القاهرة 08 يوليو 2017 الساعة 06:06 م
الإبداع النسائي جديرا بأن يصنع ظاهرة قديما و حديثا و جذب إهتمامالقراء و النقاد بصفة خاصة. هذا الإبداع يثير فى أي وقت معضلة جدلية فى الأوساطالثقافية و خاصة الإبداع الروائى النسوى لأنه النوع الأدبى الوحيد القادر علىاستيعاب قضايا المرأة و إتاحة مساحة رحبة يملأوها المنتوج الإبداعى النسائى بمخزونذاكرتها و ثقافتها و أفكارها الإبداعية. من الملاحظ فى الفترة الأخيرة ظهور كاتباتواعدات على الساحة الإبداعية فى مصر و الوطن العربى كما ذكرت آنفا أن هذه الظاهرةتثير الإهتمام فى أى وقت و جديرة بالبحث و الدراسة، ما الجديد الذى تقدمه هذهالكتابات عن سابقتها من جيل الأوائل من المبدعات؟
إن المقارنة بين الأجيال الإبداعية النسائية ، تظهر مدى تطورالأفكار و المعطيات مع مشاكل المرأة مع تطور ثقافة المرأة و تنمية مصادر معرفتها وتغيير نظرة المجتمع مع المرأة عموما فى جميع مناحى الحياة . فالتغيير لم ينلمن المرأة فقط بل شمل المجتمع بأسره . هناك مواقف فى الماضى كانت تشكل معضلة كبرىمثل عمل المرأة ،الآن لم تعد كذلك فالمرأة متاح لها مثل الرجل العمل فى شتىالمجالات بل على العكس فى بعض الأحيان يميل أصحاب الأعمال فى توظيف المرأة لكونها تبدع فى هذه الوظيفة أكثر من الرجل. شغلت المرأة مجالات متقدمة سواء فى المجال العلمى أو الثقافى أو السياسى، نجدها تقود مسيرة أمم و دول وأحيانا تقود حروب. ينطلق الشغف بأعمال الروائيات فى الفترة الأخيرة من هذهالنقطة
مازال مصطلح الكتابة النسوية أو الأدب النسوى يثير انتقادات و جدلعارم بين مؤيد و معارض. هناك من يعتبره شديد العمومية و شديد الغموض ، إذا كانتعملية التسمية ترمي فى الأساس إلى التعريف و التصنيف . وهناك أيضا من يعتبرها حكمابالهامشية مقابل المركزية مفترضه( مركزية الأدب الذكورى )أو ذلك المقابل لما يرادتسمية بالكتابة النسوية. يتحول الأمر من مصطلح أدبى إلى مناكفة بين الرجل و المرأةو تعزيز مركزية الرجل فى مجتمع ذكوري و هامشية المرأة..
أحيانا شكل الكتابة أو مضمونها يفرض على المتلقى البحث عن جنسكاتبها سواء كان رجل أو إمرأة و لا يستطيع ان يفصل بين الكتابة و جنس كاتبها.
يأتى نفور المبدعات العربيات من مصطلح الكتابة النسائية من نابعشعورهن بالتهميش و الدونية و هى الصورة النمطية التى رسمها الخطاب الذكورى الأحادىفأى تصنيف لا تنظر إليه المرأة الكاتبة على أنه نوع من التميز أو الخصوصية بل ضعفيضاف إلى قائمة الصفات السلبية التى نقشها الرجل على لوح التاريخ بشأن المرأة. منوجهة نظرى أن المعضلة التى خلقها مصطلح الكتابة النسائية تظهر فى المناهج النقديةالتى فشلت حتى الآن فى الغوص داخلمتخييل المرأة المبدعة و إنتاج قراءات عميقة. .
لقضية النسائية التى تمثل موقف ايديولوجيا داعيا إلى إعطاء المرأةحريتها المطلقة، ارتباط وثيق مع القيم الإيديولوجية للمجتمعات، ساعية لنيل بعض المستحقاتالتى ظهرت أهميتها فى حماة الدعوات المطالبة بالحقوق النسائية، نضالات تنشد الحريةو المساواة و تدعو لضرورة مشاركة المرأة الفاعلة داخل المجتمع سواء بالسماح لهابالإقتراع فى الإنتخابات أو الترشح فى انتخابات مجلس الشعب أو عدالة الحصول علىالأجور أو المناصب و تعلن رفضها القاطع أن تكون صفة الأنوثة أو الأمومة اوالبيلوجية الخاصة بالأنثى تكون عائقا للإنخراط و التوحد مع قيم المجتمع السائدة.
دائما رواية المرأة تكون بينشقى رحا سلطة الواقع و سلطة التخييل . الإلحاح على موضوعات بعينها تتمحورحول قضايا المرأة الأصيلة التى تتعلق بها ككينونة وجود هى ما تقلق هذه النصوص. ماهى إلا موضوعات عن واقع المرأة الإجتماعى و الثقافى و الإرث الحضارى الذى تتحملتبعات سلطاته بمختلف أشكالها سواء كانت سلطة الثقافة المجتمع أو الدينأو سلطة الرجل التى تمارس ضد المرأة تغيير قضية المرأة و صورتها و علاقتها بالرجل من جهة و علاقتها بالمجتمع من جهة أخرى هى القضية التى تشكل هاجسا لأغلبالروايات و عبرها يتم طرح قضايا أخرى تتعلق بالمجتمع أو الإشارة إلى مشكلاتتحتاج إلى إعادة النظر،النظرة الدونية التى لصقت بها منذ بداية الخليقة..
عبرت المرأة فى كتابتها عننفسها عن رمزيتها ووصاية الآخر عليها فأنجزت بذلك شخصية نسوية تحاول أن تكونحرة قوية مقابل شخصية ذكورية مليئة بالسلبيات و التناقضات.
نجد الشخصية الذكورية فىالروايات النسائية إما أب قاسى و أخ متعجرف و زوج غير متفهم و الحبيب الحامل لقيممجتمعه السلبية و الفارس المنتظر و المتدين القمعى و المثقف الإنتهازى و العاشقالصوفى و الرقيب السلطوى ..... و غيرها ، تشكل لوحة قائمة للذكورة فى واقع المرأةالإجتماعى و فى مخيلها الإبداعى.
يقول غالى شكرى عن هذه النقطةفى الأدب النسوى : ( الرؤية الذاتية لأنفسهن فجعلهن الرجل المعاصر إنساناشرقيا، والفتاة المعاصرة كائنا حضاريا متقدما عليه و فى ضوء هذا التصور كان الجنسعندهن تعبيرا مأساويا عن الضياع مما جعلهن يعتقدن أن التحرر من هذا الجانب ، هوالحرية المطلقة حتى و إن كانت هذه الحرية متمثلة ببناء علاقات جنسية غير شرعية وبالتالى يغيب عن ذهنهن أن تحرر المرأة لا يقتصر على التحرر من الرجل فحسب بل هىبحاجة الى أن تتحرر عن عقلها المتوهم).
الكتابة عند المرأة المثقفةعامل رئيس فى جعلها أكثر تحررا من النساء الأخريات فهى عن طريق الكتابة امتلكت قوةالتعبير عن نفسها بحرية نسبية كما قدمت رؤية مختلفة عن رؤية الرجل للحياة و الكون.رؤية متشعبة بالتوق إلى الحرية الكاملة و بناء عالمها الإجتماعى المتعادل معالرجل. يقول حسام الخطيب (عندما تقرر المرأة أن تخرج من حضن الرجل رافضة أنيحدد كينونتها ينجم عن هذا الخروج نوعين من الروايات النسوية ، نوع جيد يتمثل فىأدب معتدل حساس ذكى يحمل نظرة جديدة إلى العلاقات الإنسانية و نوع آخر مهووسبمعاداة الرجال و فيه تقاتل المرأة عدوان الأبوين و الذكور و النساء اللاتي.يرفضن الإلتحاق بالحركة النضالية النسوية).
تركيبة تصنيف الجنس و الطبقية وفكرة سيطرة الرجل تستعرض فى الروايات النسائية بوصفه دلالة جزئية من إهتماماتالكاتبات و هناك إحالات مستفيضه تستخدم جنس الذكورة للجنين الذى لم يولد أشارتإليها بعض هذه الروايات و هذا يعكس مدى الإنكسار عند المرأة فى الميل اللاشعوريلسيطرة المجتمع الذى يشير إليها بالذكر.عمل المرأة يوفر لها نوعا من الحريةالشخصية و يقل اعتمادها على الرجل و يقوي موقفها أمام الرجل و يمنحها استقلالية فىإتخاذ القرار و تصوير ذعر المجتمع الذكوري ،ان نجحت المرأة فى إثبات تفوقها فىالتعليم و العمل فى المجالات العلمية و الفكرية. الربط بين التحرر الإقتصادى والتحرر الإجتماعى نجده فى معظم الكتابات النسائية و لذلك تعتبر المرأة عملهاليس ضرورة اقتصادية فقط أو مساهمة فى ميزانية المنزل بل أيضا له ضرورة لوضعهنالفردي و الإجتماعي
عمدت الكاتبات فى خطابهنالروائي إلى إظهار المرأة المتفردة، متفوقة، على الجنس الآخر (الرجل) إمعانا منها فى إثبات ذاتها و إظهار مقدرتها و استقلال شخصيتها ، رافضه أن تروضذاتها بالشكل الذى يرضيه و يحقق سيادته و غطرسته.
إذا هناك بعض النقاط نقيس بهاالكتابات النسائية الجديدة و ندرس مدى التحول الفكري الذى طرأ عليها و التغيير و حجمهمن تلك القضايا التى تخص المرأة .أصبحت بعض هذه القضايا و التركيز عليها ليس ذىجدوى مثل حق التعليم أو حق العمل أو المساواة فى الحقوق و الواجبات . منذ صدور أولرواية عربية نسائية كانت للكاتبة زينب فواز من لبنان (حسن العواقب) عام 1895 و أول رواية نسائية مصرية للكاتبة أمينة السعيد (الجامحة) عام 1950 ثمتلتها( دموع التوبة) لصوفي عبد الله عام 1959. كانت تحيط هذه الكتابات بعدة مخاطرمن أهمها على الإطلاق كان رد فعل العائلة و المحيطين بالمبدعة فدائما تعلن الذاتالداخلية، إشهار الرفض عبر ضمير المتكلم الذى يحيل إلى صدق التجربة. التأرجح بينقول الحقيقة و الخوف من عواقبها هو الكامن وراء روايات نسائية تفصح فى داخلها عنرغبتها فى أن تقول ذاتها عبر ضمير المتكلم، و أخرى تعلن فى صفحتها الأولى أن كل مايرد فى الرواية هو صنيع الخيال مهما تقاطع مع حقائق الواقع. ننتقل إلى زمن آخر ألاو هو عام 2016 من خلال ثلاثة روايات لمبدعات صدرت أعمالهن فى عام2016 . زرايب العبيد لكاتبة ليبية نجوى بن شتوان نالت العديد من الجوائز الروائيةعلى مستوى الوطن العربى و مؤخرا وصلت إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية برواية زرايب العبيد عام 2017.
ا رواية 104 القاهرة للكاتبةضحى العاصي مصرية من مواليد مدينة المنصورة درست الطب فى موسكو و تجيدالعديد من اللغات الأجنبية و مارست العمل الأدبي و الثقافي في مجالات عديدة منهاكتابة القصة و اسهامات فى إنشاء مراكز أدبية مثل أبجدية و شبابيك .
أما رواية المختلط ، كاناختيارها لما تمثله من إعتدال و موضوعية فى طرح الآراء المتعلقة بالمرأة رغمأن مضمون الرواية لم يتخذ قضايا المرأة خطا رئيسيا فى مضمونها لكنه جاء ضمنطرح كافة مجالات الحياة المتعلقة بمكان ما في مدينة ريفية مثل مدينة المنصورة فىرواية مكانية فى الأساس بعيدا عن أيى ايديلوجية ممنهجة.
فى رواية زرايب العبيد تكون الكاتبة نجوى بن شتوان التاريخ من جديد لحقبة زمنية بعيده منوجهة نظر نسائية بحته . تلك حقبة خضوع ليبيا لفترة الحكم العثمانى. تحكي لناعن العبيد و الأسياد و تلك الزرايب التى كانت تحوى النساء الإيماء بصفةأساسية و معهن بعض الرجال و الصبية المهمشين ،إما أبناء عبيد أو بلا نسب.
تذكر الكاتبة فى مطلع المتنقائلة(يتوجب عليه الحديث عن جارية أو أمة بصفتها الإنسانية دونما ذكر ما يشير إلىمنزلتها الدونية ليناقض بذلك ثقافة دمغت مجتمع).
لم تكن العادات و التقاليدالبالية المعضلة الأساسية فى رواية زرايب العبيد فكانت هذه العادات مثارسخرية و نقد فى مواضع كثيرة داخل الرواية لكنها جاءت مأسوية فى مواضع أخرى، أكثربؤسا و حزنا (من اخبرك أن الخادم تقفل؟) ص 58
تحيل الكاتبة بأسلوب رائع لمصيرالإماء كما جاء فى صفحة 60 ( خلتنى أعرف لأول مرة أنه كان أسود منذ مجيئهإلى الحياة و لم يتحول قط عن السواد).
تحمل الرواية بعض النقاط التىتتميز بها الكتابة النسائية و ذكرنا بعضها فى مقدمة هذه الدراسة المرأة المطحونةالمستعبدة من مجمتع ذكوري ظالم و طاغي فكان الأب المتغطرس الذى نتج عن تصرفاتهالمستبدة لقتل المولود الذكر الذي كان ينتظره ،لمجرد أنه ابن جارية و لم يعلم انهمن صلب ولده.
(لماذالا يبدو الفقي متأثرا لموت طفل محمد و يشجع الجد على نسيان الأمر و عدم تهويله فماالميت إلا قطعة لحم طرية نصفها لخادم) صفحة 263.
جاءتأهمية التعليم و كانت تعتبره بمثابة طوق النجاة من تلك العبودية و تحكم الرجل فىمصير المرأة (إنها تجمع المال كى ترسلنى إلى مدرسة محو الأمية عند بنت فليفله واشرع عبر التعليم فى تغيير شكلى مستقبلى قبل ان اكبر) ص24.
النماذج الذكورية داخل الروايةجاءت جميعها مستغلة تستبيح جسد المرأة فى العموم مثل الفقي الذى حجزالبطلة داخل أحد بيوت الدعارة لتكون مطية له فقط أو مستبد مثل محمد الكبير الذىقتل حفيده لمجرد أن أمه الجارية سهت عن قطعة لحم أكلتها القطط. حتى الحبيبالمخلص جاء سلبيا متخاذلا ضعيفا أمام العادات و التقاليد و سطوة المال ومصالح العائلة التجارية.لكن هناك نماذج وفيه مخلصة تمثل الأمل و منبع الحياةللمرأة مثل يوسف زوج الإبنه الذى عاونها و زاد عنها و دفعها إلى مجال التعليم وكذلك ابن أخت محمد الذى ظل يبحث عنها ليعطيها صك حريتها و يناضل من أجل ميراثها كأنهيمنح المرأة الليبية صك إعتراف بها من مجتمعها القبلي..
يأتى لب مضمون الرواية معلنا عنالمعادلة المتكافئة بين الرجل و المرأة كلا منهما يحتاج الآخر لتستقيم الحياة وينعما بالسعادة. تعلن البطلة التى تمثل المرأة قائله(تذكرت محمدا و كان فى قلبهاأمل أن يبحث عنها و يعيدها إليه فى أي مكان من الدنيا كانت تروم رؤيته أكثر من أيوقت كانت تحب حضوره الذى يعادل الحرية و الحياة و كل شئ).
أما الطرف الآخر من المعادلةاللازمة لإستقامة الحياة و العيش فى السعادة جاء على لسان محمد العاشق قائلا (كانالإحساس بالهزيمة غالبا فتعويضة أولى محاولات التمرد لإبن العائلة التقليدية فىعلاقتها امتزج التمرد بالإنغماس فى شهوة التجربة بالسعي لإرضاء الذات و عيشها والإنسلاخ عن تبعية مطبقة متوارثة) ص 298
فالرجل و المرأة لا يستطيعأحدهما الإستغناء عن الآخر أو التغول عليه. الحب عند المرأة كل شئ أما الرجل فالحبيمثل له نوع من التمرد على التقاليد و تسلط الكبار.
ضحى العاصي صنعت حكاية فى رواية104 القاهرة محورها الرئيس الحب هو المسيطر و المحرك للأحداث حتى لو جاءتمتناقضة للشخصية الواحدة و لكن إذا أرجعتها للحب ستجد المنطقية فى هذه التصرفاتلهذه الشخصية. كل الشخصيات النسائية الرئيسية داخل الرواية تعيش يتيمة الأم و لهاأب منشغل بحياته الخاصه و العملية حتى الزوج له عالمه الخاص . فمثلامنال المستكينة منكسرة الجناح (ابنة خادمة الطشطوشى) ص90عندما تعرضت للغدرمن أخوات الزوج( طارق) السلبي و الغير مبالي، تتحولت إلى فتاة شرسة بعد أن كفرتبالحب تعددت علاقتها الغير شرعية بالرجال و لا يحركها سوى المال . كونتفلسفة خاصة بها ( تعالى معى السرير لتتعلمى من هو الرجل هناك عندما يكونعاريا من كل شئ تستطعين رؤية الحقيقة) ص164
نجد أيضا التناقض فى تصرفاتبيسه التى تربت و عاشت حياتها بطريقة ما (بيسه هى الفتاة المدلله التى لا يرفض لهاطلب أكل لعب ملابس سيارات كوافيرات تعليم مميز ...) ص 167 تحولت بفعل داء الحب لشئآخر مغايير تماما ارتدت النقاب و تبرعت بكل ما تملك للجمعيات الأهلية ((تركتالعمل كأستاذة فى الجامعة حتى ترعى ابناءها و انه لا مكان للمرأة خارج المنزل) ص63 الدافع هو الحب تتزوج من ذلك الرجل المتدين المنتمى للتيارالإسلامي السياسي المنشغل عنها في عالم آخر . التغيير من النقيض للنقيض حتما سيؤدىلإنهيار اخلاقي كما حدث مع منال أو إنهيار ذاتي كما حدث مع بيسه التى خلعت كاململابسها و خرجت عارية على الخدم فى لحظة ضعف انسانى . التناقض أيضا فى تصرفات غادةالتى رفضت الزواج من عادل هيدرا بذريعة التقاليد و العادات و لكنها عندما أحبت ذلكالمستشار تخلت عن هذه العادات و التقاليد و تزوجته فى السر دون اعلان و تخلت عنشخصيتها تماما فى سبيل الحب و العشق.
جاء الرجل فى رواية ضحى العاصي فى نماذج بشرية غير مبالية بالمرأة سلبية مثل حسن زوج انشراح الضعيفالباحث عن لذته بعيدا عنها بطريقة شاذة أو مجدى متعجرف صعيدى غير كفء للزواجمن ناهد صاحبة الحسب و النسب او غارق فى ملذاته مثل طارق أو بلطجى مثل وليديثير اعجاب البنات بعضلاته و قوته المزعومة أو مجدى العصامي المنشغل بعالم البيزنس. نجد أيضا الحبيب المخادع مثل شخصية ابراهيم الذى هاجر إلى فرنسا دون أنيهتم بذلك الحب الذى تركه خلفه و لم يبالى به رغم أن هذا الحب يمثل لإنشراح حياتهاو ذاتها . كذلك غادة و حبيبها المستشار الذى يتسم بالأنانية و عدم الإكتراثبغادة التى ضحت بكل شئ من أجله.
يأتى نموذج الفريد داخل الروايةالمحب الفارس المخلص ملهم الحياة فى صورة أشرف حتى وصفته انشراح قائلة (الحبالحقيقى يأتى عندما تنتهى الحياة ) نستخلص من هذه الرواية أن المرأة تنسى كل شئحقوقها حياتها عندما تجد الحب فهو المسيطر على وجدانها رغم أن الرجل جاحد ظالممستبد او غير جدير بهذا الحب . ربما تشابهت رواية 104 القاهرة مع رواية زرايبالعبيد فى أهمية الحب عند المرأة لكنهما إختلفا عندما تعلق الأمر بالرجل ضحىالعاصي تجد أن الرجل شهواني لا يريد من المرأة سوى جسدها
.رواية المختلطللكاتبة داليا اصلان صدرت عام 2016 أيضا لكنها رواية تحكي عن مكان و ترصدالتغييرات الإجتماعية التى
طرأت على هذا الحي الهام داخل مدينة المنصورة ومن بين هذه المجالات شئون المرأة و حياتها و إن لم تكن الخط الرئيس داخل الرواية.جاءت الرواية متسقة مع الفترة التاريخية التى ترصد من خلالها الكاتبة أحداثالرواية حيث لم تكن تعمل المرأة فى عام 1920 و لم تكن خرجت للعمل بعد و لم تنلقسطا وافرا من التعليم . لم تكن المرأة تعمل سوى فى الأوساط الفقيرة كخادمةللمساعدة فى الصرف على أبنائها أو المساهمة فى ميزانية البيت أو راقصة فى الملهىأو من أصول أجنبية كما ذكرنا جاءت الرواية متسقة مع الواقع و لم تتبنى أى قضية تمسالمرأة سوى عرض لحياتها و تصرفتها مثل كل شخصيات الرواية. كان شغل الشاغل للمرأةداخل الرواية أبناءها و زوجها و بيتها . جاءت منكافات بين المرأة و المرأة الأخرى منأجل كسب ود الزوج المشترك واثبات إحداهن للأخرى مدى مقدار حب الزوج لها اكثرمن الأخرى جاء ذلك فى مواضيع عدة بين الجازية وود تعرضت الرواية لبعضالمشكلات الإجتماعية مثل الختان و تأخر الإنجاب و خرافات السيدات مثل الدخولالمرأة الحامل على إمرأة حائض.تعرضت الرواية لضعف المرأة و نهب ميراثهابطريقة غير مباشرة كما حدث لنفيسة الصغيرة.
كانت روايةالمختلط حاضنهلفكرة الأسرة و عنيت بتكوين الأسرة و جعل الزواج سترة للمرأة و كذلك أيضا كشف أهمية الولد الذكر فى الأسرة و التحايل على وجوده حتى لو بالتبنى كماحدث مع فهمى و عفت و عرض عليه فكرة التبنى لمجرد حمل الإسم فقط(هايبقى لك بيت وعيلة أب و أم نسب معروف وورث) ص 168.جاءت النماذج الذكورية متوازنة زوج حنونأحيانا غاضبا أحيانا أخرى و حاضن للمرأة فى معظم الأحيان. رواية المختلط نموذجللرواية المتوازنة و متسقة مع واقع زمن السرد بعيدا عن أى جدل و تجنب المسائلالخلافية بقدر كبير.
في النهاية اوضح شيئا أنهناك نماذج أخرى من الكتابات النسائية المتطرفة و المتحيزة بشدة إلى مواقف المرأةو مناصرتها لكن فضلت عدم التطرق لها حاليا ربما لاحقا نتعرض لها بالدراسة والتحليل.