القاهرة 15 اغسطس 2017 الساعة 11:18 ص
بقلم : رمضان سيف الدين
يعد العمل الأكاديمى أحد أروع آليات العمل الثقافى وتكوين العقل العلمى فى مصر . إذ يتسم العقل الأكاديمى بالتفكير المنطقى والإبداعى بعيدا عن سيطرة الخرافة والتخلف والتجهيل والانطباعية , وقد أصبح العمل الأكاديمى ومقرة الجامعة المصرية أحد أرفع أدوات التفكير التى يرفع راياتها أساتذة الجامعة . فلا تميل أفكارهم إلى الانطباعية ولا الى الخبرة انما تخضع فى أغلب الأحيان إلى البحث العلمى الرصين الذى يحدد الأسباب والنتائج .وينطلق من خلالها نحو تحقيق الوقائع .,وأبراز الحقائق ,والاعتماد على معطيات علمية جادة ترتبط بالواقع والمجتمع ,والتاريخ . وكلما كان الأكاديمى على علم بشقين متلازمين ,هما علمه بمجتمعه , وسماته ,وأفكاره ,وأمراضه الذهنية, والشق التانى هو علمه بادواته العلمية ,والبحثية كان ذلك أدعى إلى أن يضع أدواته العلمية والبحثية فى خدمة قضاياه الاجتماعية , كالجراح الذى اصبح ماهرا فى استخدام مبضعة بكل دقة وحرفية لازالة أورام الجسد ,ومنع التشوهات الاجتماعية ,
وهكذا الأكاديمى الناجح الذى تستدعيه الأمة فى وقت الازمات ووقت الحاجة , لكى يقوم بسد الكثير من الفتوق والرقوع فى المسافة الاجتماعية التى يعيش فيها مع المجتمع , وهذا هو الدور الذى يتطلع اليه المجتمع عند الأكاديمى المتخصص ,دون أن ينظر الاكاديمى إلى المجتمع بشىء من التعالى ,والتباهى ,والتفاخر على المجتمع ., فهناك وصلة سرية بين الناس والمفكر تسمى فى أغلب الاحيان ( تواضع العلماء ) وهى السمة التى أن فقدها العالم والمفكر حال بحثه وتفكره وتخطيطه للمجتمع يفقد معها كل الصلة بالعلم والفكر ,ويصبح التنظير فى عالم ,والواقع فى عالم آخر
أما صاحب الخبرة (الخبراتى ) فهو أحد أمرين . أما إدارى صنعته الدولة على عينها وحسب إرادتها وحسب رغبتها من أجل صيرورة العمل الثقافى , فهو قائم فى مقامه لسنوات طوال . وأما أنه موهوب فعين لموهبته . وأما أنه صاحب حظوة فعين لحظوته وأما أنه شار لوظيفته فعين لأمواله وكانت تلك أيام الفساد الغابرة . أما اليوم فاصحاب كل هذه التعينات هم من القائمين على حراسة هذا الواقع وهم مديرو الامس ,ووكلاء وزارة اليوم ,وهم المديرون التنفيذيون للمواقع الثقافية على اختلاف تكويناتهم الثقافية .
فمنهم الحاصل على ليسانس فى الحقوق ,ومنهم الحاصل على بكالوريوس الزراعة , ومنهم الحاصل على بكالوريوس التجارة واصبحوا من العمال الفاعلين فى الحقل الثقافى , دون ان يتلقوا اى معرفة ثقافية اللهم الا الخبرة المتوارثة, والتى يتم تناقلها من سابقيهم والمشرفين عليهم , وبعضا من الدورات التدريبية التى يمنون على انفسهم بها باعتبارها من ترف العمل الثقافى ,او استجماما لبعض الوقت هربا من أوامر المدير, او هربا من الصادر والوارد فى العمل الإدارى الثقافى , وهؤلاء الخبراتيون أو الخبراء كما يسمون أنفسهم لا يستطيع احدهم ان يكتب سيرته الذاتية كما ينبغى ان تكون ,بل انه عليه الحصول على دورة تدريبية لتعلم كيفية كتابة السيرة الذاتية .
بل انه لا يستطيع الحديث حول قضية محورية فى عمله ورؤيته لهذا العمل فهو قد ربط نفسه بلوائح وقوانين جامدة , جعلها قوالب وضع نفسة بداخلها, ولا يوضع معه احد فيها, بل هو الحاكم والامر والسيد بهذه اللوائح , ولا يغير فيها شىء , ولا يضيف اليها شىء, فكما وجدها هى هى , يعيش عليها وبها ,بل ويتقوت منها ,ويهدد كل من يخالفه بها وجل قدراته انه استطاع الجلوس على المقعد المعين عليه لاطول فترة ممكنة , لعشرين عاما متواصلة فاستحق عن جدارة لقب كبير الجالسين على المكاتب
اللهم الا من رحم ربى من اصحاب المواهب الذين ساعدتهم موهبتهم الفنية والثقافية على الهروب من تلك القوالب النمطية الجامدة ,مثل بعض الشعراء , والكتاب , والفنانين , من اصحاب المواهب الذين سددوا خللا كبيرا فى ثقوب العمل الثقافى , وعلى هذا تجمدت كثيرا من مؤسسات الدولة المصرية فى العمل الثقافى وتكلست وتراجع دورها مما أدى معه إلى تراجع القوة الثقافية الناعمة
وبين هذا وذلك يبقى الباحث المدقق , والمنقب عن كنوز العمل الثقافى , وربطها بالعمل العلمى ليتحرك فى ارض الشارع على علم, يصيب به مكامن الداء العقلى من فقر وجهل ومرض, ويستطيع تشخيص الواقع تشخيصا حقيقيا , ليكون وعيا تنمويا حقيقيا بدلا من الوعى الزائف , كالوعى بالواقع ومكوناته , وادواته , وآلياته , وأمراضه وتشخيص الداء والدواء
فادا تعالى الا كاديميون , اصبح الخبراتيون من غير تدريب , فالتدريب المتواصل هو دعم التنمية الثقافية , ومجدد لمصطلحات العمل الثقافى , والتنويرى وبه يمكن ان يتواصل الخبراتيون, بالتجديد الادارى , ووضع اليات جودة تتماثل وثقافات الدول المتقدمة , فلكل نجاح شروط ولا شروط للفشل سوى الفساد والشاطر الثقافى الذى يلحق بركب الإدارة الناحجة فى العمل الثقافى ووضع شروط الجودة نصب عينية
الذى دعانا الى ذكر ذلك هو رسوب ثلاث قيادات قديمة وشهيرة فى اختبارات القبول لرئاسة الهيئة كانوا قد تقدموا بأوراقهم للجنة اختيار القيادات لرئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة ولكن اللجنة بكل أعضائها رات أن أحدهم لا يصلح للقيادة مع أن منهم رئيس سابق للهيئة