القاهرة 14 نوفمبر 2017 الساعة 10:34 ص
بقلم الدكتور / صلاح مصطفى
في المقال السابق تطرقنا للحديث عن الفرق بين التأليف والتلحين وعرفنا أن التأليف الموسيقي هو حالة إدراك للتعابير والانطباعات الموسيقية، وك
ممارستها على الآلات المكتوبة لها في تلك المعزوفة ، أما التلحين فهو ثمة زاوية أساسية في التأليف الموسيقي، والتي عرفت باسم (اللحن)
نأتي هنا على الموضوع الآخر والهام في التأليف الموسيقي، ألا وهو ( التوزيع الموسيقي Orchestration ) والذي يعد أحد أهم مفاصل العمل التأليفي الموسيقي، فهو المعرفة لموسيقى الآلات جميعها ومساحتها الصوتية وطابعها اللوني الصوتي وطرق استخدامها ومعرفة الكتابة لها ضمن المدونة الأوركسترالية ( Score ) وتأثيرها ووقعها على أذن المستمع. والتوزيع الموسيقي أو التوزيع الآلي هو فن الكتابة للأوركسترا والفرق الموسيقية، وذلك بجمع كل الأطباع الفردية للآلات وخلق أطباع أخرى مشتركة متآلفة، وكتابة دور كل آلة من الآلات الموسيقية المشتركة في العمل الفني الموسيقي في المدونة الأوركسترالية.
والتوزيع الموسيقي فن مهم ومؤثر في التأليف والأداء الموسيقي لتصوير التعابير والمعاني والأفكار والأحاسيس التي يقصدها أو يتخيلها المؤلف الموسيقي. وخير دليل على ما تحدثنا عنه هو عمل ( لوحات من المعرض ) للمؤلف الروسي الشهير ( موسورسكي ) والذي كتبه بالأصل لآلة البيانو، وقام بإعداده وتوزيعه للأوركسترا الكبيرة بعبقرية فائقة المؤلف الفرنسي الشهير ( رافييل ) وأصبحت شهرته كعمل أوركسترالي سيمفوني أكثر بكثير من معرفة المستمعين له كمؤلف للبيانو، واندمجت أسماء ( موسورسكي، رافييل ) وأصبح العمل مقروناً باسميهما .
أما إذا تطرقنا إلى الإعداد الموسيقي فهو يتصل بالتأليف الموسيقي أيضاً وهو ( الترتيب أو التنسيق الموسيقي Arrangement ) ويستخدم هذا اللفظ كثيراً في الموسيقى وفي الحالات التالية:
= إعداد كتابة المؤلف الموسيقي لعدد أقل من الآلات التي كتب فيها المؤلف لأوركسترا.
= إعداد كتابة المؤلف الموسيقي للفرق المدرسية أو فرق الناشئين بتبسيط بعض من فقراته الصعبة ليتمكنوا من أدائه.
= التوزيع الآلي لبعض المؤلفات الخاصة بآلة البيانو وإعدادها للأوركسترا.
= إعداد وكتابة المؤلف الموسيقي لآلة أو لبعض الآلات الأخرى غير التي كتبت لها المقطوعة، بحيث يكون هذا الإعداد الجديد ملائماً لتلك الآلة.
ويقوم بكل تلك العمليات في الإعداد وإعادة التوزيع والتنسيق موسيقيون مختصون يحملون شهادات في العلوم الموسيقية وبالأساس في مادتي ( الهارموني والتوزيع الموسيقي )، وتلقى على عاتقهم عملية الحفاظ على الطبيعة العامة للمؤلف الموسيقي ومقامه وتعابيره، بل سيكون على هذا الإعداد الموسيقي نقل هذه المقطوعة من عالم إلى آخر بغية إيجاد تعابير وأحاسيس صوتية جديدة ومعانٍ أوسع للحنيات تلك المقطوعة. وعادة تُكتب أسماؤهم ( الإعداد الموسيقي ) على رأس صفحة المدونة الموسيقية للعمل بطريقة (Arranged by.......).
ولا يغيب عننا أن نذكر ونؤكد على أن تعتمد المواد الموسيقية الدراسية للتأليف الموسيقي على العلوم الموسيقية التالية: ( النظريات الموسيقية/ الهارموني/ البوليفوني/ التحليل الموسيقي/ التوزيع الموسيقي )، بالإضافة للموهبة الكبيرة لدى المؤلف الموسيقي في قراءة النوتة ضمن علم (الصولفيج) المتطور. كما أن عنصريّْ المؤلف والتأليف الموسيقي لا يمكن الفصل بينهما، فالتأليف الموسيقي هو نتاج المؤلف الموسيقي المبدع الذي يصنع الفكرة ويستخدم أدوات التأليف التي يجب أن يكون ملماً بها ليعبر عن محتوى الفكرة الموسيقية لديه، وهنا يكون الإبداع والاختلاف بين المؤلفين الموسيقيين من خلال استخدامهم لأدوات التأليف الموسيقي التي يضعها في قالب أو شكل موسيقي يقدم لاحقاً للمستمع.
وللحديث بقية ،
ودقي يامزيكا