القاهرة 29 اغسطس 2017 الساعة 11:39 ص
ما من أحد منا إلا و يكره العنصرية، يصم العنصري بضيق الأفق و دوجماطيقية المنطق. لكن هل نؤمن حقا بالتنوع و المؤاخاة في الأفكار و طيف التعامل الواسع الذي لا يؤجج نار الخلافات أو الضغائن الكامنة؟ هل حقا أننا لا نرى الحقيقة المرة من حولنا في كل مكان تقريبا على مستوى العائلات في تجمعاتهم في المآتم و حفلات الزفاف، في حديث الجارات عبر البلكونات المتقابلة و المتجاورة ؟ هل حقا لا نرى هذا الكره الخفي الملثم بالانتقاد. وهذا الانتقاد المغلف بالشائعات سيئة السمعة وهذه السمعة السيئة التي تقف بخنجر في يدها لترد الصاع صاعين و تترك توقيعها بدم الخصام و تمزق العلاقات؟ زوجة الابن و الحماة. زوجات الإخوة من الرجال. أزواج الأخوات من البنات.
زميلات العمل الواحد ما الذي يجعلهن يجدن لذة كبيرة في تكوين مجموعات صغيرة متشابهة تعمل كجبهة ضد المجموعات الأخرى؟ .هذا التمزق في نسيج العلاقات الاجتماعية أصبح السمة الغالبة التي نتعامل معها وكأنها خبز يومي. نخفي رؤسنا في الرمال و نبتسم مكذبين و مغلظين الأيمان أننا جميعا بخير. ياإخوتي و أخواتي الأعزاء إننا جميعا لسنا بخير. معظمنا هذا العنصري .نصفه أو ربعه أو طيف منه.
معظمنا يرفض من لا يشبهه في طريقة تفكيره ،من لا يشبهه في ملابسه، من لا يُؤمِّن على مصداقية المبادئ التي يؤمن بها، و جميعنا شبه مصابين بداء المحاكمات أو داء المصلح الاجتماعي أو الداعية الديني تارة أخرى .كل منا يريد أن يستقطب الآخر ناحيته بدعوى المحبة و الحقيقة أنه لا يريد أن يواجه ضعفه و عدم قدرته على قبول الآخر المختلف عنه.
لقد نجحنا في مراقبة أنفسنا ماذا ناكل و ماذا نشرب و ماذا نلبس و غرقنا في المحاكمات المجتمعية و تركنا هدفنا الكبير و هو النظر إلى الأمام لتحقيق غد أفضل لنا جميعا.غابت فكرة مستقبل المجتمع و تشظى العقل الجمعي ووهن قلب الطيبة الكبير الذي كان يرسم بالابتسامة و الرضا وجه المصري سمته العام و شخصيته المحببة.
ربما أسمع الأن من يقول أنني أضخم الأمر كثيرا و أن نظرتي قاتمة و أننا لسنا مرضى.لأقول له بصوت أكثر جدية بل مرضى و لن أصدق أننا شفينا حتى يقبل الأب السلفي أن يزوج ابنته لعلماني ويعتز بنسبه. و تقبل المرأة المنقبة أن تزوج ابنها لغير المحجبة و تقبلها كما هي دون فرض وصاية.
لن أصدق حتى تعود العائلات للتجمع في بيت الجدة أو الجد لتتشارك زوجات الأبناء طقوس الطبخ و اعداد المائدة وقبلاتهم الموزعة على الأطفال جميعا دونما تمييز نشفى حقا حينما نسترجع تلويح الرجال لجيرانهم وتحاياهم من الشرفات و شهامة التعامل مع المرأة و اختفاء التحرش. ما أحوجنا اليوم إلى تحقيق ذلك لنشفى، أسرة فأسرة ،عائلة فعائلة ، جيران فجيران. زملاء عمل فزملاء عمل.
أفراد قرية فأفراد قرية ثم مدينة فمدينة ثم الوطن بكامله. ذلك الوطن الذي يقف أبناؤه جميا في ظله آمنين ناظرين للأمام .عينهم على الغد و قلبهم مورق بالمحبة لا يشغله أي شيء عن حلمه الكبير. علينا أن نصل إلى هذه الدرجة من القوة هذه الدرجة من التسامح هذه الدرجة من الإيثار هذه الدرجة من الوطنية كي يعود اسم مصر الكبير و حضن مصر الكبير و شعب مصر الكبير.