القاهرة 09 اغسطس 2017 الساعة 02:32 م
بعد سنوات من توقف الاحتفال بعيد العلم ، تعيد الدولة الاحتفال به، بل يتضمن خطاب رئيس الدولة استراتيجية علمية عظيمة لو طبقت لنقلت مصر إلى مصاف الدول المتقدمة، ولكن تظل هذه الاستراتيجية مجرد كلام على ورق إن لم تتحول إلى رؤية حقيقية تسير عليها الدولة في كل مساراتها، بداية من مناهج التعليم ما قبل الجامعي، منذ السنوات الأولى للطفل المصري، وحتى أدق تفاصيل الحياة في مصر.
بدأت الدولة المصرية تنتبه إلى أهمية الاحتفال بالعلم، ووضع عيد يتم الاحتفال به سنويا في منتصف أغسطس من كل عام، وحينما قامت ثورة يوليو 1952، غير الرئيس جمال عبد الناصر موعد الاحتفال به من أغسطس إلى 21 ديسمبر وهو تاريخ افتتاح جامعة القاهرة.
هل يكفي أن نحتفل بعيد للعلم كي نهتم بالعلم؟ هل يكفي الاحتفال بعيد العلم أن يحارب ويقاوم الخرافة التي تسيطر على المجتمع؟ نحن أمة تعاني من التفكير الخرافي في كل شئ، لا أقصد مصر فقط، بل أقصد الأمة العربية مجتمعة، فهل هذا التفكير الخرافي الذي يعادي العلم والمنطق والفلسفة،مرتبط بالثقافة العربية أم بالثقافة الإسلامية؟
القرآن الكريم في كثير من آياته يدعو للعلم والتفكر والتأمل، ويكرس لتفكير علمي، لكننا نتجاهل عن كل الآيات القرآنية التي تدعو إلى التفكر والتأمل وإعمال العقل، ويذهبون إلى كل ما يدعو لتغييب العقل وإنكار دوره، بل وصل بنا الأمر أن نعتبر العلمانية كفرا؛ لأنها ـ بحسب رأيهم ـ ترد تفسير العالم للعلم، فهل مجتمع مثل هذا يكفيه أن نحتفل بالعلم، ونكرم الشخصيات والرموز التي حصلت على جوائز الدولة التقديرية والتشجعية، وإن كان الحصول على جوائز الدولة نفسه عليه مآخذ كثيرة؛ لأن هذه الجوائز تحكمها التربيطات والشللية، ويتحصل عليهامن لا يستحق ولا يكون جديرا بها.
جمال عبد الناصر سن سنة حميدة، أن يحتفل بعيد العلم ليكرم رموز الفن والثقافة والأدب بجانب علماء العلم التجريبي، فوجدناه كرم طه حسين والعقاد وأم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهم، وهذه الحقول المعرفية المختلفة تصب في خانة الوعي، وتسهم في تقدم الأمة.
ولكي يسود التفكير العلمي في معالجة تفاصيل حياتنا ونتخذه أسلوب حياة علينا أن نهتم بداية بمناهج التعليم وننقيها من كل ما يقوي التفكير الخرافي في مقابل التفكير العلمي،وأن نضع مناهج تنمي الوعي بالذات وبالعالم وبالوطن وبالقيم العلمية. كذلك يجب أن نتوسع في افتتاح المزيد من الجامعات والمعاهد والأكاديميات العلمية، وأن نخصص دوريات جادة للأبحاث العلمية، وأن نتابع كل ما يتم اكتشافه عالميًا؛ كي يفيد علماؤنا من الطروحات العلمية العالمية.
وأن تسود قيم البحث العلمي في الأبحاث التي تقوم بها الأكاديميات العلمية . وأن تهتم الدولة بعلمائها؛ كي تقدم النموذج والقدوة لشباب الباحثين والمبتكرين وتطالبهم بأن يدركوا أن الغد أشد بأسا من الأمس وأن شعبهم ينظر إليهم نظرة اجلال وأمل للتفاعل مع أدوات العصر والتمكن منها وتطويعها بصناعة مستقبل أفضل لهذا الوطن.
بعد قيام ثورة 25 يناير 2011 المجيدة تحمس الشباب كثيرا، وقدموا اقتراحات وابتكارات واختراعات في مجالات حيوية مثل الطاقة الشمسية وغيرها ، والتقت بهم الفضائيات، واحتفت بهم مواقع التواصل الاجتماعي، لكن أحد منهم لم يجد من الدولة أي اهتمام أو تعاون، حتى أننا سمعنا وقرأنا عن الشاب المصري المخترع الصغير مصطفى الصاوي الذيابتكر فكرة "السد الذكى وشبكة للطرق الذكية" ولما طلب من وزير الشباب أن يسافر للمشاركة في مؤتمر في أوربا، رفض وزير الشباب أن يوفر له حتى ثمن التذكرة، وقد تبنته الإمارات ومنحته الجنسية،وشارك في المؤتمر باسم الإمارات، ورفع علمها في محفل علمي كبير. هل تحسن اقتصاد البلد حينما وفر وزير الشباب ثمن تذكرة لشاب كان سيرفع اسم مصر في المحافل العلمية؟الآن مصطفى الصاوي ينفذ اختراعاته في دولة أخرى وإن كانت شقيقة، وكان الأجدر بمصر أن تتبنى وتدعم مواهب شبابها.
يجبأن تقوم الدولة بإنشاء صندوق لرعاية المبتكرين والنوابغ من الشباب، يشارك فيه القطاع الخاص والمجتمع المدني بجزء من ميزاناياتهم المخصصة للمسئولية المجتمعية والتي سوف تخصم بالضرورة مما عليهم من ضرائب للدولة.