القاهرة 15 اغسطس 2017 الساعة 11:21 ص
مانيكان رجالي ـ سمية سليمان
قبل يوم من الآن، كنت أتجول في الشوارع، أقف أمام الواجهات الزجاجية للمحال، أرى انعكاس صورتي في المرآة فتاة مراهقة في السابعة عشر من عمرها، بنهدين نافرين، ومؤخرة مهذبة تحت الفستان القطني.
كان الصباح لا متناهي في عيوني السوداء وتغريد الطيور يتسابق إلى أذني، ويمحو ضجيج الشارع، وأصوات السيارات المارة. شعري أسود ناعم، يتدثر رأسي به في لهفة، وهو سيمفونية في الهواء. خصلاته تدور في نقاء مكونة التواءت مثيرة.
ما زلت أتنقل بين المحال وأنا في نشوة مداعبة الهواء لفستاني
فجأة وقفت أمام مانيكان رجالي. ابتسمت شفتاي الصغيرتان لعيونه، كان جسمه كما أتمنى، خصره ظهر بلياقة تحت القميص المشدود علي قوامه. عنوان القوة كامن في ساعديه، تمنيت أن ألمسه، أن أمسك يده بيدي ونتجول في الشوارع كما الهاربين من المدرسة قبل انتهاء اليوم الدراسي. بدا لي أني كنت أحلم، لأن المانيكان اختفى من أمامي. أحسست بأيد قوية حول خاصرتي، التفت لأجده هو ! لم ينتظر، هزمني بقبلة علي شفتيّ، ولم يأبه بالمارة.
تمازجت قبلاتنا بالآهات، نظر إلى عيوني وقال : شكرا لك ، لقد دبت في الحياة عندما وقفت أمام جسدي البلاستيك واشتهيت وجودي الحقيقي! يا لروعة قلبك الأحمر! إنه قادر على تحويل أي خيال إلى حقيقة وأي جماد إلى حي .
تعانقنا كثيرا، ذبنا، أخذني إلى حديقة وارتمينا على العشب الأخضر نمرح، نجري، ننام ويدانا متشابكتان .
كان جمال اللقاء أنه بلا ميعاد سابق ولا إنذار بالظهور. بدأت تغيب الشمس. كان لا بد أن أتحرك، تواعدنا على أن نلتقي في اليوم التالي صباحا حين تغرد الطيور وتطير الفراشات نحو الزهور، انطلقت سعيدة إلى البيت، لا أتمالك أنفاسي من ذهول الحب الأول والقبلة الأولى، قررت ألا أبوح لأحد ، قلت غدا سألقاه، وسأسمع طيلة الليل أم كلثوم وهي تغني " أغدا القاك، يا خوف فؤادي من غدي " .
دخلت غرفتي، أغلقت الباب، وقفت أمام المرأة أخلع ملابسي، هي نفس ملامح، وجهي العذب لكن .....،عيوني السوداء ازدات لمعانا، الصدر النافر ، لكنه ازداد تكورا وغرورا ، أفخاذي الرقيقة كما هى بضة لم تترهل ، كانت صورتي في المرأة هي أنا.. وأنا في الثلاثينات من عمري!
رابط التقرير النقدى حول القصة لـ عمر شهريار
http://misrelmahrosa.gov.eg/NewsD.aspx?id=51176