القاهرة 25 يوليو 2017 الساعة 09:47 ص
بحزن شديد ننظر إلى أغنية الطفل اليوم و نبلع حسرة و نحن نستمع إليها و نرى الأطفال تحت وقع موسيقاها يرقصون سعداء. يتغنون بأغان لا تنتمي لبيئتنا و لا لثقافتنا. ولا تتناسب معهم فتشوه طفولتهم و براءتهم ناهيك عن سيل الكارتون الذي تعرضه القنوات الفضائية الخاصة بهم التي نتركهم نحن أمامها ليل نهار فهي تعمل على مدار الأربع و عشرين ساعة تنام القنوات العربية و لا تنام مثيلاتها الأجنيبة بفعل فارق التوقيت نتركهم أمامها مشدوهين شبه مغيبين و صامتين بدعوى راحة رؤوسنا ، وأعباء الحياة الزوجية المكدسة على رأس الأم و غياب أبسط قواعد التعامل تربويا و صحيا مع الأطفال و هي نومهم في الثامنه لا أقول السابعة كأطفال الغرب.
حتى و إن سمعت الآن من يقول أن هناك قنوات عربية بالفعل . أنا معك و لكن أين خطتنا نحن في الحفاظ على هويتنا و خصوصيتنا المصرية و المقدم منها لا يرقى إلى المنافس الغربي في الغزارة و الابهار. هكذا تصبح الموسيقى الغربية و اليابانية و الهندية هي ما يشكل ذائقتهم و يصبح مثلهم الأعلى في الحياة شخصيات كرتونية على سبيل المثال(كابتن ماجد ) ( سبونج بوب سكوير بانتس ) و ( بن تن ) و( عائلة جامبل ) ناهيك عن سيل الأغاني الهابطة التي تلوث سمعهم و تتلف لغتهم و تهبط بها مثل ( الشبشب ضاع ) أو أغنية ( هاتي بوسه يا بت ) ( أه لو لعبت يا زهر) هذا إلى جانب الغناء بلهجات غير مصرية في بعض القنوات وهم في مرحلة التكوين مما يؤثر بدرجة كبيرة على معجمهم اللغوي و طريقة نطقهم للكلمات مثل ( ليك الواوا )
أعرف ان هناك القليل من الأغنيات التي تقدم للطفل تمثل ضوءا وسط هذا الظلام الكاسح مثل أغنية (شخبط شخابيط) . وأغنيات عالم سمسم, و غيرها. و غيرها مما لم تتح لي الفرصة الكافية لمتابعتها لكني استشهدت بالنماذج التي أتيحت لي وأردت أن أدق جرسا للانتباه و أشدد على ضرورة وجودمنافس مصري جذاب و ساحر يوازي هذا السيل أو يقلل من خطورته . حتى لا نتساءل بغرابة كل يوم، ماذا جرى لأولادنا؟ و لماذا يتصرفون بهذه الغرابة؟ و كيف اتسعت الهوة إلى هذه الدرجة بيننا و بين أولادنا ؟
إذا كان لنا أن نبني بلدا , فلابد أن نربي طفلا يشبهها, يصبح رجلا يحميها. و هو الدور الذي لن نضطلع به كأفراد في هذا المجتمع.لأنه دور مؤسسات الدولة (وزارة الثقافة و وزارةالإعلام و وزارة التربية و التعليم) كل منها يدعم الأخر و يؤازره .
و أركز بل و أستجديهم أن يوجهوا طاقاتهم إلى أطفال القرى في العطلات الصيفية, فعرض مسرحي واحد في قرية- في ساحة أو في إحدى المدارس - كم سيغير و يبهج و يبعد أشباح التشدد و الجهل و التكفير. ربما نستطيع تحقيق بعض التوازن, في ظل ثقافة العولمة و السموات المفتوحة .
و ربما نستطيع أن نحميهم من خواء الروح , والأفكار الهدامة فيكبرون أصحاء يشبهون مجتمعهم و ينتمون إليه و يقفون أشجارا قوية ضد الريح الهمجيةالتي تعصف به منذ سنوات.