القاهرة 19 مارس 2018 الساعة 03:35 م
كتب/ محمد زين العابدين
إستكمالاً للخط الذي انتهجه نادي الجسرة الثقافي في إصداراته التي يهدف بها إلى فتح طاقة للتنوير،ومد جسر للتواصل الثقافي العربي،أطلق النادي أحدث أعداد مجلته الفصلية"التشكيلي" لربيع 2018،والذي يحمل رقم 14، بعد أن تم إحداث تجديد كلي في قَطع المجلة وإخراجها وتبويبها.
وفي افتتاحية هذا العدد يوضح الكاتب إبراهيم خليل الجيدة، رئيس مجلس إدارة نادي الجسرة الثقافي الأسباب التي دعته للإقدام على هذا التطوير،ويحدد فلسفة المجلة في شكلها الجديد،وذلك في بابه الثابت"أول طلَّة"،وتحت عنوان"نَحنُ ننشدُ الأفضلْ"حيث يقول: إننا في "نادي الجسرة الثقافي"العريق ننشد الأفضل،ونهدف للارتقاء بالوجدان،وتنوير العقول العربية،ونؤمن بضرورة مسايرة روح العصر حتى لا نتخلف عنه، في الوقت ذاته الذي لا ننسى فيه التمسك بجذورنا الضاربة في العمق كالنخيل.
لذلك كله فاجأنا القارئ العربي قبل عام بطفرة في أعرق مجلاتنا"الجسرة الثقافية"،لمسها في هذه النقلة المحسوبة بدقة متناهية في كُلٍّ مِنْ:محتواها البصري والفكري اللذين يلبيان توجهها،ويحققان سياستها الرامية إلى التعرف على الآخر على حقيقته، وتقديم الشخصية العربية إليه دون"رتوش".
واليوم نفاجئ قارئ"التشكيلي" بهذه النقلة التي تبدو أمامه،سواء على مستوى الشكل أوالمضمون،فقد تفاعلنا على الفور مع الفكرة الجريئة التي طرحها علينا فنان التصميم الصحفي"حاتم محمود"، تلك التي تعتمد على تقديم مجلة تشكيل تتناغم مع ما ألفته العين البشرية وهي تتطلع للأشياء وفق هذه النسبة التي تحققها مجلة "التشكيلي"من خلال قطعها الجديد،الذي يكون فيه الإرتفاع أقل من العرض،وهي النسبة ذاتها التي تحكم أبعاد شاشة العرض السينمائي،أو شاشة التليفزيون،أو كادر الكاميرا،وقبلها جميعاً،الفتحة التي تنفرج عنها ستارة المسرح،أو ما يُعرف عند البعض بالحائط الرابع.
ونحن نُجَرِّب معكم تقديم مجلة للفنون التشكيلية أو البصرية وفق هذا المنظور غير المألوف في عالم الصحافة الثقافية، لأننا لن نتجاوز أنفسنا إلا إذا كنا نؤمن بأهمية البحث والتجريب، ودعونا نرى النتائج معاً.
أما من حيث التبويب الجديد للمجلة،وصياغتها ومحتواها،فقد سعينا من خلالها للخروج عن جمود الكتابة المُغرِقَة في الغموض،المكتنزة بالمصطلحات،وكأننا نتوجه إلى حجرة ضيقة لا يوجد داخلها سوى مَنْ هُمْ في أعلى قمة التخصص،لذلك سعينا في تجربتنا التي نطرحها عليكم اليوم إلى أن نأخذ بيد قارئنا الراغب في ارتياد عوالم الفن والإبداع، إلى حيث زخم"الأتيليهات"،و"الجاليريهات"، والمتاحف الفنية لنكون دليلاً هادياً له في دنيا الإبداع والتجديد والتأصيل أيضاً، ليصل إلى مكامن البهاء في عالمه الذي يمكن أن يكون جميلاً لو امتلك هو شفرة الولوج إليه.
ولن يفوتني أن أشير إلى ملف العدد الذي رأينا تخصيصه لتحية رسام عربي صاحب بصمة واضحة في تاريخ الفن العالمي المعاصر..وأقصد به "محمود سعيد"،وأشير كذلك إلى ملف آخر نقدم فيه عوالم ثلاث فنانات تشكيليات عربيات من: مصر وفلسطين والأردن،ومقال عن "جاسم الزيني"الذي يُعتبر أحد الآباء المؤسسين للتشكيل في قطر،واستطلاع حول بورصة الفن التشكيلي في مصر،وجولة في المتاحف بمناسبة يومها الذي تحتفل الدنيا كلها به بعد أسابيع،وإطلالة على أعرق أتيليه للفنانين والكتاب في وطننا العربي،وحوار مع التشكيلي والناقد عز الدين نجيب المهتم بضرورة الإنتباه للحفاظ على الأصالة بصون الحِرَفِ التقليدية.