مؤتمر أدباء مصر..كلاكيت تاني مرة
أمل جمال
قرأت مقالا للعزيز الدكتور رمضان سيف الدين ، عن مؤتمر أدباء مصر. الذي أقيم في شرم الشيخ منتصف الشهر الماضي أنتقد فيه غياب الموائد المستديرة , وضحالة التفاعلية بين الأدباء و بعضهم، وغيرها من أمور قد نتفق عليها أو نختلف في مساحة لا تفسد قضية الود ولا تتعارض مع ضرورة وجود رؤى متعددة تقود الثقافة المصرية إلى مستقبل أفضل. وهو ما دفعني للكتابة عن المائدة المستديرة التي خصصت لتنمية المواهب في جنوب سيناء و التي شاركت فيها أنا و زميلات فضليات .تلك المائدة التي خرجنا فيها إلى أرض الواقع ذهبنا إلى المدارس. التقينا الموهوبين. تعرفوا على تجاربنا ككاتبات و رسامات و تعرفنا نحن على أحلامهم في الكتابة و الرسم و الإلقاء. فكانت أشبه بحلقات درس مصغرة رائعة بقيادة تنظيمية للكاتبة صفاء عبد المنعم لن أسهب في وصف ما حدث لكني سأركز على طاقة العمل و إيجابية المشاركات التي جعلتنا نقترح عمل ورشات فعلية. قسمنا أنفسنا إلى مجموعات عمل في مدارس مختلفة. بل و في نفس المدرسة أيضا. كنت مع مجموعتنا في مدرسة جيل أكتوبر حددنا هدفنا و كونَّا مجموعات عمل مع الطلاب و المدرسين .
ناقشنا أهمية رعاية الموهوبين و ضرورة البحث عنهم والتقاطهم من بين الطلاب لرعايتهم بشكل خاص، فدور المعلم لا يقتصر فقط على نقل المحتوى التعليمي لمادة تخصصه . استمعنا أيضا إلى تجارب الطلاب و أجبنا على أسئلتهم و قمنا بتوجيههم و بعد انتهاء الورشات اجتمعنا في جلسة المائدة المستديرة وهي الفعالية الأساسية التي دعينا بصددها للمؤتمر و ليست ورشات العمل. و الحمد لله أشاد بها الجميع. وكانت أشبه ما يكون بمؤتمر مصغر داخل المؤتمر الكبير. هناك فعلا من يعملون و هناك من يبدعون فيما يقومون به من عمل لأن روحا من العطاء هي ما تحركهم ضمن إطار كبير من المحبة و العطاء لهذا الوطن. هذا فيما يتعلق بمائدتنا و هي واحدة من الفعاليات التي لست بصدد الدفاع عنها أكثر من كونها إشارة إلى الجيد الذي رأيته و شاركت فيه و لم تنفصل عن سياق عنوان المؤتمر.
كان هناك أيضا ضمن محور التعليم و التلقي الأدبي، دراسة مناهج التعليم في مصر للدكتور محمود الضبع بكلية التربية في مدينة الطور و ليست في مدينة شرم الشيخ و التي انتقد فيها السلبيات التي تتعلق بالخطاب الأدبي في المناهج الدراسية في مختلف المراحل الدراسية من فنون أدبية و فنون مسرحية و هي ما يشكل وجدان الأطفال و الشباب و يرتقى بالاحساس و يطرد الأفكار الخبيثة عن عقولهم. و هذه أيضا لم تبعتد على فحوى العنوان العام للمؤتمر جاءت أيضا ندوة الموروث الشفاهي بالكثير و الكثير و كانت أشبه بغرفة جراحة لما حدث للهوية المصرية من إنحراف أو تجريف حسبما يروقلي وصفي لها بذلك.
نكأت النقاشات فيها جراحا وكشفت بشجاعة عفنا اجتماعيا استشرى طويلا و أضاءت غرفة مظلمة بين الشعبي الفطري سليم الطوية و الهوية والمستورد من ثقافات منغلقة و سوء استخدام المجتمع للسلطة الدينية في التعامل بين الأفراد و بعضهم في المجتمع كمتغيرات لها مردودها الدال. كان بطل المناقشة بلا جدال هو الدكتور صلاح الراوي و غيره من عشاق مصرالذين تألقوا في السجال لدرجة جعلت صوت المداخلات أعلى من صوت المنصة و هذه جدلية نجاح و حراك أدبي واجتماعي أيضا. أما فيما يتعلق بعدم حضور الندوات من البعض فنتفق جميعا أنها أصبح آفة المؤتمرات،و سلبية لا ينكرها منصف. و لعل ما يجعلها أكثر وضوحا و تأثيرا هو عقد الندوات بالتوازي . و هو الأمر الذي يجعل الأدباء موزعين على أماكن مختلفة فيقل عدد الحضور ومع غياب البعض تتعرى الندوات.
أما مقترح إنعقاد المؤتمر في جميع المحافظات في نفس الوقت فأعتقد أن هناك مؤتمر اليوم الواحد و مؤتمر الإقليم الذي يرتكز على محاور و أجندة ثقافية خاصة بالإقليم ذاته،و لو حدث و طبقنا المؤتمر بالتوازي في جميع المحافظات فلن يسمع الأدباء إلا أنفسهم فقط و لن ينفتحوا على تجارب أقاليم مغايرة لها خصوصيتها إلا بجهدهم الخاص في القراءة و السعي مثل ثقافة البادية التي نوقشت في هذا المؤتمر أو البيئة الساحلية في مناطق أخرى, أو الصعيد مثلا. لعل بعضا مما يغضب الدكتور مجدي يغضبني و أقدره و فعلا هناك هدر كبير في الوقت و الطاقات. ولا أحد من الضيوف أو المشاركين يقرأ الأبحاث قبل وصوله إلى مكان المؤتمر وقبل بدء الفعاليات. كما أن اختيار الأدباء يأتي كترشيح من نوادي الأدب و هو ما قد يحجب بعض الأدباء المتحققين الذين لا يحضرون جلسات النادي حسب ظني –أنا لست جيدة في أمر اللوائح - أو يحجب بعض شباب الأدباء.
إنني لا أنكر السلبيات ولا أتعصب لفكرة، لكني أرى أن استمرار هذا المؤتمر ضرورة . فهو و إن كان كالضوء الضعيف في رأي البعض و لهم كامل الاحترام. إلا أنه يكشف الطريق ، و ينضم إلى أضواء موجودة بالفعل بالجوار.