القاهرة 26 سبتمبر 2017 الساعة 09:55 ص
بقلم: سالم أبو شبانه
لستُ بريئًا أبدًا
كما تظنّون أيها اللزجون،
فأنا لم أُردْ يومًا أن أكون
رجلاً أنيقًا،
فاترًا،
متحضرًا.
كنت أرجو أن أكون قويًّا,
همجيًّا؛
أجرعُ الخمرَ ملتذًّا بلا مبالاةِ
أغرسُ خنجري
في صدرِ كلِّ مَن ينظرُ
في عينيّ مباشرةً,
بلا رفّةِ تأنيبٍ من الضميرِ.
أتصارعُ مع الكلابِ في الخلاءِ؛
ثمَّ أنامُ نومًا عميقًا تحت الشجرةِ
بعينِ ثعلبٍ ماكرةٍ.
أركلُ الحبَّ بقدميّ،
كبقايا عظامٍ نَخرةٍ
أصغي لعواءِ الذئبِ في الليلِ،
وأبكي؛
لأنّني لم أُخلقْ ذئبًا
يعوي في الليلِ.
ما جدوى أن تنتقي كلماتكَ
وتلوي عنقَها؛
لتقولَ ما لم تُردْ قولَهُ صراحةً.
نعم، أكرَهُ هذا العالمَ،
وأكرهُ الآخرين
وأكرهُني حين أكونُ مهذبًا؛
تفيضُ أصابعي عطفًا لزجًا،
كلعابِ دبٍّ جائعٍ.
أريدُ أن أركضَ حافيًا علي الشاطئِ
فوق الصخورِ المدبّبةِ،
الناعمةِ كجسدِ أنثويٍّ قديمٍ،
ألتهمُ الطعامَ بأصابعي القاسيةِ.
فارغًا من الحبَّ المُللَّ
كالصداعِ النصفيِّ
ومن ثقلِ الآخرين الذي يشبهُ الإثمَ.
أجلسُ علي الصخرةِ وحيدًا،
وممتلئًا بي،
بقوتي الواثقةِ كحجرٍ قديمٍ
أحصى غرائزي بلا خجلٍ
ثمّ أغنّي بصوتٍ أجشٍّ أغنيةً مرحةً
عن رجلٍ يلوي عنقَ الكلماتِ بتملقٍ،
وهو يجرُّ جسدَهُ الهزيلَ
في مكبِ نفايةِ العالمِ الهائلِ
حتى يراهُ الآخرون
مهذبًا، كرجلٍ متحضرٍ..