القاهرة 21 نوفمبر 2017 الساعة 10:03 ص
بقلم الدكتور / صلاح مصطفى
بعد أن عرضنا علي مدار مقالين سابقين وتعرضنا للتأليف الموسيقي كعلم ومايعتمد عليه من علوم ونظريات حان الوقت لنعرف من هو المؤلف الموسيقي؟!
المؤلف الموسيقي ( Music Composer ) هو مؤلف المقطوعات الموسيقية والألحان الجادة بأنواعها المختلفة وتدوينها للآلات أو الأصوات طبقاً للقواعد الفنية، وتسجيل كل تفاصيلها وألوانها التعبيرية، ويتطلب من المؤلف الموسيقي أن يكون ملماً إلماماً تاماً بالعلوم الموسيقية المختلفة، كالهارموني والكونتربوان والتوزيع الموسيقي... إلخ. إلى جانب ملكة الخلق والإبداع التي هي هبة ونعمة من الله، فترد على خاطره الجمل الموسيقية بطريقة تلقائية، وعليه يبتكر ويضيف أفكاراً جديدة في التراث الموسيقي، وإلا كان مقلداً أو نسخة مكررة لغيره. ولكل مؤلف موسيقي شخصيته وأسلوبه الخاص به بجانب مؤثرات العصر الذي يعيش فيه، ويمكن تقسيم مؤلفي الموسيقى إلى نماذج عدة:
.المؤلف الموسيقي الدرامي الذي يؤلف موسيقى الأوبرا.
.المؤلف الموسيقي السيمفوني الذي يكتب الأعمال الكبيرة للأوركسترا.
.مؤلف موسيقى الحجرة (ثنائيات/ ثلاثيات/ رباعيات... إلخ).
.مؤلف موسيقى الباليهات والأعمال الراقصة.
.مؤلف الموسيقى التصويرية للمسرح والتلفزيون والسينما.
.مؤلف الدراسات والتمارين الأكاديمية للجامعات الموسيقية.
أما مصطلح ( الملحن Melodist ) فهو مؤلف الألحان، ذلك الموسيقي الذي تؤهله قدراته وخبراته الدراسية على خلق الألحان والإبداع فيهما وابتكارها على أن تكون مميزة، وذلك من خلال معرفته وخبرته للمناطق والطبقات الصوتية ( الآلية والبشرية ) وطابعها النغمي، وأن يسخر كل هذه الإمكانات لصياغة تآليف قيمة، وعلى سبيل المثال، فقد درج في بلداننا العربية وبشكل واسع هذا النمط من الشخصيات الموسيقية ( الملحن ) وأصبح للكثير منهم شهرة فاقت حدود وطننا العربي لما امتلكوه من موهبة في صياغة ألحان غنائية وموسيقى آلية ما زالت حية حتى يومنا هذا، ونذكر منهم ( سيد درويش / السنباطي / القصبجي / محمد عبد الوهاب / الأخوين رحباني / محمد فوزي / فريد الأطرش ... إلخ ).
إن كل مؤلف أو ملحن موسيقي عادة ما يبدأ بفكرة موسيقية، وهذه الفكرة أدبية أو فلسفية تتمثل في لحن يهبط عليه فجأة على صور عدة، مصحوباً بإيقاع أو هارموني صوتي أو على هيئة لحن بسيط، ثم يبدأ برسم المسار اللحني له في الارتفاع والانخفاض أو الشدة أو الهدوء، فهو يريد معرفة المعنى العاطفي والتعبيري المناسب له، ثم بعد ذلك يقوم المؤلف باختيار الوسيط المناسب، يعني هل لحنه يناسب سمفونية؟! أم ذو طابع أكثر ذاتية وأحادية؟!
ويختلف كُتاب الموسيقى المؤلفون من شخص لآخر، فهناك من يعتمد على موهبته الفذة، وهناك من يعتمد على المخزون من الألحان، وهناك من يعمل ويعتمد على الألحان الشعبية ليستلهم منها أفكاره اللحنية في التعبير عن ما يريد. إن الحرية الفردية التي يملكها المؤلف الموسيقي تجعله يخرج عن القوالب الموسيقية التأليفية ( مؤقتاً وليس نهائياً )، وذلك مقرون بالفهم الصحيح بالأساس للبناء الموسيقي الذي يظهر لنا أنه نمو تدريجي حي. وهناك من المؤلفين الموسيقيين من هو متحرر بشكل كامل من القوالب الموسيقية المعروفة بغية صناعة ابتكار جديد خاص يسعى من خلاله لبداية أو إنشاء مرحلة موسيقية جديدة مرتبطة بهذا النمط الموسيقي.
إن العبقرية والإبداع في التأليف الموسيقي، هو إلهام غريزي فطري لدى هذا الإنسان الموهوب بالقدرة على الخلق والإبداع، ويمكن صقل موهبة العبقرية بمواصلة التدريب والتعليم، وقد قال الفيلسوف شوبنهور ( العبقرية هي الوحي والإلهام عند قوم صفت قلوبهم وتسامت مشاعرهم ).
وبذلك نكون تعرفنا علي الفرق بين التأليف الموسيقي والتلحين ومن هو المؤلف الموسيقي ...
ودقي يا مزيكا