القاهرة 24 ابريل 2018 الساعة 09:18 ص
حاورها ـ أحمد مصطفى الغـر
ناهد إسماعيل: أعمالي تعتمد علي الخيال المطلق الناتج عن خيالات مختزنة من الماضي
ناهد إسماعيل: أجد متعة كبيرة في التعامل مع اللون بأصابعي حيث أكون أكثر قرباً من ملمس اللوحة !
يقول الفنان الفرنسي ماتيس أن "وظيفة الفنان ليس أن يرسم ما يراه ،ولكن أن يعبر عن الدهشة التي يسببها ما يراه، وينجح في التعبيرعنها بقوة"، وضيفتنا لهذا الأسبوع قد نجحت في التعبير بفنّها عن كل ما وقعت عليه عينيها، أو تفتحت مخيلتها عليه، فنقلته بإبداع إلى لوحاتها، لتحمل لوحاتها حكايات وحكايات، وبالرغم من صمت اللوحات، إلا انها كانت تضج بالحياة، إنها الفنانة التشكيلية "ناهد إسماعيل"، التي التقتها "مصر المحروسة" وكان لنا هذا الحوار.
درستِ في مجال العلوم، ثم انتقلتِ إلى عالم الفن والألوان، حدثينا كيف بدأت رحلتك مع الفن التشكيلي؟
رحلتي مع الفن التشكيلي بدأت منذ الصغر، حيث تشكلت الموهبة واستمرت الي المرحلة الجامعية، حيث بدأت مرحلة جديدة من الممارسة، وعرض أعمالي من خلال النشاط الفني التابع لجامعتي
بالمنصورة، وحصلت علي الجائزة التشجيعية علي مستوي الجمهورية في مجال الزخرفة والإعلان، والمركز الأول علي جامعة المنصورة لمدة 4 سنوات وكان ذلك بمثابة حافز كبير للإستمرارية، ودراسة أكثر عمقاً للفن التشكيلي، فراسلت جامعة ICS ببنسلفانيا بالولايات المتحدة الأمريكية وحصلت علي دبلومة الـ"ماستر آرت" حيث درست جميع مجالات الفنون التشكيلية من رسم وتصوير وجرافيك، وأقمت أول معارضي الشخصية "من وحي الطبيعة" في 2002م، ثم أقمت بعدها 4 معارض شخصية في المنصورة والأسكندرية وشاركت في أكثر من 50 معرضا جماعيا محليا ودوليا، منهم معرض صورة العالم الدائم بإيطاليا، وأجهز حالياً لمعرضي الشخصي السادس.
إلى أي مدرسة فنية تتجه أعمالك، أم أنك لا تحبين التقيد بالمدارس الفنية؟
لا أحب التقيد بمدرسة فنية واحدة، فأعمالي أحيانا تكون سريالية، وأحيانا أخري واقعية وتجريدية رمزية في بعض الأحيان.
هل هناك خط أساسي يربط بين مختلف مضامين لوحاتك؟
أعمالي تعتمد علي الخيال المطلق الناتج عن خيالات مختزنة من الماضي أو رؤي مستقبلية تكون سريالية التكوين، فهي تمزج بين الواقع والخيال في صراع مستمر ولا نهائي وتحاور مطلق بين مكنونات غامضة بداخلي يسفر عنها ذلك الضوء الخافت المنبعث من أعماق اللوحة، فيزيد المتلقي حيرة من تلك الأفكار المعنوية التي تنبع من خواطري البعيدة عن مادية الواقع.
هل نعاني من أزمة نقد فني جاد وحقيقي، أم نحن بالأساس نعاني من نقص في الأعمال الفنية التي تستحق النقد؟
النقد الفني يحتاج إلي دراسة متخصصة ومتعمقة من الناقد ويجب أن يكون دارساً لكل المدارس الفنية وعلي دراية كاملة بتاريخ الفن، وما يطرأ عليه من حداثة في العصور المختلفة، أما عن الأعمال الفنية فهناك دائما أعمال جيدة ومتميزة وتحمل مضمون يستحق النقد الفني والتحليل التشكيلي، وهناك الأعمال التي لا تحمل أي مضمون تشكيلي وهي لاتحتوي على أية مفردات تشكيلية لتكون لوحة متكاملة تستحق النقد، وعلي الناقد الناجح التمييز بين الأعمال الجيدة من غيرها ونحن بالفعل نعاني من قلة النقاد التشكيليين في الفترة الحالية حيث تنتشر المجاملات علي حساب النقد الفني البناء.
ألا ترين أن الفن التشكيلي يعاني نوعاً من العزلة في مصر؟، وعموما .. ما هو السبيل لمحو أمية العين وتشجيع الناس على الإقبال على الأنشطة
التشكيلية؟
نعم، الفن التشكيلي يعاني من العزلة في مصر، ولا يلقى نفس الاهتمام من الدولة مثل باقي الفنون الأخري، ولكن يمكن أن نبرر ذلك أن هناك أنواع من الفنون تحتاج الي دراسة أكثر ونوع من الفلسفات يصعب فهمها علي المواطن العادي الأقل ثقافة، حيث أن التمثيل والغناء هما الأقرب للوصول للطبقات المثقفة والغير مثقفة، لأن هذه الفنون لها لغة تواصل مع الشعوب أكثر، لذلك أنا أري أن هذه مسئوليتنا كفنانين تشكيليين، أن نصل بلغتنا الي المواطن العادي البسيط، ويكون بيننا لغة تواصل مشتركة، بحيث يكون العمل الفني يحمل مفردات بسيطة وممتعة في نفس الوقت، وليست مبهمة مرهقة في فهمها وننتقل بالمعارض خارج قاعات العرض المغلقة، فيتم عرضها في النوادي والميادين والكافيهات وسط الجمهور، فيتواصل معها بسهولة، ويسعي الي اقتنائها والاستمتاع بها مما يؤثر بالإيجاب في الرقي بأخلاقياتنا وسلوكياتنا.
الفن للإنسانية جمعاء، لا فرق بين عربي وأجنبي في هذا الشأن ،واللوحات لا تحتاج إلى ترجمة لفهمها، لكن التساؤل عمّا يميز العمل الفني .. أصالته أم حداثته؟
الذي يميز العمل الفني هو مضمونه ومفرداته والفكرة والتكوين، وان يعبر عن عادات وتقاليد المجتمع وحضارته، ويجمع بين الأصالة والحداثة في الفكر، بما يواكب تطورات العصر، بحيث نراعي عدم الإفراط في الحداثة حتي لايفرغ العمل الفني من مضمونه، ومن ناحية أخري فإن الحداثة لا تعيب العمل الفني طالما لاتفرغه من مضمونه وتحافظ علي مفرداته، نظراً لوجود وسائل كثيرة للحداثة تظهر العمل الفني وتزيده إبداعاً وابتكاراً، كالفيديو والعمل الفني التركيبي والكولاج وغيرها من الوسائل التي تثقل العمل الفني وتعلي من قيمته الفنية.
كيف تبحثين عن موضوعات رسوماتك ، أم انها تلقائية وتأتي وحدها؟
موضوعات لوحاتي استمدها من قضايا مجتمعية واقعية تمس داخلي أحلام وأمنيات تتشكل وتتبلور لإحساسات فلسفية ومرتقيات روحية تظهر علي سطح الوحة علي شكل ألوان وظلال وأفكار، وأحيانا أخري استمدها من الطبيعة، ولكن أحولها الي تكوينات جردتها من شكلها الأساسي إلي تكوينات خاصة بما يخدم العمل الفني الذي يعبر عن أفكاري وأحاسيسي.
حدثينا عن علاقتك بالألوان و أيّ الألوان الأقرب إلى قلبك؟
اللون هو بالنسبة لي الأداة الأساسية التي استخدمها في إبراز المغزي من العمل الفني ومدلولاته .لتجد طريقها إلي المتلقي بمنتهي السهولة، وأجد متعة كبيرة في التعامل مع اللون بأصابعي حيث أكون أكثر قرباً من ملمس اللوحة، ولي باليتتي الخاصة واكثر ما يميزها اللون الأزرق الكوبلت والأحمر الكرزميوم والأبيض وهي أقرب الألوان إلي قلبي .
ختاماً، ماذا يعني لـ"ناهد إسماعيل" أن تنجز لوحة ؟
أثناء إنجازي للوحة أشعر بقمة المتعة مع التعامل مع الألوان، والشوق لكل تطور لكل جزء باللوحة، لأنني لا أعرف إلي أين ستأخذني الأفكار والألوان، ولحظة إنجاز يعني انني سأفارقها وأنتقل الي لوحة أخري، أتعايش معها لفترة أخري إلي أن تنتهي وأظل أتأمل لوحاتي التي انجزتها لفترات طويلة وكأنها أشخاص مؤثرة في حياتي وتمدني بأفكار جديدة لإنجاز غيرها من اللوحات.