القاهرة 04 اكتوبر 2017 الساعة 08:40 م
المحرر الثقافي
"القصة القصيرة بين تحولات الجماليات والضرورة " واحدة من الندوات التي أقامها ملتقى الشارقة للسرد في دورته الرابعة عشرة بالأقصر، حيث شارك فيها كل من : د. صالح هويدي من العراق، وأ. شوقي بدر يوسف، وأ. اعتدال عثمان من مصر. وأدار الندوة د. محمد آيت الميهوب.
في ورقته المعنونة بـ "القصة القصيرة جدل التقعيد والانتهاك ــقراءة في جدل النقد والإبداع" يرى هويدي أن الانتهاكات التي طالت عمود السرد القصصي التقليدي أسهمت في إحداث فجوات وخلخلة لصالح تخليق نسق هجين من معطيات عدد من الأنواع والأجناس الأدبية، بعد أن شهدت بنية السرد التقليدية تضاؤل مكانة عدد من المكونات السردية، كالموضوع والحكاية والحبكة والنهاية، من بعد أن حافظت على مكانتها السردية طوال هذه الآماد الزمانية حتى بتنا نرى نصوصا مفتوحة، غفلا من التجنيس أو التعيين، وأخرى تتردد القراءات في حسم انتسابها النوعي، وهو أمر كان محصلة لتفاعل عدد من البواعث والمعطيات، أبرزها: متغيرات الواقع الكلي من أحداث اجتماعية واقتصادية وسياسية وثقافية من ناحية، ومن تطور في وعي القاص الذي يتفاعل مع تلك المعطيات في أفقها العربي والدولي.ويضيف هويدي لأن قواعد السرد القصصي وسائر الفنون الإبداعية تولد لأن مجترحيها منظرون وفلاسفة وأصحاب اشتغال معرفي، لكن هذه القواعد سرعان ما تُنتهك وتُخرق على أيدي المبدعين الذين يعيشون لحظة الخلق ويكابدون معاناته. أما الفرق بين خرق المبدع وهدمه البنى الفنية وهدم الفوضوي، فهوأن الأخير يهدم وذهنه خال من البديل ومن البصيرة التي تهديه إليه، في حين أن الهدم الذي يقوم به المبدع يكون مصحوبا بهاجس البحث عن ملامح نسق جديد يتشكل أمام ناظريه، ليحل محل النسق القديم الذي تحول إلى قواعد متكلسة لم تعد نفس المبدع تطيقها.
أما اعتدال عثمان فهي ترى أنه منذ ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، مرورا بالعقود التالية حتى العقد الذي نعيشه الآن، عرف الواقع الأدبي تحولات عميقة في الكتابة القصصية كان أحد المبشرينبها مبكرا الروائي المصري الكبير والناقد إدوار الخراط الذي أطلق عام 1979 مصطلح "الكتابة عبر النوعية" ويعني بها كسر الحدود بين الأجناس الأدبية، وانفتاح النص السردي على الفنون الأخرى البصرية مثل استخدام تقنيات الفن التشكيلي من حيث تنوع درجة الإضاءة والفراغ واللون، وتقنيات السينما مثل المشهد والسيناريو والتقطيع والتوليف أو المونتاج، والفنون السمعية كالموسيقى، فظهرت مفاهيم التناغم والتناسق والتنافرالنغمي في النص السردي. وفي سياقنا الراهن نستطيع أن نجد تطورا لهذه المفاهيم، فنقرأ مثلا هن " السوناتا القصصية" ويقصد بها الانتظام الإيقاعي المؤسس على التكرار وخرق البنى التركيبية المحايدة بما يعطينا نصا هجينا يأتلف في بنيته السرد والشعر والموسيىقى والتشكيل.
أما شوقي بدر يوسف فهو يرى أن القصة كنوع أدبي منفرد في خصائصه وتوجهه،استطاعت بما تملكه من مؤهلات بنائية حاضرة أن تعبر عن المرحلة أو للحظة التي يعيشها الإنسان، وتساير حركة المجتمع وتغيراته، إذ تغيرت المسارات القصصية الفنية منذ العقود الأربعة الأخيرة من القرن العشرين وحاول التجريب تخطي كل ما هو سائد ونمطي، وما يقود إلى الاجترار والتكرار لخلق هزة تؤدي إلى تغيير في شعور القارئ وفي ذائقته الثقافية، فحدث أن تغيرت البداية والنهاية والوسط واتجهت القصة نحو متغير جمالي حداثي وأبعاد مراوغة أفادت المشهد، وطورت المنجز القصصي ودفعت به إلى حداثة آنية، فلم تعد هناك ضرورةلتوفر القصة على الحدث النمطي الكلاسيكي المألوف ، بل أصبحت القصة تفرض نفسها منخلال تجربة نفسية أو مجموعة من اللحظات المستثارة في ذهن الإنسان.