القاهرة 01 اغسطس 2017 الساعة 01:56 م
بقلم :عبده الزرّاع
كاتب الأطفال صاحب رسالة سامية، ويجب عليه أن يسعى دائما إلى تطوير نفسه وتقديم الجديد والجيد الذى يتناسب مع عقل ومخيلة طفل اليوم.
ولكن للأسف الشديد أنه لازال معظم كتاب الأطفال فى مصر والعالم العربى، يكتبون للطفل قصصا ومسرحا معتمدين على النهل من الثراث والموروث الشعبى بشكل أساسى، وهى نفس المصادر التى نهل منها رواد هذا الأدب ، أمثال: كامل كيلانى، وأحمد شوقى، والهراوى، وسعيد العريان، وعادل الغضبان، وبرانق، وغيرهم، وتلاهم أجيال نهلت من هذا التراث بعد أن طورت فى الأفكار والرؤى لتتناسب مع أطفال العصر الذى يكتبون له، وأهم هذه الأجيال، جيل: يعقوب الشارونى، وعبد التواب يوسف، وأحمد نجيب، وإبراهيم شعراوى.. إلخ.
وصولا إلى كتاب الجيل الحالى، وليس العيب فى هذه المصادر التراثية التى تصلح لكل زمان لما بها من غنى وثراء، ولكن العيب فى الكتاب الذين لا يمتلكون خيالا لتطويع هذه القصص بما يتناسب وخيال طفل اليوم، الذى يمتلك ميديا إلكترونية وقنوات فضائية مدهشة تغنيه، بل تجعله ينصرف ويكف عن مطالعة الكتب والمجلات الورقية، وهنا يكمن الصراع بين هذه الميديا وما يقدم فيها من ابهار وصور جاذبة، وبين الميديا التقليدية الورقية من كتاب ومجلة وما يقدم فيها
لذا يجب على القائمين على هذه الميديا الحديثة، والتى أصبحت متوفرة بكثرة من خلال شبكة الإنترنت، فمعظم أطفال اليوم يمتلكون الكمبيوتر، واللاب توب، والأيباد، والتاب، والموببايل الشخصى، كل هذه الأجهزة يستطيع الطفل اصطحابها فى كل مكان يذهب إليه لصغر حجمها، والدخول من خلالها إلى هذه المواقع الالكترونية التفاعلية المبهرة والمسلية للطفل
والتى لا تتناسب فى معظمها مع قيمنا الأخلاقية والدينية، ولا مع عاداتنا وتقاليدنا العربية، بل يدس الغرب –عن عمد- لأطفالنا السم فى العسل، ليخرج للمجتمع طفلا عنيفا مشسوها، والخطورة تكمن فى صعوبة إبعاد الأطفال عن هذه الميديا التى وصلت إلى حد الادمان لدى معظم أطفالنا بعدما انتشرت كالنار فى الهشيم.
وليس العيب –كما أسلفت- فى مصادرنا التراثية العربية التى علمت العالم أجمع وأخذوا عنها وطوروا تجاربهم الإبداعية، فكتاب الغرب أخذوا عن ألف ليلة وليلة الواقعية السحرية، وصدروها لنا على أنها من بنات أفكارهم، فقد إكتشفوا مبكرا قيمة هذا الكتاب المدهش وترجموه فى أعقاب الحروب الصليبية إلى جميع لغات العالم،
وقد سئل ماركيز -ذات يوم- فى أحد الحوارات الصحفية، أى الكتب تصطحب معك فى أسفارك؟، قال: نسخة من ألف ليلة وليلة، وقد سئل أيضا أندرسون صاحب نوبل الصغيرة عن أهم الأشياء التى أثرت فى مخيلته وهو صغير، وجعلته من أهم كتاب الأطفال فى العالم، قال: كان أبى صانع الدمى يحكى لى من حكاياتنا الشعبية الدينماركية، وقصص من كتاب ألف ليلة وليلة، إذن هذا الكتاب لطفل اليوم بدليل، أن كاتبة هارى بوتر أخذت عن ألف ليلة وليلة، وطورت هذا الخيال بما يتناسب مع عقلية الطفل الغربى، وألفت كتابها الذى نجح نجاحا منقطع النظير، لدرجة أنها وزعت منه فى طبعته الأولى 8 مليون نسخة،
وترجمت إلى العديد من لغات العالم الأخرى، بل وقدمت من خلال السينما، وأفلام الرسوم المتحركة وغيرها، وأصبحت هذه المؤلفة التى اعتمدت فيه على ألف ليلة وليلة من أشهر كتاب الطفل فى العالم، وكذلك استفاد كتاب العالم من كتاب "كليلة ودمنة" ، الذى ترجمه إبن المقفع من الهندية إلى العربية، ورغم أنه كتاب سياسى فى الأساس إلا أنه أصبح من مصادر قصص الأطفال فى العالم، لأن حكاياته تدور على ألسنة الحيوان والطير
وكذلك حكايات "إيسوب" اليونانى، التى ترجمت إلى العربية والعديد من اللغات، كما استفاد كتاب الطفل من موروثنا الشعبى الغنى بالحكايات، والحكم، والأمثال، والأغانى، والأحاجى، وغيرها، هذه الأشكال من الموروث التى لازال ينهل منها حتى الآن كتاب الأطفال المصريين.
وأرى أنه يجب على كتاب الأطفال المصريين والعرب، أن يبتعدوا قليلا عن التراث والموروث، وأن يهتموا بكتابة قصص الخيال العلمى، التى تشهد ندرة شديدة، وكذلك القصص التى تدور فى عالم الكمبيوتروالانترنت، وقصص الفضاء الخارجى، والقصص العلمية التى نتهل من العلوم المختلفة ولكنها ترتكز على الخيال، حتى يستطيع كاتب الأطفال المصرى والعربى أن يواكب كتاب الطفل العالميين.