القاهرة 15 اغسطس 2017 الساعة 11:56 ص
ـ ترجمها لطفي السيد ـ الجزء الثاني
م. فاليخانوف(*)
سيميبالاتنيسك،14 ديسمبر 1856،
صديقي العزيز،
سلمني ألكسيس نيكوليفيتش رسالتك. أنت تكتب بمزيد من اللطف والبشاشة مما يبدو لي أني أراك مجددا أمامي. تكتب لي أنك تحبني. وأن أعلن لك بأي حال من الأحوال أني محب لك. ما من أحد قط، وبدون استثناء أخي، شعرت نحوه بمثل هذه الألفة سواك، والرب وحده يعلم كيف حدث ذلك. يمكن أن نقول أشياء كثيرة لتفسير ذلك، لكن الأمر الجميل هو احتفال يشيد بك. أنا واثق، حتى من دون براهين، أنك تصدق إخلاصي، عزيزي فالي خان. لكن إن أراد المرء الكتابة حول هذا الموضوع، فلن يكفيه عشر مجلدات. العاطفة، الألفة هي أمور يتعذر تفسيرها. بعد أن نقول وداعا، في العربة، كان جميعنا حزين طوال اليوم.
طوال الطريق كنا نتحدث عنك ولا يجف المديح. كما كان جميلا لو كنت قد تمكنت أن تأتي معنا! لقد أحدثت أثرا عظيما في بارناؤل. في كوزنتسك (حيث ذهبت بمفردي؛ هذا سر) لقد تحدثت عنك كثيرا إلى سيدة، امرأة فاتنة، ذكية، قلبها ونفسها بهما الكثير وهي أفضل صديق لي(*). تحدثت إليها كثيرا عنك حيث أحبتك من دون أن تراك قط، لكن وفقا لأحاديثي، وهذا يثبت أنني قدمتك بأرشق الألوان. قد ترى يوما ما هذه السيدة، الشهية، وسوف تصبح أيضا في عداد أصدقائها، وهذا ما أتمناه لك. لذلك، أكتب لك كل ذلك. لقد مكثت بعض الوقت في بارناؤل.
من ناحية أخرذهبت هناك إلى حفل راقص وهكذا استطعت أن أتعرف على الكثير من الناس. لقد ظللت فترة طويلة جدا في كوزنتسك (خمسة أيام)؛ وبعد ذلك في زمياف وفي لوكوت. حافظ ديمتشينسكي(*) طوال هذا الوقت على روح الدعابة المعتادة. سيمينوف(*) الرائع؛ رأيته عن قرب. سوف تكون هناك أشياء أحكيها لك لا يمكن التحدث عنها في رسالة. لكنك ذات يوم سوف تعلم شيئا ما.
والآن حيث في نفسي فجأة، وبشكل غير متوقع (كنت أنتظر دون انتظار)، الكثير من الهموم، الأوجاع والمخاوف التي تجمعت من أجل أغلى شخص في العالم كله، الآن حيث أنني وحيد تمامًا(وما الواجب عمله)،الآن أنا نادم لأني لم أعترف لك بهمومي الرئيسية، مشاريعي وكل ماهو منذ أكثر من عامين، يلتهم قلبي حتى الموت! سوف أكون سعيدا صديقي العزيز، يا ساحري تشيكن تشالكانوفيتش. أكتب لك ألغاز، لا تحاول الكشف عنها، تمنى لي النجاح. ربما، سوف تحصل في القريب العاجل مني، على تفسيرا لكل هذا. إن أمكنك، فلتأت عندنا مبكرا، وعلى أي حال في شهر أبريل دون تردد.
لا تعدل من مشاريعك. كم أود رؤيتك؛ وبكل تأكيد، لن تضجر. فلتكتب لي عما يشعرك بالضجر في أومسك؛ وبشكل طبيعي! أنت تطلب نصائح: كيف تتصرف مع خدمك وبشكل عام، في الظروف الراهنة؟ وفقا لي، لا يجب أن تترك أشغالك. لديك الكثير من المواد التي تكتب عنها: فلتكتب مقالة عن البادية؛ سوف ننشرها، (تذكر أننا تحدثنا عن ذلك). سوف يكون من الأفضل أن تكتب شيئ ما من نوع ملاحظاتك حول الأخلاق في البادية، حول إقامتك هناك،الخ.
سوف يكون ذلك أمرًا مستحدثا سيهتم به كل الناس. سوف يكون أمر حديثا جدا، ومن دون شك أنت تعرف ما يجب أن تكتبه (على سبيل المثال، من خلال النوع الأدبي لـ جون تينر،ومن خلال ترجمة بوشكين ، تتذكر؟) كان ذلك سيجذب الانتباه تجاهك في أومسك وفي سان بطرسبرج. المواد التي لديك تهم الجمعية الجغرافية. في كلمة واحدة، في أومسك، كنا ننظر لك بشكل آخر. إذن سوف تستطيع أثارة حتى اهتمام والديك، عبر إمكانية طريق جديدة لك. إن أردت قضاء صيف ما في البادية، لا زلنا نستطيع الانتظار. لكن في شهر سبتمبر من العام المقبل، سوف يمكنك المطالبة باجازة لمدة عام، للذهاب إلى روسيا. بعد أن تقضي بها عام سوف تعرف ما يجب. من أجل عام، سوف يكون لديك الموارد اللازمة. صدقني، الأمر لا يستلزم مبالغ طائلة.
الأمر الرئيسي هو أن تعيش بطريقة ما وأن تحصل على فكرة جديدة حول المسألة. كل شيء نسبي وطارئ. أثناء هذا العام سوف تستطيع أن تقرر بنفسك القيام بخطوة للأمام في حياتك؛ سوف يمكنك أن توضح لنفسك النتيجة، أي أنك سوف تقرر مايجب عمله فيما بعد. بالعودة من سيبيريا، تستطيع أن تقدم لوالديك هذه المزايا أو هذه الاعتبارت التي ربما من أجلها كانوا سوف يسمحون لك بالرحيل إلى الخارج، أي السفر لمدة عامين إلى أوروبا، وفي خلال سبع أو ثمان سنوات، سوف تستطيع تنظيم حياتك بالطريقة التي سوف تكون مفيدة إلى حد بعيد لوطنك. أليس ذلك هو الهدف الكبير، العمل المقدس، أن تكون الأول من بين أقرانك لتوضح باللغة الروسية ما هي البادية، أهميتها، من هو شعبك بالنسبة لروسيا وفي نفس الوقت، أن تخدم وطنك بأن تصنع له خطوات مضيئة بجانب الخطوات الروسية.
فلتتذكر أنك أول قرغيزستاني تماما تعلم في أوروبا. علاوة على ذلك، القدر جعل منك إنسانا مثارا للإعجاب، أنت واهب النفس والقلب. لايمكن، لا يمكنك، البقاء في الخلف. فلتصر؛ فلتعمل، فلتراوغ أيضًا إن أمكن. وكل شيئ ممكن، فلتتأكد من ذلك. لا تسخر على الإطلاق من تفكيري اليوتوبي ومن تنبؤي بمصيرك، يا عزيزي فالي خان.
أحبك بقدر ما فكرت فيك وفي مستقبلك لمدة أيام بأكملها. من دون شك، في أحلام يقظتي، كنت أتدبر وأنظم على نحو أفضل قسمتك. لكن وسط الأحلام، كان يوجد حقيقة واقعة: هي أنك الأول من شعبك الذي امتلك التعليم الأوروبي؛ الوحيد؛ إنه لأمر غريب للغاية وذلك، على الرغم من التزامك بالواجبات. إنه لمن الصعب أن تقرر ما ينبغي أن تكون خطوتك الأولى. لكن، نصيحة أخرى: في العموم، فلتحلم قليلا ولتعمل كثيرا. فلتبدأ بأي شيء. فلتصنع أي شيء لتوسيع مجالك؛ أي شيء، إنه مع ذلك أفضل من لا شيء. فليسعدك الرب!
إلى اللقاء، صديقي العزيز. فلتسمح لي أن أقبلك على الأقل عشر مرات. لا تنساني ولتكتب لي في أحيانا كثيرة. سوريكوف يعجبني. إنه طبيعة رائقة؛ لكني لا زلت أعرفه قليلا. أسوف تقابل سيمينوف وتأتي معه إلى سيميبالاتنسك؟ سوف نكون حينئذ في صحبة عظيمة! قد يحدث في هذا الوقت كثير من التغييرات في حياتي. إن شاء الرب! ديمتشنسكي يرسل لك بتحيته. أكتب لك من منزله ونحن نجلس إلى الطاولة، حيث العادي أننا نتناول الطعام أو نحتسي شاي المساء، في انتظار اليتامى المحرومين.
يجلس في مواجهتي سوريكوف، الذي يكتب لك أيضًا. ديمتشينسكي ينام ويشخر. الساعة العاشرة مساء. كنت أود أن أكتب لك شيئًا ما عن سيميبالاتينسك: ثمة أمور غريبة جدًّا، لكن، من خلال رسالة لا يمكن الحديث عن عشر الجزء مما كان يلزم أن يُحكى بالفعل.
إلى اللقاء، صديقي الطيب. فلتكتب لي كثيرًا، وسوف أرد عليك دائمًا. ربما مرة أخرى سوف أجرؤ أن أحدثك عن أعمالي. تحياتي لـ د. ولتتمن له من جانبي كل السعادة الممكنة. لتؤكد له أنني أحبه، ووفي له بإخلاص.
ملحوظة: السيدة س. تحييك. لقد حكت لي كيف أنك أردت أن تستدرجها إلى أومسك؛ دائمًا تتحدث عنك بشكل دائم وتهتم كثيرا بك.
الوداع
أ. ب،أ. دافيدوف(*)
إلى السيد أب. ميليوكوف(*)
10 سبتمبر 1860
عزيزي ألكسندر بيتروفيتش
أخبرك أنني لن أرحل يوم الأحد بل يوم الأربعاء حصرًا، على ما أعتقد. ولذلك يمكنني أن أكون عرافا لك. أرجوك، عليك بدورك، أن تعرف في أي ساعة غدا يكون التعميد؛ بلا شك سيكون بعد القداس مباشرة. أنا، أشرع في الكتابة. لا أعرف ماذا سيخرج، لكني قررت أن أعمل دون أرفع رقبتي.
المخلص
ف. دوستويفسكي
إلى الأنسات ل. أ. وأو. أ ميليوكوف(*)
بطرسبرج فبراير 1867
عزيزاتي لودميلا ألكسندروفنا وأولجا ألكسندروفنا،
أذكركما بوعدكما الساحر بحضور حفل زواجي، وأجرؤ أن أتمنى أن تأتيا دون تردد. سوف تمنحاني شرفا ولذة لا تنتهي. في الفترات الأخيرة، انشغالات تامة بمعالجة (لا أعرف متى ستنتهي) المرض ألزمتني المنزل دون حركة، دونما أتأكد حتى أنني سوف أتيك لأدعوك مجددا بصوت نابض. كم أنا سعيد أن بيبا على أفضل ما يكون. ولتتخيلا أني كنت أعتمد على أنه من سيكون في العربة مع الإيقونة. كنت أنتوي دائما أن أقوم بزيارته، وبمجرد أن أبدأ في الخروج، سوف أذهب لرؤيته. ترجوني آنا جريجوريافنا أن أدعوكما بطريقة ملحة، على الرغم من أنها لا تملك أبدًا الحق في أن تتوجه إليكما مباشرة. لكن أتمنى أن، عندما ترايناها سوف تحبناها. إنها تحبكما بالفعل منذ وقت طويل، بسبب مشاركتكما الوجدانية لسعادتي، ونتيجة حكاياتي الكثيرة. إلى اللقاء.
الوفي بإخلاص تامٍّ لكما.
ف. دوستويفسكي
مدينة تفير أكتوبر 1859
السيدبيوتر أندرييفيتش
أنا متأكد أنك مندهش وساخط من صمتي الممتد. كنت قد وعدت بالكتابة، أن أخبرك بسرعة ومع ذلك، لا شيء، كما لوأني كنت قد فُقِدتُ. لا تكن مستاءً لهذه الدرجة، أيها العزيز والودود بيوتر أندرييفيتش. أبدو أني مذنب تجاهك دون أن أكون كذلك. لا أنسى قط معارفي، وبخصوصك، أقدرك منذ فترة طويلة أنك أشرف وأنبل إنسان؛ فإذا ما صمت اليوم، على الرغم من وعدي بسرعة الكتابة لك حول الموضوع الذي تعرفه، ذلك فقط بسبب المساعي العديدة التي لدي هنا لأفعلها. مساعي متنوعة تماما. الأمر يتعلق بعودتي لبطرسبرج.
الشكليات الضرورية كانت شديدة التنوع ومعقدة جدا، المساعي العديدة جدًا، والتي لم أكن أتوقع أي شيئ مثلها، ولقد فقدت كل حرية عقلية حيث لم يكن أي شيئ يسير على مايرام؛ يبقى الآن، أن كل شيء يسير إلى المبتغى. ليس الوقت هو مافقدت، لكنها كانت الحرية العقلية، لذلك صمت، منتظرا أن ينتهي الأمر الرئيسي الذي كان يقلقني على خير. فيما كنت أكرر على نفسي، حينئذ سوف أكتب إلى كل أصدقائي السيبيريين. أتظنون أني ما كتبت أيضًا لأي شخص في سيميبالاتينسك؟ لا إلى ميشي ألكسندروفيتش ولا إلى جييبوفيتش (على الرغم من تسلمي رسالة منه).
إلى جييبوفيتش، سوف أكتب حتما هذا الأسبوع؛ وعدته بخطاب طويل مفصل. بالنسبة له، لم ينسني، سوف أكتب أيضا إلى الرائع والنبيل ميشيل ألكسندروفيتش. زوجتي تمني نفسها كل يوم بأن تكتب إلى هيلين إفانوفنا، لكنها تُرجئ كل شيئ إلى ما بعد تنظيم بعض الأشياء الأكثر إلحاحا. وهكذا هي المرة الأولى التي أكتب فيها لك، حيث أني مذنب تجاهك (على الرغم من البراءة). أعرف أنه كان يجب أن أخبرك مبكرا جدا. لكن لنمض إلى الأمور الخاصة.
حديثي الأول إلى أخي، نفس يوم أولى مقابلتنا، معنيّ بك. لقد وجد الفكرة البديعة، لكنه لم يجد المكانة التي تليق بك. استفسرت معه وبتفصيل وبوضوح عن احتياجاتك. خمسة وثلاثون روبل شهريا كأجر، من دون الطعام، ليس كافيا لك. بهذه الظروف يرضى أخي طواعية، لكني أعرف أنها مؤذية لك جدا. قال لي أخي مبررا أنه لو استقدمك إلى سيبيريا مع عائلتك ، ثم إلى بطرسبرج، سوف تقدر أن احتياجاتك تفوق مواردك. يجب أن ألوم نفسي على أنيمنحت أملا عبثيا إلى رجل وأنيفرحت على نحو طائش. أدرك كل ذلك جيدا .
سألت أخي عن أماكن أخرى. قال لي إن الأجور نفسها في كل مكان لكن، وبشكل عام ،الأماكن متنوعة وعديدة لدرجة أنه وبكل تأكيد، مع الوقت، نستطيع أن نجد ما يلزمك. ولذلك تكون خاتمتي هذه: هذا العام ليس هناك شيء نبحث عنه. لكن، العام القادم، لورغبت في ذلك ، سوف أعمل من أجلك، وأعتقد أني سوف أنجح، أولا لأني سوف أكون نفسي في سان بطرسبرج وثانيا بواسطة عدة أشخاص (أعرفهم). في سان بطرسبرج نستطيع أن نجد كل شيء. كل شيئ تماما.
أعدك أني لو اقترحت شيئا في العام القادم سوف يكون بطريقة محددة، إيجابية وليس بنزق. من جهة أخرى، لن يكون لديك أي شيء تفقده. أتمنى برغبة قوية ألا تبقى في سيبيريا لذلك أهتم بساحتكم. لو أن هناك شيئ جيد، سوف يكون كل شيء على أفضل ما يكون لك. المعلومات التي ستنقل لك سوف تكون محددة وإيجابية والقرار النهائي سوف يعتمد عليك. أكتب لي شيئًا ما وأعلمني بخططك. أنا متأكد أيها النبيل جدًا بيوتر أندرييفيتش، أنك لا تود مقاطعة لمجرد تكاسلي عن الكتابة. فيما بعد سوف أرد على رسالتك باسهاب شديد، فيما يخص اليوم لا أود أن أخبركم سوى بما هو رئيسي.
تحياتي العظيمة إلى ناستازيا بتروفونا. زوجتي أيضًا ترسل لها بالتحية. تحياتي لكل أهلك؛ تستطيعين إن أردت ذلك، أن تنقل إليهم هذه الرسالة.
إلى اللقاء الغالي جدا بيوتر أندريفيتش؛ أتمنى لك تمام العافية والنجاح. فلتكتب شيئا ما عن سيمبيلتانيسك. عنواني: تفر، منزل جاليونوف، بالقرب من مكتب البريد. فيما بعد سوف أكتب لك عني بتفصيل. المخلص جدا
ف. دوستويفسكي.