القاهرة 21 اكتوبر 2017 الساعة 10:29 م
شعبان يوسف
عن محمد ابو المجد وقصيدة له
ه:
هذا هو الإصدار الأول للشاعر الحبيب محمد أبو المجد.. وقد صدر ديوان (ورد الصمت) عام 1995، وقد أهداه الشاعر إلى حبيبته.. زوجته..( إلى..عبير.. كينونة العلاقة.. وبهجة الانشطار..وديمومة التحقق..وصوفية الوجد المتفرد.._زهرتى فى يديك..فرفقا بها_)
ومن الواضح أن الشاعر كان يتكئ على تجربة رومانسية مفعمة ببعد صوفى.. ومشاعر تنبؤية متوجسة من مجهولات غامضة فى الكون والحياة، لذلك جاءت قصائده تحمل قدرا كبيرا من المجازات والمفردات البعيدة نسبيا عن الواقع الذى يصع الشاعر فى حالة اشتباك واقعية ..فمفرداته مثل النوارس والنعيب والجديب .. هى تلك المفردات التى كانت تحتملها قصيدة التفعيلة والتى كانت ماتزال قوية وسائدة آنذاك..وربما نلمح فى تجربة هذا الديوان أنفاس صلاح عبد الصبور، ولكن هذه الأنفاس لم تفقد قصائد أبى المجد خصوصيتها وبكارتها..
وعاش محمد أبو المجد تجربة إنسانية وفنية ووظيفية عامرة وغامرة بالمحبة والجمال الحقيقى والعطاء المثمر.. ولست متعاطفا مع الذين يعتبرون أبا المجد ضحية هذا أو شهيد ذاك.. لأنه كان يفعل كل ما يستطيع أن يفعله_مثل أى شخص محترم_ دون أن ينتظر مكافأة من هنا أو من هناك.. محمد حظى بمحبة لم يحد بها آخرون بشكل مطلق.. وعلينا أن نتعلم من محبته وننشرها ونكثف من نشر أشعاره التى لم يتعرف عليها الناس..لأنه كان يقدم الآخرين طوال الوقت دون أن يقدم نفسه.. أرجوكم قدموا أبا المجد الذى غاب عنا .قدموا محمد الشاعر والباحث والمسئول بعيدا عن ثعابين الغابة .. والحواة والاراجوزات والطبالين.. محمد يستحق أن محمد أنفسنا لكى نرد له بعض ما أعطانا بمحبة خالصة.. غاب محمد بجسده .. ولكنه يحضر بشعره ونبله وجماله.. وحاكموا البؤساء فى حفلة أخرى غير محراب محمد أبو المجد.. وهاهى إحدى قصائده من ديوانه الأول .. قصيدة موحية وتحمل
كثيرا من روحه العظيمة.
(رحيل):
النوارس راحلة
والغمام الذى ظلل القلب حين الوجيب
انزوى فى الغروب
وأشعة شمس تعانق روحى فى فجرها
آثرت .. أن تغيب
لوحة رسمت..
حين حاصرتنى بالمودات
عند انبعاث الحياة بقلبى الجديب
ثم قلت "الوداع"
وألقيتنى ..
فى ضرام المغيب.
****
النوارس عائدة،
فى انتظارك...
صارخة فى المغيب
وانثيال الأشعة
فى موتها...
ينحنى للهروب
لم يعد هاهنا كائن
يرتضى أن يواسى قلبى الوجيع
ساءلتنى عيون المحارات:
هل خمدت جذوة لابتسامك؟
فارقت الروح
فى لحظة ...
جسدا تعتريه الكروب؟
***
النوارس باكية..
فى نعيب..
حين عادت إلى مرفأ العيوب
كانت الشمس،
تسحب ذيل أشعتها
والغمام يذوب مهجته
كى يوارى _بجسمى_
بقايا الندوب
فاجأتنى النوارس
أن التى كنت عاشقها فى اغتر ابى..
ذوت
لا تطيق عناق الغريب
تسافر
خلف سراب النهايات
تترك عاشقها..
يكتوى... باللهيب!!