القاهرة 23 يناير 2018 الساعة 09:11 ص
: كتبت
منى لملوم
لم أذهب إلى المطار في حياتي لا من أجل السفر ولا حتى استقبال أو توديع مسافر، هذا المطار بالنسبة لي أرض محايدة بين وطني وكل بلاد العالم، ولكن في مطار القاهرة الشعور مختلف، فأنا ما زلت في مصر وما زالت تلك الوجوه المبتسمة والأيدي التي تمتد لك بالمساعدة في حمل الحقائب دون طلب منك، وكان السؤال المُلِح..
هل سأجد مثل تلك الوجوه في الغربة؟
لم أكن أتخيل ما حدث ورأيت في رحلتي، والذي سأحكيه تفصيلا وبصورة ربما تدهش من لم يغادروا مصر، وسأحاول أن أنقل لكم الصورة وكأنكم كنتم معي في الحدث.
ولكن دعونا نكمل من المطار أولا، ثم نبدأ رحلة الحكي والتحليل والمتعة.
بعد إتمام كل الإجراءات وحين وصلت إلى الطائرة لم أفهم شعوري حينها، كأن قلبي يرفض الرحيل من هنا ويريد أن يقول لي ارحلي ودعيني أنا هنا، شيء ما في هذه البلد يربطك بها كالحبل السري بين الأم والجنين، تماسكت وطلبت من قلبي أن يهدأ فليس أمامنا خيار، نحن على متن الطائرة ولدينا شغف برحلة لأول مرة خارج الحدود المكانية والزمانية والشعورية للوطن.
لم يكن أمامه إلا الاستجابة لي فقد كانت ثقته بي دائما أكبر من ثقتي به، ربطت حزام الأمان، وبدأت الطائرة في التحرك، شغلت نفسي بأنني بعد دقائق سأكون بين السحب ،
وكم تهوى النفس العلو والرفعة، وبين السحاب بحثت عن شيء يربطني بالأرض فلم أجد إلا
صوت فريد الأطرش على شاشة الطائرة لأستمع إلى أعذب أغانيه التي أبدعها خاصة (
حبينا، زينه زينه)
فزال أي شعور بالوحشة وإذا بي أسمع من تتحدثان باللهجة المصرية خلفي، فالتفت إليهما فإذا بي أعرفهما وقد تقابلنا بالقاهرة قبل السفر وعرفت منهما أننا سنكون على نفس الرحلة، فهدأت النفس تماما وكاد القلب يرقص فرحا، رحلة إلى أمريكا يسبقها ترانزيت لمدة
8ساعات كاملة فما أجمل الصحبة
في مطار باريس لا تصدق من يقولون أنك لن تشعر بالملل مهما طالت فترة انتظارك،
فالحقيقة أنه بالفعل مطار ساحر ومبهر ومليء بأهم الماركات العالمية لمن يريد التسوق والأسعار باليورو بالطبع،
ولكن حتى وإن رغبت بالتسوق فلن تظل تتسوق8
ساعات لأنك لو تملك المال، فلن تملك المساحة في الحقيبة لأنك مقيد بوزن محدد، أما إن كنت تنوي التسوق من أمريكا فلا داعي للتسوق من مطار باريس كما كان الحال معي، فلم يتبق سوى الألعاب المجانية التي أخبروني أنها تملأ المطار، بحثت فلم أجد سوى لعبتين، تزهد فيهما بعد دقائق لتبحث عن أقرب منامة لتنام عليها خاصة مع طول فترة الترانزيت.
وقبل مغادرة مطار باريس فيجب أن أشير إلى التفتيش هناك، لأنك ببساطة ستجد من يحوم حولك من بعيد يرى ويتفحص سلوكك منتظرا أي شيء مريب، حتى وإن لم يجد فربما وبنسبة كبيرة لأنك عربي أو مسلم لا أدري فأنا كلاهما، سيخرجك من الصف ويدخلك مع آخرين مكانا بعيدا عن الزحام لتقوم بعض العاملات بالمطار بفحصك فحصا خاصا، سيتم فحصك مع حقيبتك.
لا تستغرب حين ترى شريطا يتم وضعه على يدك ظاهرها وباطنها، ثم يمرر في حقيبتك ثم يوضع على جهاز فحص، هذا الجهاز يحمل براءتك الأكيدة من الشك والريبة، لم أحب الموقف رغم أنه كان معي جنسيات أخرى وربما ديانات، ولكن لأن كثيرا ممن كانوا حولي كانوا أيضا مسلمين عربًا ساءني الموقف كثيرا، وشعرت برغبة في البكاء أو الصراخ فيهم، وسؤالهم هل هذا ما يتم معكم حينما تأتوا لزيارة بلادنا، ورغم تفهمي لحرص الناس الشديد على أمن المسافرين إلا أنني لم أتفهم اختباري المتكرر في أغلب المطارات!
وللمطارات حكايات أخرى ولكن حان موعد الرحلة والتي ستستغرق حوالي10 ساعات
سأبحث عن فريد ولعلني أجده لأجد فيه مواساة لشعور بالغربة قد بدأ