القاهرة 09 اكتوبر 2017 الساعة 12:38 م
كتبت سمية سليم
"إذا الشّعْبُ يَوْمَاً أرَادَ الْحَيَـاةَ .. فَلا بُدَّ أنْ يَسْتَجِيبَ القَـدَر".. مطلع قصيدة تحمل عنوان "إرادة الحياة"، يُغرِد بها الثائرين في مشرق العالم العربي ومغربه عندما ينادي الحرية، تتردد على ألسنتهم وكأنها مفتاح للحرية التي لطالما بحثوا عنها في أوطانهم.
هي قصيدة الحرية التي كتبها شاعر الخضراء، واستخدمت بعض أبياتها في النشيد الوطني لها، فـ قد جلبت لنا تونس الخضراء هذا الشاعر من بلدة "تزور"، ولأن أبوه الشيخ محمد الشابي كان يعمل في سلك القضاء وتنقل في العديد من المدن التونسية، فقد استنشق "أبو القاسم الشابي" ذلك الفتى الصغير، عبير الجمال في أرجاء الخضراء؛ حتى أظهره في قصائده.
كان "الشابي" هو الابن البكر لأبوه، والأخ الأكبر لـ 4 إخوان غيره، هم محمد الأمين الذي عمل كأوّل وزير للتّعليم بعد الاستقلال، وهناك الأمين الشابي الذي أصبح رئيس فرع خزنة دار المدرسة الصّادقية، وهناك أيضاً عبد الله وعبد الحميد.
رغم هشاشة قلبه الضعيف، الذي تسبب في وفاته بعمر الـ 25 عامًا، إلا أن والده أصرَ أن يزوجه ما دفع شاعر الخضراء إلى استشارة الطبيب محمود الماطري، الذي شخص له حالاته وبيّن له مرضه، ونصحه بالابتعاد عن المجهود البدني والنّفسي، وعلى إثر هذا قرّر أن يمتثل إلى رغبة والده بالزواج.
"ألا انهض وسر في سبيل الحياة فمن نام لم تنتظره الحياة".. هذا البيت هو مطلب قصيدة " ألا انهض" التي كتبها الشاعر وسار عليها في حياته، فبالرغم من سنواته القليلة التي كتب فيها قصائده، إلا أنها كانت بمثابة إرث لأجيال قادمة في الوطن العربي كله.
سمع "الشابي" لنصيحة طبيبه في الجزء الخاص بالمجهود البدني فقط، فقد ترك الجري وتسلق الجبال وما شابه، لكن المجهود النفسي لم يستطع التحكم فيه فقط ذكر في إحدى يومياته الخميس 16-1-1930 وقد مر ببعض الضواحي: "ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم؟ ولكن أنّى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية".
كما ذكر الحالة النفسية السيئة التي تعرض لها حين تلقى خبر وفاة محبوبته الصغيرة ما تسبب في تأزم حالته المرضيّة.
توفي أبو القاسم الشابي في مستشفى الطليان في التاسع من أكتوبر من عام 1934 فجراً، في الساعة الرابعة من صباح يوم الأثنين، بعد ستة أيام من دخوله المشفى، ونقل جثمان الشابي في أصيل اليوم الذي توفي فيه إلى توزر ودفن فيها.