القاهرة 21 نوفمبر 2017 الساعة 11:40 ص
في أول طابور صباح بعد الحادثة الإرهابية الأخيرة بطريق الواحات، كنا نتشح بالسواد، نلقي التحية على بعضنا بصوت حزين ومنا من تقول في غضب متحمس للهجوم "الكلاب الجبناء اصطادوهم" يا حسرة قلب أمهاتهم عليهم" ربنا يرحمهم و يرحمنا بهم" كنا ننظر جميعا إلى بعضنا نظرة ذات معنى بعد أن
تفحصت كل واحدة منا، دونما سابق اتفاق ،الجانب الآخر من الصورة.
ذلك الجانب المظلم الذي تترتسم فيه صور لوجوه صامته تمشي في ثبات لا يخلو من شماتة، فسرتها ملابسهن المبهجة، المزركشة بوردات على غير العادة. فما كان منا إلا أننا أصطففنا جميعا وبروح قتالية رائعة .رفعنا رؤوسنا، و أخرجنا من الطلاب من قرأ القصائد الوطنية التي تحتفي بالشهداء، و أمهاتهم و أمنا الكبيرة مصر. ثم وقفنا دقيقة حدادا على من رفرفوا إلى الجنة تاركين لنا الوطن أمانة في أعناقنا. كان صباح يغلفه الكبرياء. نفرت في روحنا عروق المحبة و الغضب و الانتماء .
فكان حديث الشاي الصباحي كله عن التضحيات من الجيش و الشرطة، عن ضرورة الاصطفاف الوطني و عن المواقع الخبيثة التي تشمت فيمن استشهدوا، ويدعونهم بالجيف و الفطائس. بل إن الأمر قد وصل بالبعض منهم إلى التهكم على لفظة شهيد وعلى من يطلقها على من استشهد في العملية الأخيرة. كأنهم يملكون علم الغيب و الشهادة .
تذكرت أن كل ما نراه في تعاملنا اليومي في الشارع ومواقع العمل و المصالح الحكومية و المترو حتى و إن بدا هادئا إلا أن وراء الأكمة ما وراءها. فيا أيها الذين تحبون الوطن : في المواقف المصيرية، لاحظوا نغمة الخطاب التي تشذ عن أغنيتكم، و انظروا بجرأة في العيون و أنتم تترحمون على الشهداء و أذكروا الله و الوطن و الشهادة و قلوب الأمهات اللواتي احترقن بنار الفراق. تذكروا رفرفة الأجنحة و هي تطير إلى الجنة.تذكروا كل ذلك، و أنتم في سواد الحداد. قاوموا بالأمل وافتحوا عيونكم و سيروا في الحياة.ولكن لا تنسوا أبدا أن تلاحظوا الملابس ذات الوردات الملونة.