائمين .. و فى هذا الموضوع نتعرف على بعض المعلومات المفيدة و الطريفة عن الفول والزبادى -" التوأم الرمضانى الشهير"- وذلك من خلال لقائاتنا مع باعة الفول والزبادى ... و بالهناء و الشفاء و صحتين و رمضان كريم ..
أولاً نحدثكم عن الفول المدمس، ذلك الطعام الذى تعود جذوره إلى عهد القدماء المصريين حيث اشتق تدميس الفول إسمه من اللفظ القديم ( تتميس الفول) و يعنى كمر أوانى الفول فى رماد الفرن لتسويتها ، و هى الطريقة التى ظلت مستعملة حتى العصر الحالى للحصول على أفضل تسوية للفول المدمس .
التقينا فى البداية مع أحد باعة الفول المدمس، و الذين يعملون فى هذه المهنة منذ فترة طفولتهم ، حيث عمل فى صغره فى تحضير الفول بالمستوقد البلدى ، و هو عم هلال بابتسامته البشوشة ، و حبه لخدمة الصائمين فى رمضان بتقديم الفول الشهى لهم باعتباره أشهر و أهم وجبة رمضانية خصوصاً فى طعام السحور ، حيث يؤكد بابتسامته الصافية أن الشعب المصرى هو أكثر شعوب العالم حباً للفول المدمس و استهلاكاً له ، و هو يشير إلى أن حرص الناس على تناول الفول خصوصاً فى رمضان أن ارتباط المصريين بالفول ليس ارتباطاً زمنياً فقط ، بل إنه ارتباط حضارى له تراث طويل فى مصر حيث يمتد إلى زمن الفراعنة فهو وجبة أساسية للشعب المصرى منذ قديم الزمن حيث يمتاز الفول المدمس عن بقية الأطعمة بأنه يكسب الإنسان الشبع طوال اليوم ويعطيه القدرة على تحمل ظروف الصوم ، فهو بروتين نباتى عالى القيمة الغذائية ، و الفول كما يقولون يصمد فى المعدة وهو وجبة سهلة التحضير و لذيذة الطعم و يمكن لجميع الفئات والأعمار تناولها ، و يعمل عم هلال فى مهنة بيع الفول على العربة الخشبية منذ أن كان عمره تسع سنوات حيث كان يعمل فى المستوقد البلدى القديم بسوق السلاح بمنطقة القلعة العريقة ، حيث كان يتم وضع قدور الفول جميعاً بجوار بعضها فى باطن النار الناتجة عن إشعال بقايا الأخشاب و قد كان هذا الفول من أشهى و أطيب أنواع الفول نظراً لأنه كان ينال حقه من التسوية الطبيعية بدون استخدام أى مواد بترولية وهى نفس الطريقة الفرعونية القديمة لتسوية الفول على حد قول عم هلال بائع الفول المثقف فى مهنته ، و يؤكد عم هلال أن بيع الفول على العربة و التخصص فيه بخلاف المطاعم يساعد البائع على التجويد فى الفول الذى يبيعه و عدم التشتيت بين أنواع مختلفة من الأطعمة كما يؤكد على أمانته وإخلاصه فى إسداء النصائح لزبائنه ، فهو بالرغم من احتياجه للبيع و الربح ، فهو ينصح زبائنه من مرضى القولون و النقرس بالإقلال من تناول الفول و من يشتاق لأكله منهم ينصحه بتناول ماء الفول فقط !
ما هى أفضل أنواع الفول للتسوية و الوقت الذى تستغرقه عملية التسوية ؟
الفول البلدى هو أفضل الأنواع بالطبع ، و لكن نظراً لندرته حالياً و ارتفاع ثمنه و عدم توفيره للإكتفاء فى ظل الطلب المتزايد على الفول و زيادة السكان ، فإنه يتم الإستعاضة عنه فى معظم الأحيان حالياً بالفول المستورد و الذى بالرغم من أنه سريع الطهى إلا أن طعم الفول البلدى لا يقارن و فى الكثير من البلاد العربية مثل الخليج و الشام يصنعون الفول و الطعمية من الحمص الشامى نظراً لتعودهم فى تراثهم على تناوله بهذا الشكل و عدم انتشار زراعة الفول لديهم إلا أنه يظل للفول المصرى طعمه الشهى المحبب للجميع ، و حالياً تقوم فرنسا بزراعة الفول بكميات كبيرة و تصدره لنا،أما عن الوقت الذى يستغرقه الفول حتى يستوى و يطيب للآكلين فهو حوالى عشر ساعات حيث يوضع على نار عالية فى البداية ثم بعد أن يكون نصف مطهى يتم تهدئة النار تحت قدرة الفول وتضاف له بعض المواد الطبيعية التى تكسبه قواماً وطعماً مميزاً و تجعله أسهل فى هضمه ، حيث تضاف له كمية قليلة من العدس و الأرز و يساعد العدس على إضفاء اللون الكهرمانى الطبيعى الجميل للفول و الذى أحرص عليه على عكس بعض باعة الفول من معدومى الضمير ممن يضيفون مواد ملونة للفول ثبت ضررها على الصحة ومن يلجأ لاستعمال هذه المواد الملونة فهو يسعى للتغطية على عيوب فى الفول عنده ، كأن يغطى على سواد لون الفول بفعل الشياط على النار أو عطانة طعمه ، و هناك فائدة أخرى لإضافة العدس و الأرز إلى الفول أثناء تسويته و هى إكساب ماء الفول قواماً نشوياً جميلاً .
هل يتناول الكثير من الناس وجبة الفول المدمس فى إفطار رمضان أم أن الغالبية العظمى يأكلونه فى وجبة السحور ؟
هناك بعض الناس من محدودى الدخل يتناولون الفول فى وجبة الإفطار و هم يتفننون فى طرق تحضيره سواء بالصلصة مع الجرجير أو بالخضروات أو غيره و هناك أناس ليسوا من محدودى الدخل لكنهم يحبون وجود طبق الفول على مائدة الإفطار فى رمضان و لكنى أعتقد أن الغالبية العظمى لا يأكلونه فى إفطار رمضان أكثر من مرتين طوال الشهر و يتناولونه فى السحور فقط و ذلك لأن شهر رمضان بطبعه هو شهر الخيرات والبر و الإحسان و لا تخلو معظم الموائد فيه من خيرات الله حيث يحرص الجميع على تعويض ساعات الصيام بوجبة إفطار شهية .
و قد التقينا مع أحد قدامى باعة الفول الحريصين على تسويته بالطريقة القديمة ،و هو عم حمدى لكى يحكى لنا عن بعض أسرار تسوية الفول فى المستوقد ، حيث يقول أن أولى خطوات تدميس الفول هى غربلته و تنقيته ثم غسله جيداً ثم معايرته حسب حجم القدرة التى تتم تسويته فيها، و ذلك لحرصه كما يقول على تسوية الفول فى المستوقد البلدى ، حيث لا يضاف له الماء ، على عكس تسويته فى المنازل و التى يحتاج فيها الفول إلى إضافة الماء من حين لآخر حتى ينضج أما فى المستوقد فيتم دفن قدر الفول فى رماد المستوقد وهو مكان تجمع فيه كل مخلفات الخضروات و الفاكهة و جريد الأقفاص و غيره و يتم حرقها وهو يكون مجاوراً عادة ً لشوادر بيع الخضار و تأخذ قدرة الفول فى تسويتها 8 ساعات لو كان الفول من النوع البلدى المكمور الذى أستخدمه أما لو كان من نوع (غير طيابى ) أى لا يستوى بسرعة فمهما بقيت القدرة فى المستوقد لن يستوى الفول ! .. و سألته : هل يتم دفع أجرة نظير التسوية فى المستوقد ؟ فقال : يتم دفع أجرة لأصحاب المستوقد حسب حجم القدرة و لا يقوم كل باعة الفول بتسويته فى المستوقد بل يسويه معظمهم فى منازلهم ، أما أنا فأحرص على تسويته فى المستوقد لأنه
يجعل الفول طرياً كالزبدة ! ، وعن الاختلاف بين قدور أو ( دماسات الفول) الحالية و القديمة يقول عم حمدى : زمان كان الفول يسوى فى دماسات أو قدور فخارية و كانت مشاكلها كثيرة لأنها كانت فى كثير من الأحيان لا تتحمل نار المستوقد و تنفجر ثم أصبحنا نسوى فى القدور النحاسية و أخيراً نسوى الفول الآن فى قدور مصنوعة من الألومنيوم لأنها نظيفة و آمنة .
ثم التقينا مع أحد أشهر و أعرق باعة الألبان فى القاهرة للحديث عن الزبادى ، و هو الحاج علاء المالكى صاحب سلسلة محلات المالكى للألبان والحلويات والذى روى لنا فى البداية تاريخ عائلته العريقة فى بيع الألبان و منتجاتها فأشار إلى أن جده محمد المالكى بدأ فى العمل بهذا المجال منذ سنة 1917و كان من مواليد الحسينية أى أنه من محيط منطقة سيدنا الحسين و كانت هذه المنطقة تشتهر بزرائب الماشية و أضاف" كان لجدى محل ألبان بجوار مسجد سيدنا الحسين ، حيث هذه المنطقة العريقة النابضة بالحياة و المفعمة بروح الأصالة و الطابع العربى الإسلامى الجميل حيث اشتهر المحل الأول القديم للمالكى و الذى ما زال قائماً بعد تطويره طبعاً ببيع اللبن و بتقديمه ساخناً لزبائن الصباح لتناوله فى الإفطار مع الفطائر أو البسكويت و الذين يخرجون مبكراً جداً للصلاة فى مسجد الحسين ثم يجلسون لتناول إفطارهم قبل توجههم لأعمالهم و بطبيعة الحال كان المحل يعمل على مدار الساعة وكان السبب فى شهرته هو اعتماده على خامات جيدة ونظيفة من الألبان و قد كان الخير وفيراً فى مصر زمان ثم بدأ جدى رحمه الله فى تقديم منتجات الألبان المختلفة مثل الأرز باللبن و الزبادى و المهلبية ، ثم بدأ يفكر فى الإنتشار فبدأ فى بيع منتجاته من الأرز باللبن و المهلبية و الزبادى فى الأحياء المختلفة من خلال العربات الخشبية المتنقلة ذات العجلات و التى يعمل عليها عمال سريحة وقد تكاثر عدد هذه العربات حتى أصبحت أسطولاً مكوناً من مئة عربة إن جاز لنا التعبير تغطى معظم أحياء القاهرة الكبيرة و قد توفى جدى المالكى الكبير رحمه الله فى عام 1959ثم أكمل أولاده من بعده مسيرته " .
ما هى أهم فوائد الزبادى التى تجذب الصائمين لتناوله ؟
بالطبع الزبادى مادة غذائية طبيعية جاذبة للناس فى رمضان ، فهو يرطب المعدة فى حر الصيام و يساعد على تحمل العطش أثناء ساعات الصيام الطويلة كما أنه يساعد على الهضم لما يحتويه من بكتيريا نافعة للجهاز الهضمى .
وما هى الطرق الشائعة لتناول الزبادى على المائدة الرمضانية ؟
بالإضافة لتناوله كما هو فى أكوابه الخاصة فهو يدخل فى سلطة الزبادى الجميلة المرطبة و ذات الطعم المميز كما يضاف فوق الفتة و محشى ورق العنب لإضفاء نكهة جميلة مميزة و هناك من يصنعون منه مشروباً منعشاً فى رمضان بضربه فى الخلاط حيث يضاف له السكر ، كما أن هناك من يحبون إضافة ملعقة من عسل النحل له حيث يصبح أعلى فى قيمته الغذائية و الصحية و من الممكن أيضاً أن تضاف له الفاكهة سواء فى صورة عصير أو قطع وهو فى جميع الحالات لذيذ و مفيد و يقبل إضافة الكثير من المواد الغذائية له .
ما هو الفرق بين الزبادى المنزلى و الزبادى المصنع فى المحلات ؟
الفكرة الأساسية البسيطة لتحضير الزبادى واحدة فى النوعين حيث تعتمد على إضافة كمية قليلة جداً من زبادى سابق التحضير كخميرة إلى كمية اللبن المجهزة لتحضير الزبادى و صب المخلوط بعد تقليبه جيداً فى الأكواب الخاصة ثم تركه فى الدولاب أو الفرن الخاص لإكسابه درجة الحرارة اللازمة لتكوين الخثرة و القوام المميز ولكن أهم ما يجعل للزبادى قوامه هيئته و طعمه المميزين هو اختيار النوع المناسب من اللبن لتحضيره حيث أن اللبن الجاموسى و ليس البقرى هو ما يتم تحضير الزبادى منه وهذا هو أهم خطأ شائع بين الكثير من الناس الذين يقومون بتحضير زبادى فى المنزل لأن الزبادى البقرى بكمية الدهون القليلة فيه لا يعطى نتائج جيدة فى تحضير الزبادى على عكس اللبن الجاموسى بما يحتويه من كمية دهون عالية ، حيث تساعد فى إكساب الزبادى قوامه و خثرته المطلوبة أو ما يعرف ب"وجه الزبادى" و من المهم جداً اختيار نوعية جيدة من اللبن الجاموسى فهذا هو أهم فارق بين نوع من الزبادى والآخر كما أن الزبادى الطبيعى المحضر طازجاً يتميز عن الزبادى المعلب بكونه خالياً من المواد الحافظة و بطعمه الطازج الجميل .