القاهرة 26 سبتمبر 2017 الساعة 10:10 ص
حليمة الفرجي ـ أديبة من السعودية
(إن رأسه ينمو سريعا بشكل خطير)
كانت هذه هي كلمات أمي ،دائما ماترددها على جاراتها عندما يقمن الأخيرات بزيارتنا في المناسبات أو الأعياد حيث أن أمي توقفت عن اصطحابي معها عند خروجها للتسوق في الأجازات أو الزيارات العائلية
أصبح رأسي كبيرا جدا حتى أني أصبحت اتدحرج خلفه يوما بعد آخر والغريب أني لا أشكو من ألم عدا بعض الأفكار الغريبة التي تراودني يوما بعد يوم.
يا إلهي إن في رأسه شيطان ينمو ، لم تصدق أمي حديث تلك المسنة التي جاءت لرؤيتي عندما كثر حديث القرويين عني،
وأصبحت منذ ذلك اليوم تحرص على تعليق الأحجبة حول رقبتي وقراءة بعض السور القرآنية وإطعامي الحبة السوداء لصرف الشيطان عني كما نصحتها تلك العجوز
وتطبيبي بوضع اللبخات الحارة تارة والباردة تارة اخرى على رأسي الضخم من الحناء والأعشاب .
كنت بالأمس أتدحرج خلف رأسي المثقل أما اليوم فإني لا استطيع الحراك فقد غدا ضخما جدا ولم يعد يمكنني تمريره من خلال فتحة الباب .
ينمو الشيطان برأسي يوما بعد يوم فيستحوذ على عقلي وابدو أكثر شرا كما تتناقل النسوة الحديث.
هذا الصبي مبارك ،وله إمرة على الشيطان ويستطيع فك السحر و شفاء المرضى،
عادت تلك المسنة تقولها عندما زارتنا بالأمس وأخذت تنظر في عيني التي تضاءل حجمها ولم أعد أرى كثيرا ،
ذاع صيتي أكثر عن ذي قبل وأصبحت تحضر لي النسوة اطفالهن المرضى لأمسح بيدي على رؤؤسهن مقابل بعض النقود أو الطعام ،
كما أني برعت في شفاء السحر ولوثة الجنون،
حقيقة لا أعلم كيف ولا من أين لي هذا الطب ،
وفي كل مرة أضع يدي على رأس مجنون يتحرك شىء ما في رأسي فينمو وينمو ويتضخم،
حتى بات كوخنا لايتسع لرأسي ، وبدا لي أني أعيش في الظلام فلم تعد عيناي تقوى رؤية العالم الذي بدا أصغر بكثير مني.
كنت مقيدا منذ طفولتي بهذا الرأس ومصدر شفقة للجميع أما الآن فالجميع يغبط أمي على وجودي ، فإن كبر رأسي بات مصدرا للرزق
ولم يعد أحد يعبه بألمي ولا بذلك الشيطان الذي يسكن جمجمتي وينمو بجنون .
بات الكوخ يتشقق من كبر رأسي حتى أفقت ذات صباح فإذا بي في العراء والهواء يضرب في جسدي من جميع الجهات والشمس تشرق في وجهي والنور يدخل رأسي فيتضاءل رويدا رويدا حتى غدا بحجم حبة الحمص.