القاهرة 15 اغسطس 2017 الساعة 11:13 ص
حقاً "دور الشباب فى الإصلاح الثقافى" خطوة جادة على الطريق الصحيح بدأتها وزارة الثقافة بمتابعة وإشراف وزير الثقافة الكاتب الصحفي حلمى النمنم ،وانطلقت من المجلس الأعلى للثقافة المنوط له وضع الاستراتيجيات التى تنتهجها قطاعات ومؤسسات الوزارة باعتبار المجلس أعلى مؤسسة ثقافية يرأسها الوزير بصفته. تمثلت هذه البداية من رغبة لجنة ثقافة الشباب بإقامة مؤتمر عن الإصلاح الثقافى ودور الشباب فى وضع هذه الرؤية والاستراتيجية .
وبالفعل رغم الصعوبات العديدة والتكاليف لإقامة مثل هذه المؤتمرات إلا أن وزير الثقافة تحمس ووفر كافة الاحتياجات والدعم اللوجستى ،وحرص على حضور حفل الافتتاح بالقاهرة والختام بالمتحف المفتوح الذى يضم ثلث آثار العالم محافظة الأقصر عاصمة الثقافة العربية بحضور المحافظ الدكتور محمد السيد بدر ،بالإضافة لعقد جلسة حوار مفتوح بين الوزير والشباب المشاركين دون سقف فى الحوار فخلق حالة من الشفافية وردود الأفعال الإيجابية لديهم.
حينما بدأت الفكرة كان الهدف التواصل مع شباب المبدعين والمثقفين فى المجالات المختلفة ،لوضع سبل للإصلاح الثقافى من وجهات نظر شبابية مختلفة تمارس العمل فتساعد فى طرح رؤى جديدة تخدم الحياة الثقافية فى ظل المتغيرات المعاصرة ،وفى ظل وجود العديد من التحديات التى تواجه الوطن من الخارج أو الداخل ،لكن ما يعنينا فى الوقت الراهن المشكلات الداخلية من أفكار ظلامية متطرفة ،وانتشار لظواهر سلبية كالإرهاب واستخدام تكنولوجيا المعلومات بما يضر بمصالح الدولة ،وكذلك استخدام وسائل التواصل الاجتماعى بشكل ممنهج عن طريق تكتلات شبابية يتم اختراق أفكارهم وعقولهم مع تغييب الحقائق والعبث بمتطلباتهم لصالح جماعات منظمة تهدف لزرع الفتن وتشويه مجتمعنا.
لذا ومن هذا المنطلق كان التفكير فى الشباب باعتبارهم القوة الحقيقية التنموية ،ورغم تغير المستهدف من فئة الشباب بدلاً من العاملين والمشتغلين بالحقل الثقافى إلا أن الأمر تحول لاستقطاب الشباب من الجنسين الراغبين فى المشاركة بشكل عام دون شريطة احتكاكهم المباشر بالعمل الفنى أو الثقافى ،وبالتالى تم فتح باب التقدم عبر الانترنت ووصلت أعداد المتقدمين لما يقارب ألف وثمانمائة شاب ،تم فرز الرؤى الأولية من خلال كتابة خمسمائة كلمة عن توجه الإصلاح الثقافى لكل من يرغب فى المشاركة.
وبالفعل تم فحص أوراق المتقدمين شكلاً من حيث مطابقة السن المشروط فيما بين السابعة عشر والخامسة والثلاثين ،وموضوعاً من حيث الفكر والطرح الذى تم استعراضه ،فبدأن اعداد تتقلص ،وقبلت أفضل الرؤى المقدمة ،بعدها عقدت اللجنة مقابلات شخصية فى القاهرة والإسكندرية وقنا وبالفعل اختير ما يقرب من مائتى شاب ،بالإضافة لمشاركة شباب من مبادرة بلدنا فوصلت الأعداد لقرابة مائتى وخمسين شاباً.
توجهنا للأقصر الجميلة أرض طيبة الطيبة فى أجواء يملؤها الأمل ويسودها الحب والاحترام المتبادل فكان التواصل بناءً لصالح هؤلاء الشباب واتساع أفقهم فى مجالات فنية وثقافية عدة ،تناقشنا حول العديد من الأطروحات وكان فى مقدمتها التواصل بين الأجيال ،ومكافحة الإرهاب والتطرف ،والفن كقوى ناعمة.
ومع الجلسات العامة أقيمت موائد مستديرة فى المجالات الفنية المختلفة فى الموسيقى والغناء ،الأدب ،الفنون التشكيلية ،الفنون الأدائية ،التراث والآثار ،التنوع الثقافى ،والآخر فى ثقافة الشباب .. موضوعات تتشابك فى الهدف لخلق جيل واعى مثقف ،عاشق لبلده ولفنونها وثقافتها وتراثها حتى يكون حائط الصد المنيع أمام التيارات الإرهابية والتكفيرية التى تحاول إنفاذ مخططاتها فى عقول أبنائنا ،ولأن الفكر لا يحارب إلا بفكر مضاد له منطقية وعقلانية بل ومشروعية بدلاً ممن يختطفون استقرارنا وأمننا لذا سعى الجميع لإنجاح هذا المؤتمر. فسعدنا بالرؤى والأفكار الشبابية الناضجة التى تسعى لوضع خطط لازدهار بلدنا فنياً وثقافياً.
عشنا خلال هذه الأيام عمل جاد ليل نهار غلبت علينا الموضوعية فى المناقشة والحوار ،الحرية التامة فى طرح أى من القضايا الموجودة على الساحة ،الانصات لوجهات نظر الشباب وتوجهاتهم حتى نقف أمام المعوقات الحقيقية لكسر الحاجز ما بين الشباب ووزارة الثقافة وبالأخص لجنة ثقافة الشباب التى أثبتت نجاحها وتواصلها رغم كونها لجنة استحدثت منذ أربع سنوات فقط ،وبجانب الدأب والإخلاص خلال الأيام التى قضيناها سعدنا بمواهبهم وتلاقينا إنسانياً فتولدت مشاعر الحب والتواصل ،وتكونت صداقات ما بين الشباب المشارك وما بيننا كلجنة ،والأجمل هو معايشتهم الواقعية لظروفهم ومحاولة هدم أى عائق لمستقبل ينتظره معظمهم ،فتشكلت رغبة جامحة فى النجاح الفردى والجماعى ،كما كان للصداقة والتعايش السلمى بين المشاركين القدرة على استيعاب أهمية الأمن القومى وكيفية الحفاظ على مقدرات بلدنا كهدف أسمى للجميع.
عرض الشباب صعوبات تواجههم فى قصور الثقافة ولكن لحضور الشاعر الأستاذ أشرف عامر رئيس الهيئة وعد بتذليل أية معوقات أو عراقيل لكل من يتوجه لأى قصر ثقافة وسيتم المتابعة والمحاسبة فى حال وجود تقصير ،كما شمل الحوار التطرق لدور الرقابة وثار جدل كبير واستمع الدكتور خالد عبد الجليل رئيس الرقابة على المصنفات لوجهات نظرهم ووضح بعض الحقائق الغائبة عنهم ،وخرجنا بتوصيات عدة طرحت على مرأى ومسمع من الجميع فى حفل الختام وسيتم خلال الفترة القادمة تنفيذ بعض التوصيات التى يمكن إيجاد سبل لتعزيزها وإنهائها سريعاً ،مع الأخذ فى الاعتبار لكل ما طرح من خلال لجنة ثقافة الشباب بالمجلس الأعلى للثقافة واللجان الأخرى فى حالة من التعاون البناء.
طاقات هائلة كانت تكبح جماحها لكنها انطلقت للأمام فى خطوة كانت غائبة عن الثقافة بينما تمت بقرار عازم على التحدى للصمود أمام العراقيل باعتبارها امتداداً حقيقياً لتوجهات سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى فى الاهتمام بالشباب قوة مصر الحقيقية وأملها فى غدٍ مشرق.