القاهرة 17 اكتوبر 2017 الساعة 11:42 ص
كتبت: سمية سليم
رُغم كونه ملَقب بـ"عميد المسرح العربي" وتكوينه لفرقة مسرحية تسمَى "رمسيس"؛ تنهض بالمسرح بعد اعتقاده بأنه يسقط إلى الهاوية على يد نجيب الريحاني وعلي الكسار، وتأُخر دخوله عالم السينما، إلَا أنه يرجع إليه الفضل في دخول السينما المصرية إلى عصر جديد بعمل أول فيلم ناطق بها "ابن ذوات" عام 1932.
وقد عُرِف هذا الـ"بك"، بلكنته الرصينة الغير متصنِعة فهو بالفعل ابن ذوات، وينتمي لإحدى العائلات الأرستقراطية بالفيوم؛ لذلك فكانت هذه اللكْنة هي إحدى عوامل شهرته في الوطن العربي، بجانب نهضته بالمسرح والسينما.
وُلد يوسف وهبي، وكبر وتعلَم في كُتاب "العسيلي" بمحافظة الفيوم حيث شاطىء بحر يوسف الذي سمي على اسمه، لأب من ذوي الشأن المادي والأدبي الكبير في مصر، وقد تعلَم في المدرسة السعيدية بالجيزة، هذا فيما يخص بداية حياته.
أما فيما يخص عالم السينما والمسرح، فقد بدأ عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني "سليم القرداحي" في سوهاج، عرف حينها يوسف الفتى الصغير أنه مغرم بهذا الفن حيث بدأه بإلقاء المونولوجات وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي والمدرسة، والعمل كمصارع في "سيرك الحاج سليمان" حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع "عبد الحليم المصري".
ولأنه جلب العار لأبوه بهذا الفعل، فـ ترْك الطبقة العليا والنزول إلى طبقى دنيا "المشخصاتية" هو العار بعينه، فقد قرَر الفتى أن يسافر إلى إيطاليا هربَا من والده حيث عاش باسم "رمسيس" فترة كبيرة، وذلك بعد الحرب العالمية الأولى، وهناك تتلمذ على يد الممثل الإيطالي "كيانتونى"، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه "عشرة آلاف جنيه ذهبي"، مثله مثل إخوانه الأربعة.
تلك كانت المرحلة الفارقة في عمر يوسف وهبي، فكان هذا الميراث هو بابة لتحقيق حلمه ومشروع النهضة الذي تمنَاه من قبل، فكانت فرقة "رمسيس" نسبة إلى اسمه المستعار، وبها ظهر روائع الممثلين المصريين ومنهم حسين رياض، أحمد علام، فتوح نشاطي، مختار عثمان، عزيز عيد، زينب صدقي، أمينة رزق، فاطمة رشدي، علوية جميل، وقدموا للفن المسرحي أكثر من ثلاثمائة رواية مؤلفة ومعربة ومقتبسة من الروايات العالمية وخاصة لـ "شكسبير"، وبدأ بمسرحية "المجنون" كباكورة لأعماله المسرحية حيث عرضت على مسرح "راديو" عام 1923.
ظلَ يُقدم أعماله على المسرح فقط 7 سنوات، حتى بدأ في السينما عام 1930 بفيلم "زينب"، بعد أن أنشأ شركة إنتاج سينمائي في نفس العام بالتعاون مع محمد كريم التي بدأت أعمالها بفيلم "زينب" سنة 1930، ثم أنتج أو فيلم عربي ناطق عام 1932 وهو "أولاد الذوات" وكان أول أداء تمثيلي له في السينما، ثم كتب فيلمه "الدفاع" سنة 1935، ليخرجه هذه المرة بنفسه بالتعاون من المخرج نيازي مصطفى، ثم في عام 1937 قدم فيلمه الثالث "المجد الخالد"، وهذه المرة كان هو الكاتب والبطل والمخرج.
عمل بعد ذلك يوسف وهبي كمؤلف لثلاثة أفلام متتالية: "ليلة ممطرة"، "ليلى بنت الريف"، و"ليلى بنت مدارس"، كلها من إخراج توجو مزراحي، وبعد نجاحهم جميعًا قام يوسف وهبي بإخراج فيلم "غرام وانتقام" الذي قام فيه بدور العاشق صغير السن، رغم كونه قد بلغ من العمر حينئذٍ السادسة والأربعين تقريبًا، وكان هذا الفيلم السبب في حصوله على لقب "البكوية" من الملك فاروق بعد مشاهدته إياه بالسينما، وكانت إحدى أغنياته تُمجِد في ذات العائلة المالكة.
في عام 1979 قام يوسف وهبي بتمثيل دور اليهودي العجوز الذي يعشق مصر بعد أن عاش كل حياته بها وذلك في فيلم "إسكندرية... ليه؟"، وهي المرة الأولى التي يقوم فيها ممثل بأداء شخصية اليهودي بعد ثورة 1952، وقد أظهر في هذه الشخصية إحساس مرهف مدعم بخبرة سنين طويلة من الإبداع والفن.
كانت أزمته الوحيد مع الجمهورو الصحافة والنقاد، هي قراره بتجسيد شخصية النبي "محمد" على شاشة السينما، وهو ما أثار حفيظة الجمهور والنقاد بل والعاملين بالمجال السينمائي نفسه.
في رصيده 63 فيلم، و43 مسرحية لأبرز الكتاب العالميين، ومنحه الملك فاروق الأول رتبة البكوية، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأولى عام 1960، وجائزة الدولة التقديرية العام 1970، وكان نقيب الممثلين لعام 1953 وعمل مستشارًا فنيًا للمسرح بوزارة الإرشاد، وحاز على جائزة الدولة التقديرية والدكتوراة الفخرية العام 1975 من الرئيس المصري أنور السادات، ومنحة بابا الفاتيكان وسام "الدفاع عن الحقوق الكاثوليكية.
تُوفي يوسف بك وهبي، في 17 أكتوبر عام 1982 بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب إثر إصابته بكسر في عظام الحوض نتيجه سقوطه في الحمام، وفارق الحياه أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة.