القاهرة 18 يوليو 2017 الساعة 11:09 ص
لم يبالغ الشاعر الكبير رفعت سلام حين وصف كتاب " أدب المصريين – شهادات ورؤى " للشاعر والكاتب المسرحى احمد سراج بأنه أشبه مايكون بكتاب " وصف مصر " الذى وضعه علماء الحملة الفرنسية لمعرفة جوانب مصرالثرية المتعددة لكن مصر الموصوفة هنا هى مصرالثقافية أو لنقل على وجه التخصيص مصرالأدبية فالكتاب – الذى تبلغ صفحاته أربعمائة وثلاثين صفحة – يقدم بانوراما متنوعة لكافة الأجناس الأدبية بدءا من الرواية وانتهاء بأدب الطفل مرورا بالقصة القصيرة وشعر الفصحى وشعر العامية بالإضافة إلى فصلين مهمين عن الترجمة والنقد الأدبى وقد اتبع سراج منهجا دقيقا فى تقديمه لهذه الفصول
فهو يبدأ بكلمة موجزة عن الجنس الأدبى مستعرضا رؤيته له ثم تتوالى شهادات مبدعى هذا الجنس فلو تأملنا القسم الفصل الأول المعنون ب "أنهارالرواية المصرية " نجد مجموعة لافتة من الروائيين يمثلون أجيالا روائية مختلفة واتجاهات فنية متنوعة يمثلها إبراهيم عبد المجيد وسعيدنوح وصبحى موسى وعمار على حسن وماهرمهران ومحسن يونس ووحيد طويلة وهانى القط وهشام علوان يتصدر كل منهم تعريف موجز وتنتهى الشهادة بنموذج من أحد أعمالهم وغالبا ما تكون الشهادة صفحة ولاتزيد عن صفحتين وقد أتاح ذلك أن نكون أمام عدد وافرمن المبدعين وعلى الرغم من أن النقد لا يعول – الآن- اطلاقا على شهادات المبدعين كما كان شائعا فيما يعرف بالنقد النفسى الذى كان العقاد من رواده خاصة فى كتابه " ابن الرومى حياته من شعره" أقول رغم ذلك فسوف تظل شهادات المبدعين ذات أهمية خاصة ولقد لفت صاحب الكتاب النظر إلى أمر هام وهو إمكانية التعامل مع الشهادة الأدبية بوصفها جنسا أدبيا يقوم على تيمة الاعتراف وتأمل الذات والمكاشفة واختيار الكتاب – الذى تم ترتيبهم أبجديا – لايخضع للشهرة بقدر مايخضع للقيمة والتميز وهذا ما ييسرمهمة النقاد فيما بعد حيث ألقى الضوء على عدد كبير ممن يستحقون المتابعة النقدية لأعمالهم خاصة فى مجال القصة القصيرة هذا الجنس الذى يكاد يكون مهجورا لكنه يعود الآن بقوة على يد احمد همام واسامة جاد وحسين عبد الرحيم وصابررشدى وغيرهم على أن أهم ما فى الكتاب هو تضمينه لعدد من شعراء الفصحى الذين لم ينالوا حظا من الشهرة رغم تميزهم والأمر نفسه ينطبق على شعر العامية الذى يطلق عليه " شعر صحيح" ربما لرفع الغبن الذى يقع عليه دائما وقد أحسن الكاتب حين توقف أمام كتاب أدب الطفل نظرا لأهميته البالغة ولندرة كتابه
يلقى الكاتب – بعد ذلك – رؤية شاملة لفن الترجمة تحت عنوان " مرآة الآنا والآخر" ويرى أن الترجمة واجب إنسانى والحقيقة أننا لانستطيع معرفة أنفسنا إلابمعرفة الآخر لأننا نقيس من خلاله مدى تقدمنا أو تخلفنا والأدب العربى لم يتطورإلا من خلال الاحتكاك بالآخر ومعرفة مالديه معرفة حقيقية تقوم على الانتقاء والتفاعل الخلاق يتبقى هذا الفصل إلهام عن النقد الأدبى الذى يعد ضرورة حضارية وهو إبداع مواز للنص الأصلى وقد امتاز هذا الفصل بتنوع اتجاهات النقاد وتعدد أجيالهم والملاحظ غلبة النقد الثقافى على بعضهم وهو منهج يوظف أدوات النقد الأدبى فى معرفة بنية النص الجمالية ثم يسعى إلى معرفة كيفيات انفتاحه على السياق الثقافى العام
كتاب " أدب المصريين – شهادات ورؤى" يجمع بين المتعة والفائدة ويعد إضافة جادة للمكتبة العربية