القاهرة 21 نوفمبر 2017 الساعة 10:28 ص
بقلم: صلاح صيام
لماذا استبدل الفنان فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق التمثال البديع الذى نفذه المثال العالمى عبد الهادى الوشاحي لعميد الأدب العربى بآخر قبيح وهو التمثال الموجود حالياً بميدان الجلاء؟
سؤال ما زال صالحا رغم مرور 44 عاما على رحيل عميد الأدب العربى والذى توافق ذكراه غدا.
يحكى الفنان والمثال زوسر مرزوق قصة تمثال طه حسين فى ميدان الجلاء قائلا: طرحت وزارة الثقافة مسابقة لعمل تمثال لعميد الأدب العربى فاز بها الفنان عبد الهادى الوشاحى وهو مثال عالمى له أعمال فى معظم متاحف العالم ويعد فخرا لكل فنان عاصره وتعرف عليه، ولكن عندما تصبح الأمور فى أيدي موظفين تحدث المعجزة ، طلب الوشاحى من وزارة الثقافة جزء من قيمة التعاقد لإقامة التمثال بالحجم الطبيعي للبدء فى التنفيذ، "فالوشاحى فنان أصيل لا ينتمى إلى هذا ولا ذاك" ولا يملك إلا قوت يومه.
فطلب الموظف منه إقامة التمثال مدعيا أن القانون لا يسمح له بصرف أى مبلغ إلا بعد الانتهاء من التمثال وتسجيله فى المخازن، فعرض الوشاحى أن تتولى الوزارة تنفيذه تحت إشرافه وقوبل طلبه بالقبول، وتم تكليف فنان آخر، ذللت له كل الصعاب لعلاقته الشخصية بوزير الثقافة آنذاك.
وأنا لا اعترض على مستوى هذا الفنان غير أن العمل لا يمت بصلة لصاحبه ولا يظهر شخصية طه حسين فهو امتداد طبيعي لاتجاه الفنان التى تعتمد على التجريد، وهكذا ضاع طه حسين، والغريب أن منفذ التمثال لم يقرأ كتابا عن طه حسين أو لطه حسين، فجاء التمثال باهتا خاليا من اية معالم تشير إلى شخصية عميد الأدب العربي.
ويقول " مرزوق" إذا كان طه حسين ابن القرية المصرية لم تبهره الحضارة الفرنسية ولم يضيع فى دهاليزها، وإنما تكمن قيمته فى قدرته على التحاور معنا بثقافته المصرية والعربية، يأخذ منها ويضيف إليها فأخذ منها دقة البحث، وأضاف إليها بلاغة المعنى حتى تفرد بأسلوبه المميز السهل الممتنع.
فكان من الضرورى أن تظهر هذه القيمة فى التمثال الخاص به، ولكن مع الأسف، رغم جمال التمثال النسبي بين أعمال الفنان إلا أنه يصلح للتعبير عن أي انسان غير طه حسين الذي من أهم مميزاته أنه قريب من البشر، فطالب لهم بمجانية التعليم وحرية المرأة وغاص فى أعماق تراثنا الأدبي فهو قريب منا ومن أفكارنا وليس متعاليا علينا ينظر إلينا وننظر إليه فى مستوى النظر ولا ينظر إلينا من "عل" .
وإن كان لابد أن يكون التمثال مرتفعا فلنا فى تمثال سعد زغلول "قدوة" لذا نجد رغم ارتفاع تمثال زغلول إلا أن إشارته باليد جمعت كل الشعب ليسير فى اتجاهه، واستغل الفنان القاعدة بلوحات نحت بارز لتكون همزة وصل بين المتلقى والتمثال وهذا ما لم يتحقق فى تمثال طه حسين، وإذا أدعى البعض أن الفنان لم يهتم فلسفيا بتاريخ طه حسين فهو أيضا لم يهتم بتكوين الجثمان أو التشخيص ومن ثم أنا لا أرى ضرورة من نسبة التمثال لطه حسين.