القاهرة 15 مايو 2018 الساعة 11:20 ص
رمضان سيف
إن من أهم الظواهر الثقافية التى يعيشها المجتمع العربى فى الوقت الحالى هى الأزمة الثقافية بين الأقطار العربية المتجاورة فى اللغة والدين وأحيانا قد يكون النسب .
وقد حاول الكثير من العلماء وضع محددات لهذه الأزمة , من حيث الأسباب والنتائج , والتدليل على حدوث الأزمة بالوقائع , وحين حاول غير عالم تحليل هذه الازمة . قالوا أنه لابد قبل معرفة الأزمة معرفة الثقافة نفسها أو بمعنى أدق التحليل الثقافى للمجتمع العربى , فقد نظر السيد ياسين (رحمه الله )إلى المجتمع العربى من ثلاث زوايا باعتبارها عوامل أساسية فى فهم المجتمع العربى.
الأولى: لابد من فهم النصوص التى يتكأ عليها العالم العربى فى تعاملاته اليومية والحياتية.
الثانية : لابد من فهم العقلية العربية وطريقة تناولها للأمور , باعتبار العقل العربى عقلا متهافتا .
الثالثة : النظر الى المجتمع العربى باعتباره بنية اجتماعية قمعية.
النص
لقد نظر الكثيرون من العلماء العرب الى النص باعتباره جزء من الأزمة الحالية وبالتالى استخدموا كثيرا من المناهج التى تحلل الخطاب فمن المفكر الفرنسى (ميشيل فوكو ), إلى الباحث الجزائرى (محمد اركون ), الى المفكر المغربى (محمد عابد الجابرى ) , الى (حسين مروة ), الى الطيب تزينى . , إلى حسن حنفى , الى السيد ياسين.
لقد كتب محمد أركون العديد من الكتب الفرنسية لكنه لم يترجم له الى اللغة العربية هذه الكتب وهى , الفكر العربى , أمس وغداً, تاريخ الفكر العربى الإسلامى , والفكر الإسلامى :قراءة علمية ,وهو الكتاب الذى أثار عواصف فكرية عديدة ضده فى العالم العربى ككل وهو يقصد بالخطاب الإسلامى الهيمنة الشديدة للخطاب الإسلامى بما يتضمنه من نصوص مقدسة القرآن الكريم والسنة النبوية وأعمال الصحابة بل والممارسات الإسلامية عبر العصور , ومحمد اركون يرى ان هذه الهيمنة لها التأثير العظيم على حركة المجتمع العربى .
لذا فهو يرمى فى منهجه الى تفكيك هذه النصوص كما عند (دريدا ) والكشف عن طريقة عملها وتخليصها من الأساطير التى تحيط بها.
(ولا يقصد أبدا الحط من قداسة النص ) فشيوع المقولات التقليدية بخصوص تشكيل النص القرآنى والحديث والشرعية لا ينبغى أن يجعلنا نتوقف عند هل هى صحيحة أم خاطئة كما أننا قد نصطدم بالعلاقة بين العامل الرمزى والعامل المادى وتحول الرمزى الى مادية ضاغطه تلعب دورا لا يستهان به فى حركية التاريخ.
من هنا هل يمكننا أن نفهم الصحوة الإسلامية على أنها صراع طبقى , أم أننا أمام التأثير الطاغى للأفكار الإسلامية أيا كان تفسيرها على السلوك الاجتماعى والسياسى لقطاعات عريضة من الجماهير.
وأنا أجزم أن هم أركون الأول الاستفادة من كل المنجزات الحديثة فى العلوم الاجتماعية للتحليل النقدى للخطاب الإسلامى ,
وأركون يكشف عن منهجه فى تقديمه لكتابة تاريخية الفكر العربى الإسلامى والذى جعل لها عنوان (كيف ندرس الفكر الإسلامى ).
وأركون ينطلق من الوجهة العلمية حين يقرر انه ملتزم بمبادىء المعرفة العلمية واحترام اصولها مهما يكن الثمن الذى أدفعه على المستوى النفسى والاجتماعى , كما أنه كان يهدف الى إدخال نوع من البحث الحى الذى يفكر ويتماثل بمشاكل الأمس واليوم ومواجهة الاَثار المدمرة للايديولوجيات الرسمية.
ويحدد أركون هدفة الأساسى من البحث , وهو التوصل الى معرفة أفضل لوظائف العامل العقلانى ثم ينتهى الى القول أن الفهم الأسطورى للدين هو سبب الأزمة العميقة فى المجتمع العربى , فهذا الفهم الأسطورى للدين بالكشف عن جذوره , وتعريفه , وإظهار حقيقة المعارك السياسية والاجتماعية التى دارت باسم فهم خاص للنص الإسلامى كغطاء دينى لكن القضية الأساسية لا تتمثل فى كشف الجانب الأسطورى فى بعض جوانب الخطاب الإسلامى ولا فى تعرية التناقضات الداخلية فيه ولكن فى تحليل أسرار جماهيرية الخطاب الإسلامى فى الوقت الراهن.