القاهرة 22 اغسطس 2017 الساعة 09:38 ص
سمعت كثيرا عن الثانوية العامة, وعايشت هموم بعض الزملاء والأصدقاء , والآن أصبحت فى المعركة, ولزم على خوضها ومجابهة الأعداء , فقررت الإحاطة بكافة تفاصيلها لأعرف من أين ابدأ.
اتفق الجميع على ضرورة تعاطى الدروس الخصوصية مهما كان مستوى المدرسة التى يدرس بها الطالب , ولكن المشكلة تكمن فى إختيار المدرس والمكان ,فهناك أعداد هائلة من المدرسين يعرضون بضاعتهم ويوقعون عليها بأسمائهم – دون خجل أو خوف- فهذا إمبراطور اللغة الإنجليزية, والآخر فيثاغورث الرياضيات , والثالث سيبويه اللغة العربية, ونجم الجيل للغة الفرنسية ، والأسطورة لعلم النفس ، والمايسترو للجغرافيا، والباشا للفسلفة ، والمتألق للإحصاء , وغيرها من العبارات التى لا يصح أن تلحق بمربى الأجيال وصناع المستقبل، والتى يكون هدفها الوحيد الترويج للمدرس وجلب أكبر
عدد من الطلاب وفى النهاية تجد أن معظم المدرسين لا يمارسون مهنة التدريس إلا خارج مدارس الدولة بل إمتد الأمر إلى المدارس الخاصة.
أما عن الأماكن التى تضم طرفى العملية التعليمية فحدث ولا حرج, فهذه مراكز تحمل يافطات عملاقة تعلن عن نفسها وتبشر روادها بالحصول على الدرجات النهائية , وهناك المدرس الذى يستقبل الطلاب فى منزله أو مركزه الخاص, وهناك منزل أحد الطلاب الذى يحتضن باقى زملائه, وتتفاوت الأعداد فالمراكز العامة بها أعداد اكثر من مركز المدرس , ويليها بيت أحد الطلاب.
وتقدم هذه الأماكن جميعها كبسولة صغيرة جدا فى كل مادة يبتلعها الطالب ليظهر أثرها فى الامتحان , وينسى الطالب كل شىء بعده, ليصطدم بعد ذلك بالجامعة التى لم تسلم من هذا الوباء, ويضيع العلم بين مدرس معدوم الضمير, وطالب كسلان, ودولة غائبة.
أما عن أسعار هذه الجرعة المؤقتة فتتفاوت أيضا من منطقة لمنطقة ولكن فى جميع الأحوال تثقل كاهل أى أسرة , وثؤثر على باقى أفرادها لفترات طويلة لأنها تبدأ من نهاية الصف الأول الثانوى وتستمر حتى نهاية السنة الثالثة .
قررت الإستماع إلى ابنى – الطرف الأصيل فى القضية- لعله ينفى كل ماسبق, أو يفسر لى الواقع الأليم على أقل تقدير,فصدمنى أولا بحديثة عن المناهج التى عفا عليها الزمن وتوارثتها الأجيال رغم التقدم الهائل الذى غزا العالم من حولنا , ومع ذلك هو مطالب بحفظها عن ظهر قلب حتى يحصل على المجموع الذى يمكنه من الإلتحاق بالكلية التى يريدها .
ولذلك فهو مجبر على تلقى الدروس الخصوصية لتحقيق هدفه, ثم تطرق إلى الامتحانات وما يتخللها من تدمير للأعصاب و الإصابة بمعظم الأمراض بسبب الإشاعات و التسريبات والنماذج غير الصحيحة للإجابات بالإضافة إلي التغيير المستمر غير المدروس في نظام يؤثر علي عدد لابأس به من الطلاب إلي أن ينتقل إلي مرحلة التنسيق فيضيع مجهوده طوال 9 أشهر كاملة على درجة أو أقل بسبب روتين عفن متوارث من الأجداد.
ولكن ما الحل من وجة نظرك- سألت ابنى- فقال بسرعة فائقة وكأنه كان ينتظر السؤال .. أدعو جميع من بيده القرار أن يعمل بصدق وأن يضع نفسه مكان الطالب ليتمكن من وضع نظام تعليمي يليق بمصر وطلابها وليس فقط ترقيع النظام الحالى,و الاجتماع مع نخبة مختارة من متفوقي المحافظات من طلاب المرحلة والاستماع لشكواهم والنظر في مقترحاتهم للوصول إلي حل وسط يرضي جميع الأطراف و يريح الطلاب مما سبق ذكره , فلا يعقل أن يكون ترتيب مصر في جودة التعليم المركز قبل الأخير وأن تكون جامعاتها خارج التصنيف العالمى بعد أن كانت مركزا علميا يتوافد إليه الطلاب من جميع أقطار العالم لينهلوا من علومها, ويفتخروا بالتخرج فى جامعاتها.. فهل يفعلون؟ إنا منتظرون.