القاهرة 15 مارس 2018 الساعة 11:27 ص
أكرم مصطفى
يقيم المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي حفل توقيع لروايتي (جانو أنت حكايتي) يوم الجمعة المصادف 16-3 في الساعة 11 صباحاً.. قاعة نازك الملائكة. الطابق الثاني لبناية المركز الثقافي في شارع المتنبي.
الجدير بالذكر أن رواية "جانو أنت حكايتي " تتحدث عن الفتى الوسيم هاني الذي تشوه وجهه خلال الحرب الأمريكية على العراق، وكانت نقطة تفتيش أمريكية هي السبب فيما حدث لوجهه من حروق بعد أحداث الفلوجة عام 2004.. يعود هاني من رحلة العلاج ليلتقي بجانو التي نظرت إليه كروح، واستدعت من هذه الروح جماله القديم . أصبحا داخل روح واحدة بلا بداية ولا نهاية.
تدور أحداث الرواية، سواء الحرب الأميركية 2003، أو الحرب الأهلية 2006 – 2007، وعليه كان إطارها المعجمي: حصار، ودمار، وممرّات آمنة وأخرى غير آمنة، وتكرار لمشهد القتل المؤثّر: بدايةً مع الوالدة التي قُتِلَت على حاجز للجيش الأميركي، وانتهاءً بالحبيبة جنان أو "جانو" في ظروف مماثلة حقيقةً أم تخيّلاً. ولم يكن مشهد قتل الأخت الصغيرة لهاني دهساً بسيارة والدها، عن غير قصد، أقل وقعًا على نفس القارىء.
وبين هذه الحادثة وتلك، قصص حب وهجرة. قصص صداقة وجيرة. لم تفلح جميعها في نقل القارئ إلى بر الأمان، حيث يتمكّن من التأّكّد من زمن الرواية ومكانها. هل هو بعد انتهاء المصوّرة الأميركية ريتا سمارت من تصوير الفيلم عن هاني؟ أم خلاله؟ هل هاني في العراق؟ أم تراه في أميركا، نجا بنفسه كما نصحته جارته "تمام"، ويستعرض الذكريات صفحات؟ هل ماتت جنان أم أصيبَت؟ ليس من السهل مسك خيوط الرواية وتقنياتها الأدبية المتعارَف عليها، وليس من السهل أن يكون السرد مستقرًا في ظل الأوضاع الأمنيّة المهتزّة. ربّما يعود هذا التيه إلى رغبة القارئ في معرفة المزيد عن مصير الشخصيات، أو قد نكون دخلنا دوامة حرب العراقيين، وبتنا مثلهم نبحث عن مخرج إلى الضوء، إلى الغد، إلى ما يجيب عن أسئلتنا.
الجميع كان ينتظر، بمَن فيهم القارئ. حبكة متميزة للروائيّة ميسلون، تحكّمت بعناصر الرواية على اختلافها، ولّدت لدى القارئ الرغبة في أن يعرف المزيد، وأدخلته الحال التي يشعر بها أبطالها، من تيه وخوف، محرّكة عقارب الزمان: المستقبل والحاضر والماضي، بحرفيّة عالية. فالزمان هو زمان العراق، سواء في العراق أو في لندن أو في أميركا، خاصة مع والد هاني الذي تبقى ساعته تعمل وفقا لتوقيت بغداد. والمكان هو العراق، هنا وهناك، وأينما حلّ عراقيّ. كذلك الراوي لم يثبت على شخص أو حال، فهاني الذي يمثّل وجهه العراق، بلد جميل شوّهته الحرب، ولم تفلح أبرز المستشفيات الأميركية في إصلاح ما أفسدته حروبها. فتحوّل وجهه إلى مجموع رقعات تثبت فشل الحرب وفشل (التصحيح) من أساسه. فعاد هاني من أميركا إلى العراق مشوّها، وكذلك عادت جنان أو جانو من لندن، بحثًا عن وطن كانت غادرته بعد خسارتها لخطيبها وحبيبها علي في الحرب. وخسرا حبّهما، قبل أن يُترجَم، ذلك الحب الصادق الصافي الجميل عملياً.
حرب لم تقتصر على العراق، بل سبقه إليها لبنان، ومن بعده سوريا. من هنا، أنّ للسياسة السيطرة العامة على كل المجريات: الحرب، التهجير، التشتّت، وهي تبرهن على انعدام إمكانيّة تطبيع الحياة مع هذا الواقع، خاصّة مع وجوه الشخصيّات الجادة والرسمية التي نقابلها في الرواية. وهذا أمر خطير، يدعونا للتنبّه لما آلت إليه ملامحنا المتبقيّة منّا. وهي تتناسب مع هذا الحدث بأي حال.