القاهرة 10 مايو 2018 الساعة 07:04 م
مغامرات فتاة مصرية علي الأراضي الأمريكية
منى لملوم
لم يصدق أهل سان أنطونيو هذا المشهد العظيم أن الثلوج تتساقط علي المدينة لأول مرة منذ عشرين عاماً.
تجمع نزلاء الفندق في البهو مندهشين من روعة المنظر، فها هي الأشجار تكسوها الثلوج، والسيارات المتوقفة تتحول جميعها مهما كان لونها إلي اللون الأبيض.
( ما تجريش أحسن تقعى ) سمعتها بالإنجليزي وأنا أنطلق تحت الثلج ورافق الكلمات نظرات تقول: إحذرى البرد، كيف أحذره وأنا أتمنى أن أحتضن كل نقطة منه؟، وعلي رأسي قبعة من الموهير وأرتدى معطفى المطعم بالفرو وألف حول عنقى الكوفية الصوف، وبيدى ألبس القفاز، أما قدمى فلم أنسها بحذاء من الشامواة مع شراب قطيفة مطعم هو الآخر بالفرو، ماذا أفعل لحماية نفسى من البرد أكثر من ذلك؟، بالتأكيد لا شيء، هنا لم أستمع لكلامهم فأنا أتقن خطواتى وأجرى بسكينة ولا يمكن أن يصيبنى الشتاء بضرر فهو حبيبى وهو يعلم ذلك.
انطلقت بالفعل من أمام إحدي بوابات الفندق وكانت من أمتع لحظات حياتى، فالثلج لا يسقط ببلادى بهذا الشكل الرائع، وأنا كائن شتوى للغاية، ولم يفتنى تسجيل تلك اللحظة الهامة فطلبت من أحد الوقوف لالتقاط صور لى، ولكن مهلا فالصور وحدها ليست كافية، إن مقطع فيديو قصير سيكون أروع وأكثر تعبيرا عن اللحظة، ومع اقتراب فصل الصيف ببلادى وارتفاع درجة الحرارة أصبحت أشاهده كلما اشتقت للشتاء.
وقبل سقوط الجليد بسان أنطونيو وأثناء رحلتى إليها، سقط جليد آخر على عالمنا العربى ، فقبل أن تحلق الطائرة من كليفلاند بأوهايو إلي سان أنطونيو وقع الخبر على رؤوسنا كالصاعقة ( ترامب يقرر نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ) .
لأكتب في نفس اللحظة بوست علي الفيس بوك وأنا أتابع على شاشة الطائرة أمامي صدى الخبر، قلت فيه: ( بعد مرور 100 عام علي وعد بلفور وعد جديد من ترامب بنقل السفارة ) وانطلقت الطائرة ولم يتم نشر البوست إلا بعد وصولى إلى الفندق.. لأبدأ تصفح ردود الفعل عبر صفحتى وصفحات الأصدقاء.
وإن كانت صفحات التواصل في عالمنا العربى أدلت بدلوها في رفض القرار، فكيف أكون هنا ولا أدلو بدلوى أنا الأخرى، فها أنا هنا في مدينة رائعة من مدن تكساس وهي الولاية الأكثر تأييدا لترامب حسب ما علمت، ولكن الحق حق، والأسلوب المهذب في الحوار يفتح العقول والقلوب معا، ولتكن لحظة سقوط الجليد اللحظة المناسبة، وكما اجتمعت البشر على حب كل جميل فلتجتمع علي حب الحق وأصحابه، فانتهزت الفرصة لأتحاور مع بعض الحضور، الذين استمعوا إلي حوارى باهتمام وفوجئت أنهم أيدوا ما أقول.
لم أكن وحدى، كان هناك ذلك الشاب الرائع الذي لا أعرفه ولم تتح لى الفرصة أن أعرفه، لقد كان يناقش عددا كبيرا حول القضية الفلسطينية و كيف أن القدس عاصمة فلسطين وأنها لكل الأديان، كان متحمسا، يتحدث بلغة جسد رائعة كل جزء بكيانه يحكى مع لسانه، نسى الناس حوله سبب خروجهم ووقوفهم في هذا الجو البارد فقد ملأ حديثه نفوسهم غضبا ورفضا للقرار.
ولتتخيلوا معي المشهد شاب وشابة يتحدثان عن قضية فلسطين والقدس وسط أشد الناس تعصبا لقرارات ترامب ويلفتان الأنظار إليهما وتنصت الآذان باهتمام وتتقبل العقول الطرح والأدلة.
وهذا الأمر يدل على أمرين، أولهما أن الشعب الأمريكي ديمقراطى التفكير يحترم الرأى الآخر، ويدل علي أننا مقصرين في توصيل الحقائق إليهم.
وتبقي في النهاية حقيقة هامة، هي أن سان أنطونيو كانت ترحب بى وتعوضنى عن كل توقعات الأرصاد الجوية التي لم تصدق لديهم في الولايات السابقة، حيث كان متوقعا سقوط الأمطار في كل ولاية إلا أنه لم يحدث، فقالت لي سان انطونيو ذات النكهة المكسيكية، عزيزتى لن أسقط لك مطرا بل ثلجا فأنا أعلم حبك للثلج ولأميرة بياض الثلج، فاتركى لى أمر الثلج واحرصى أن تكونى أميرة الليلة.