القاهرة 12 ديسمبر 2017 الساعة 12:29 م
فى كل مكان وفى كل زاوية من الأرض إلى البحر إلى السماء ومن أصغر ميكروب يسبح فى قطرة مياه إلى أكبر كائن حى إلى أضخم مجرة،تفاجئنا الحياة بعجائبها وطرائفها المدهشة التى لا تنتهى والتى لا نملك معها إلا أن نقول سبحان الله..لله فى خلقهِ حِكَمْ!،والإنسان هو أكثر الكائنات إدهاشاً فى هذا الكون..فى هذه السلسلة نطوف معاً بدهشة الأطفال ونتأمل بين صور ملونة نختارها لكم من عالم الحياة المدهشة...
دودة الأرض : صديقة الفلاحين والصيادين
*تساعد على تهوية التربة وتزيد من خصوبتها
*تدخل فى تكوين العلائق الحيوانية
*يتراوح طولها بين 1 سم و 4 متر وتستطيع تجديد أجزائها المبتورة !
إذا نبشت فى الأرض وفوجئت بدودة رشيقة تسعى فى دأب ونشاط أو تلتف حول نفسها فى نفق خاص صنعته لنفسها فلا تحتقرها أو تنظر لها باشمئزاز! فحتى هذه الدودة الرهيفة جعل الله بها الكثير من الفوائد،إنها دودة الأرض Earth worm أكثر الديدان الحلقية انتشاراً فى الطبيعة والتى تسافر تحت التراب بتقليص جسمها وتمديده حيث يساعدها فى ذلك سائل مخاطى لزج تفرزه من جلدها أثناء تنقلها تحت التربة،وتشكل عملية تنقلها هذه مصدراً أساسياً لتهوية التربة وحرثها وبالتالى تساعد على تصريف الماء الزائد منها مما يجعلها أكثر خصوبة وجهوزية للزراعة.
ولذا فهى تعتبر صديقة للمزارع كما أنها عند حرثها وتحلل بقاياها فى التربة تضيف لها مادة عضوية غنية تزيد من خصوبتها ومن ثم فهى تفيد أصحاب المزارع العضوية الذين يعزفون عن استخدام الأسمدة الكيماوية فضلاً عن أنها تساعد على تحسين خواص التربة وتجميع حبيباتها.
ليست هذه هى كل فوائد دودة الأرض فحسب فهناك فوائد أخرى لها سواء بالنسبة للفلاحين أو الصيادين فبالنسبة للفلاحين ومربى الحيوانات فإن بعض أنواعها قليلة الأشواك تدخل فى تكوين العلائق الحيوانية أما بالنسبة للصيادين فهى وكما هو شائع عنها عند هواة الصيد تعتبر من أشهر الطعوم المستخدمة لصيد الأسماك،وكم من دودة صغيرة جلبت للصياد سمكة كبيرة !.
ولكن لأن لكل كائن حى أوجه النفع وبعض أوجه الضرر فإن لها بعض الأضرار أحياناً حيث إن لهذه الدودة العجيبة طبيعة خاصة فى تغذيتها فهى تعتمد أحياناً فى تغذيتها على ابتلاع كمية كبيرة من التربة وقذفها فوق سطحها مما يمكن أن يضر بأرض الملاعب الرياضية بشكل خاص لكثرة مقذوفات الدودة فوقها ولما يمكن لها أن تسببه من مطبات صغيرة فى بساطها الأخضر الممتد، لذا فإن تواجدها بأرض الملاعب غير محبب، ومن ثم فإن القائمين على صيانة الملاعب يغرقون أرضها من حين لآخر بالماء لخنق الدودة فيها، كما أن كثرة أعدادها بالتربة تزيد من كمية الأنفاق بها مما يؤدى إلى فقد كمية من مياه الرى.
أيضاً تعتبر دودة الأرض عائلاً هاماً لطفيل دودة الفم المفتوح الذى يصيب الطيور، وتعتمد نسبة تواجد ديدان الأرض بالتربة على نوع التربة ودرجات الحرارة والرطوبة والتهوية ونسبة تواجد المواد العضوية بها حيث تفضل دودة الأرض العيش فى الأرض الرطبة الغنية بالمواد العضوية وهى تعيش فى أنفاق عميقة مظلمة تبطنها الدودة بمادة مخاطية تفرزها غدد خاصة فى جلدها حيث لا يمكن لها تحمل أشعة الشمس الحارقة خلال الصيف لكنها تصعد إلى الطبقات العليا من التربة ليلاً كما أنها تغادر أنفاقها أثناء المطر، لذا يمكن اكتشاف الكثير منها فى الحديقة بعد فترة إمطار قصيرة، ونظراً لأنها تتنفس عن طريق جلدها فهى تفضل دائماً البقاء تحت التراب حيث الرطوبة فإذا جف جلدها فإنها تختنق وتموت والتربة المثالية لها هى الأراضى المغطاة بالحشائش والمراعى.
ويقدر العلماء أن هناك حوالى خمسة آلاف دودة أرض فى كل أربعة آلاف متر مربع من الأرض وهناك حوالى2700 نوعاً منها يسكنون الكرة الأرضية ويتراوح طول دودة الأرض بين 1 سم إلى 4 متر ويطلق على النوع العملاق منها Giant Gipsland Earthworm) )ويتواجد هذا النوع العملاق فى أستراليا وجنوب أفريقيا.
والعدو الرئيسى لدودة الأرض هو الطيور والعصافير خصوصاً عصفور أبو الحناء وهى تتميز ببعض الظواهر المثيرة فهى مثلاً لها القدرة على تجديد الأجزاء المبتورة من جسمها مثلما تفعل الأبراص والثعابين تماماً وبعض ديدان الأرض يمكن لها تطعيم النهاية الخلفية لجسمها عند بترها وبالتالى من الممكن أن تصبح الدودة برأس وذيلين! ،كما توجد فى دودة الأرض ظاهرة التبرعم كوسيلة للتكاثر وهى تتمثل فى تكوين براعم فى النهاية الخلفية لجسمها حيث تنفصل هذه البراعم عن الدودة الأم بعد تكوين رأس صغيرة لكل منها مكونة ديداناً صغيرة.
وطريقة تغذية الدودة مثيرة أيضاً بدورها فلها القدرة على ابتلاع أجزاء من التربة والمواد العضوية وقذفها مرة أخرى إلى التربة، وتوجد منها أنواع تقوم بقذف ما ابتلعته تحت سطح التربة وبذلك فهى لا تقلب القشرة السطحية للتربة وأنواع أخرى توجه مقذوفاتها إلى أعلى سطح التربة وهى تكون قادرة على قلب القشرة السطحية للتربة، وهذا النوع هو السائد فى الأراضى المصرية، وهى تلجأ إلى ابتلاع كمية كبيرة من التراب عند ندرة الطعام أو جفاف الجو بينما فى الظروف الجيدة تقوم بسحب أوراق النباتات إلى جحورها عبر ثقوب خاصة بالتربة لكى تتغذى عليها وقد وجد العلماء أنها تفضل التغذية على أوراق الكرنب والجزر، و بعد كل ما قرأت عزيزى القارىء..هل ما زلت تنظر للديدان باحتقار؟!