القاهرة 24 اكتوبر 2017 الساعة 09:42 ص
كتبت : ميرفت عياد
يعد مشروع تطوير منطقة الأهرامات من المشروعات الهامة نظراً لأهميتها الأثرية والسياحية والاقتصادية من جهة وما يمثلها من قيمة منفردة للتراث والتاريخ المصرى وهو ما يقدره العالم كله ، كما تعتبر منطقة أهرامات الجيزة من أهم مواقع التراث العالمي المسجلة في منظمة اليونسكو فضلا عن كونها أحد عجائب الدنيا السبع وإدراكا لدورها الحيوي في تأهيل القاهرة الكبرى لاستعادة مكانتها كان لابد من إبراز قيمة المنطقة التراثية وإحياء المنطقة المحيطة بها تاريخيا.
ومن هنا تفقد المهندس إبراهيم محلب مساعد وزير الجمهورية للمشروعات القومية والدكتور خالد العناني مشروع تطوير هضبة أهرامات الجيزة للوقوف على آخر ما آلت إليه الأعمال من تطورات ، وتضمنت الجولة تفقد الأعمال الإنشائية ومنطقة التريض ومركز الزوار، كما تمت مناقشة مشكلة الباعة الجائلين وما تم اتخاذه من خطوات حاسمة لحلها قبل الموعد المقرر لافتتاح المشروع نهاية العام الحالي .
وأوضح الدكتور خالد العناني، وزير الآثار أن مشروع تطوير هضبة الأهرامات بالجيزة يشمل رفع كفاءة المنطقة ككل وربطها بالمتحف المصري الكبير وبكل الطرق المؤدية إلى المنطقة الأثرية، إلى جانب منطقة نزلة السمان ، بالإضافة إلى تخصيص 4 مناطق كبانوراما تطل على مشهد الأهرامات الأثري ، مؤكدا على أن الانتهاء من المرحلة الحالية بمشروع تطوير الأهرامات تأتي على رأس أولويات الوزارة، حيث يطمح في افتتاحها نهاية هذا العام نظراً لأن العمل بالمشروع يتم على قدم وساق ، مشيرا إلى أن المرحلة الاخيرة تتضمن إنشاء أماكن مخصصة للباعة والخيول واستكمال بعض الأعمال الإنشائية ،أما بالنسبة لاستراحة الملك فاروق بالهرم فتحتاج للترميم والصيانة بتكلفة 60 مليون جنيه ، مناشدا راغبي المساهمة في أعمال التطوير بالتقدم ، مؤكداً أنه لا يمانع في استغلال الأثر بالشكل الجيد كما يحدث في كافة دول العالم ، بشرط الحفاظ عليه واحترام قانون الآثار.
ومن جانبه أكد يحيى راشد، وزير السياحة، أن الوزارة حريصة على تطهير منطقة الأهرامات من كل التجاوزات، وهناك تعاون مع وزارة الآثار لمواجهة أى ظواهر سلبية بهذه المنطقة، معلنًا الانتهاء من تطويرها فى مارس 2018 ، مشيرا إلى أن هناك إجراءات مشددة لمنع استغلال الزائرين بمنطقة الأهرامات، موضّحًا أن شرطة السياحة والآثار تلعبان دورًا كبيرًا فى التصدى للخارجين على القانون، وأن الوزارة تعد حاليًا برامج لزيادة وعى المواطنين والعاملين بأهمية السياحة والتعامل مع السائحين، بالإضافة إلى تدريب وتأهيل العاملين بالسياحة للنهوض بالقطاع.
تحفة معمارية وأثرية
وأشار الأثرى أشرف محيى مدير آثار منطقة أهرامات الجيزة إلى أن مشروع التطوير يتضمن نقل مدخل الأهرامات من المدخل الشرقى أمام فندق "مينا هاوس" إلى مدخل طريق الفيوم من الجهة الغربية ، وهذا المدخل سيؤدى إلى مبنى الزوار الذى يعد تحفة معمارية وأثرية نظرا لأنه يضم قاعة لتاريخ الأهرامات بالصور وقاعة سينما تحكى بانوراما الأهرامات وتاريخها وقصة بنائها وأهم مقتنياتها وصالة عرض لماكيت مجسم للمزار ولوحات تحاكى واقع المنطقة وكل آثارها وهى عبارة عن الأهرمات الثلاثة ومقبرتان واحدة فى الجهة الشرقية وأخرى فى المنطقة الغربية ومعبد الوالى للملك خفرع ومركب الشمس وأهرامات الملكات ، كما أن هناك " طفطف" سيستخدمه الزوار للتجول فى المنطقة للوصول إلى البانوراما التى ترى الأهرامات الثلاثة من زوايا مختلفة ويصل بالزوار حتى منطقة أبوالهول والعودة مرة أخرى للبوابة الرئيسية ، ولمن يعشقون ركوب الخيول والجمال تم إنشاء منطقة التريض وتضم بازارات صغيرة ومحلات صغيرة أيضاً حتى يمكن للسائح الاستمتاع بالآثار دون مضايقات .
مقابر عمال بناة الأهرام
فى هذا الإطار عثرت بعثة المجلس الأعلى للآثار عام 2010 على مجموعة مقابر جديدة ترجع إلي الأسرة الرابعة (2649- 2513 ق.م) وهي خاصة بالعمال الذين بنوا الهرم الأكبر وهذه أول مرة يتم فيها الكشف عن مقابر خاصة بالملك "خوفو "(2609-2584 ق.م) و "خفرع" (2576-2551 ق.م) وخاصة لأن مئات المقابر الأخرى والتي اكتشفت من قبل ترجع إلي أواخر الأسرتين الرابعة و الخامسة (2649-2374 ق.م).
ويقول د. زاهي حواس إن كشف مقابر العمال يعتبر من أهم الاكتشافات الأثرية في القرنين العشرين والواحد والعشرين، وهذا الكشف يعتبر من أهم الاكتشافات خاصة لأنها تلقي الضوء على الفترة المبكرة للأسرة الرابعة وترفض كل ما قيل إن الأهرامات قد بنيت بالسخرة لأن هذه المقابر تقع مباشرة إلي جوار الهرم بل وتطل عليه مباشرة ويؤكد الكشف أنهم لو كانوا عبيدًا لما بنوا المقابر في هذه المنطقة ، وأهم هذه المقابر هي مقبرة تخص "إيدو" وهى عبارة عن بناء مستطيل الشكل بها العديد من آبار الدفن التي كسيت من الحجر الجيري المحلى الموجود بالهضبة كما كسيت جدران المقابر من الخارج بطبقة من الطوب اللبن وطليت بالملاط الأبيض بالإضافة إلي وجود نيشات أي كوات تواجه كل وحدة منها بئر للدفن لتسهيل دخول وخروج الروح إلي المتوفى القابع في هذا البئر ، كما هذا الكشف يعطينا فكرة واضحة عن الحياة الدينية للعمال الذين اشتركوا في بناء الهرم وهذه المنطقة هي بداية الجبانة الضخمة التى تنتشر على مسافة كيلو متر باتجاه الجنوب من هذا الكشف.
ويوضح أن هناك أدلة عثر عليها تؤكد أن العائلات الكبيرة المنتشرة في الصعيد والدلتا كانت ترسل يوميًا حوالي أحد عشر عجلاً وثلاثة وعشرين خروفًا وذلك لإعاشة العمال وفى المقابل كانوا لا يدفعون الضرائب للدولة وهذا يثبت أن الهرم كان المشروع القومي لمصر كلها وأن الشعب كله كان يشترك في بناء الهرم وأن عدد العمال الذين اشتركوا في بناء الهرم الأكبر بالذات لا يزيد عن 10.000 آلاف عامل عكس ما قاله هيرودوت أن عدد العمال كان يصل إلى 100.000 عامل ، وهذا الكشف يؤكد للعالم كله أن هؤلاء العمال قد جاءوا من خلال العائلات الكبيرة وأن الذين دفنوا بالجبانة هم العمال الذين ماتوا فقط أثناء بناء الأهرامات ومن المعروف أن العمال كان يتم تغيرهم كل ثلاثة شهور وأن العمل في بناء الهرم كان يتم خلال أثنى عشر شهرًا ويمكن أن يزيد خلال عصر الفيضان.
وأضاف: أننا لا يمكن علميًا أن نحدد تاريخ بناء الهرم لأن معلومة أن الهرم كان يبنى فقط خلال شهور الفيضان هي معلومة خاطئة خاصة وأن نقل الأحجار سواء من الجرانيت أو الحجر الجيري أو البازلت الذي أستخدم في بناء الأهرامات كان ينقل خلال الفيضان وهى أحجار تأتى من خارج الهضبة أما الأحجار التي بني منها جسم الهرم كله فكانت تأتى من الهضبة نفسها حيث كشف عن مكان المحاجر الخاصة بهرم الملك خوفو جنوب الهرم.
كما يشير د. حواس أنه قد قام بدراسة موضوع مكان مقابر العمال في الناحية الجنوبية من الأهرامات وأبو الهول . ويذكر أن الحفائر قد بدأت في المنطقة جنوب شرق أبو الهول وجنوب حيط الغراب خلال شهري يناير وفبراير من عام 1990 ، وفى ظهر 14 أغسطس عام 1990 سقطت إحدى السائحات من فوق جوادها حين أصطدم الجواد بجدار من الطوب اللبن على بعد حوالي عشرة أمتار فقط من موقع الحفائر السابقة ، وكانت هذه الحادثة هي نواة الكشف عن مقابر عمال بناة الأهرام ، وتقع جبانة العمال إلى الجنوب من السور المعروف باسم حيط الغراب وتبتعد عنه بحوالي 300 متر ، وتتألف الجبانة من مستويين أطلق عليهما الجبانة السفلى والجبانة العليا ويربط بينهما طريق صاعد منحدر من المقابر العلوية نحو الجبانة السفلى.وتضم هذه الجبانة عدة أنواع من المقابر منها المقابر المقبية، ومقابر على شكل خلية النحل، والمقابر الهرمية الشكل، والمقابر على طراز المصاطب، ومقابر بداخلها أبواب وهمية من الطوب اللبن، ومقابر داخلها أبواب من الحجر الجيري الخالي من النقوش.
المقابر الملكية
تعرف الأهرامات بأنها مقابر ملكية كل منها يحمل اسم الملك الذي بناه وتم دفنه فيه، والبناء الهرمي هنا هو مرحلة من مراحل تطور عمارة المقابر في مصر القديمة. فقد بدأت بحفرة صغيرة تحولت إلى حجرة تحت الأرض ثم إلى عدة غرف تعلوها مصطبة. وبعد ذلك تطورت لتأخذ شكل الهرم المدرج على يد المهندس ايمحوتب وزير الفرعون زوسر في الأسرة الثالثة. وتلا ذلك محاولتان للملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة لبناء شكل هرمي كامل. ولكن ظَهْر الهرمين غير سليمي الشكل. وهما يقعان في دهشور أحدهما مفلطح القاعدة والآخر اتخذ شكلاً أصغر يقارب نصف حجم الأوّل. واستطاع المهندس هميونو مهندس الملك خوفو أن ينجز الشكل الهرميّ المثالى وقام بتشييد هرم خوفو بالجيزة على مساحة 13 فدانًا وتبع ذلك هرما خفرع ومنقرع.