القاهرة 13 ديسمبر 2017 الساعة 01:58 ص
علي عطا :
ـ مواقع التواصل الاجتماعي انتفت عنها صفة الافتراضية، وأصبحت ساحة إنسانية للنقاش والجدل، والإبداع.
ـ التجربة التي قضاها السارد في مصحة لعلاج الأمراض النفسية، لا تستوعب القصيدة زخمها وتفاصيلها التي تستدعي التنقل بين أزمنة وأماكن عدة.
ـ ما حدث في 25 يناير ثورة، والثورة لا تزال ضرورة؛ نحتاج لثورة لننهض من كبوات كثيرة على مختلف الأصعدة السساسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية.
حاورته سعاد سعيد نوح
شاعر و روائي، أصدر ثلاثة دواوين شعرية هي" على سبيل التمويه" الذي صدر عام 2003 عام ثم "ظهرها للحائط" الذي صدر عام 2007، و" تمارين لاصطياد فريسة " الذي صدر عام 2013 ، قدم تجربة شعرية مميزة ودالة في مسيرة قصيدة النثر المصرية، ثم أخيرا أصدر روايته الأولى " حافة الكوثر" التي صدرت عن الدار المصرية اللبنانية 2017، وقد أثارت هذه الرواية اهتمام القراء والنقاد، فكتب عنها العديد من المقالات النقدية والمتابعات الصحفية، وعقدت لها الكثير من الندوات والمناقشات. وقد توجهت مصر المحروسة إليه في هذا الحوار، ليتعرف القراء عن هذه الرواية التي أثارت العديد من الأسئلة عن الأدب وعلاقته بالحياة، وعن العلاقة الملتبسة بين السيرة الذاتية والرواية.
*بعد ثلاثة دواوين؛ اتجهت إلى كتابة الرواية.. ما سر هذا التحول؟
-أجبتُ عن هذا السؤال من قبل في حوارات سابقة، وبالتالي أجد أن لا مفر من تكرار الإجابة: عن نفسي، اقتحمتني الرغبة في كتابة رواية "حافة الكوثر"، بعد أن أدركت أن القصيدة لا يمكنها في حالتي استيعاب تلك التجربة التي يمكن تلمس شذرات منها في دواويني الثلاثة: "على سبيل التمويه، "ظهرها إلى الحائط"، و"تمارين لاصطياد فريسة". وهكذا يمكن القول إن التجربة المتكئة أصلا على أيام قضاها السارد في مصحة لعلاج الأمراض النفسية، لم يكن من المناسب أن تستوعب القصيدة زخمها وتفاصيلها التي تستدعي التنقل بين أزمنة وأماكن عدة وسط شخصيات متخيلة وأخرى لها ظلال في الواقع، ومن هنا جاءت الرواية.
*من يقرأ روايتك "حافة الكوثر" يكتشف أنه تركز على مرضى نفسيين، فهل في هذا إشارة إلى قبح الواقع؟
-طبيعي أن يكون نزلاء مصحة نفسية مرضى نفسيين، وهؤلاء موجودون، سواء كان الواقع جميلا أو قبيحا، مع الأخذ في الاعتبار أن من الخطأ القول بأن هناك واقعا قبيحا، وآخر غير قبيح. الواقع هو الواقع، ويتجاور فيه القبح مع الجمال. والمرض النفسي هو أمر حتمي في أي مجتمع إنساني. حتى الحيوانات والطيور والنباتات والزهور والبحار والأنهار.. الخ؛ تمرض نفسيا. هذا ما أرادت الرواية أن تنبه إليه، وهو أمر تؤكده منظمة الصحة العالمية التي تفيد بياناتها بأن الاكتئاب وهو أكثر الأمراض النفسية انتشارا؛ يصيب ما لا يقل عن 10% من سكان أي بلد.
*روايتك تنتصر للثورة، فهل يتوافق ذلك مع ما مرت به مصر من تغيرات سياسية من يناير 2011 ؟
- لا شك عندي في أن ما حدث في مصر في 2011 هو ثورة. كانت هناك في السنوات التي سبقت ذلك العام مؤشرات كثيرة على حتمية وقوعها. شاهدنا جميعا حراك فئات عديدة في محيط مجلسي الشعب والوزراء بلافتات تعبر عن تعرضها لظلم فادح، وتنامت كذلك صور الاحتجاج على تردي الأوضاع واستشراء الفساد في أنحاء مختلفة في مصر. هذا أقوله تعبيرا عن إيماني بعفوية تنامي مسببات الثورة، ولا أنكر في الوقت ذاته احتمال استثمارها من قوى خارجية. حدثت الثورة ووجدها الجيش فرصة لوأد مشروع التوريث، فيما ركبت جماعة الإخوان الموجة بتواطؤ محسوب من جانب الدولة العميقة والمجلس الأعلى للقوات المسلحة، ومِن هنا أطلت الثورة المضادة برأسها وكتمت الأصوات المطالبة بالعيش والحرية والعدالة الإجتماعية. تلك التطورات وغيرها مما شهده بلدنا تؤكد أن الثورة كانت ولا تزال ضرورة لننهض من كبوات كثيرة على مختلف الأصعدة السساسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والتعليمية والصحية.
*هل يشير الصحفي حسين عبد الحميد في جزء من حياته إلى المؤلف الحقيقي أم هو شخصية متخيلة؟
-هو شخصية روائية، خضع أصلٌ لها في الواقع، للتخييل الذي هو في صلب أي عمل إبداعي.
*تحضر مواقع التواصل الاجتماعي في النص، فهل هذه سمة للكتابات الجديدة التي تستبدل الأماكن التقليدية بالأماكن الافتراضية؟
- مواقع التواصل الاجتماعي انتفت عنها صفة الافتراضية، بما أنها ساحة إنسانية للنقاش والجدل، وحتى التناحر، والإبداع، وهي بذلك تعد امتدادا طبيعيا لوسائل تواصل تقليدية، ومن ثم يكون حضورها في مختلف الأجناس الأدبية أمرا لا غرابة فيه.