القاهرة 04 يوليو 2017 الساعة 11:22 ا
يوصف عصرنا بأنه عصر"العلم والتقنية" حيث أصبحت العلوم المختلفة وتطبيقاتها من مستلزمات الحياة في الوقت الحاضر، فقد تدخل العلم في شتى مناحي حياة الإنسان، وأصبح مقياسًا لقوة الدولة وتقدمها الحضاري .
والعلم هو ثمرة النشاط العقلي للإنسان بما ينجم عنه من نظريات وقوانين تحكم علاقات الأشياء ببعضها، ويتميز العلم بصفة العمومية لأنه نتاج فكري، وليس له هوية ولا تحده حدود قومية أو جغرافية أو سياسية. ومن هنا أيضًا تولد مفهوم الثقافة العلمية الذي يمكن الفرد من الاقتراب العلمي وولوج الطريق إلى منهج التفكير العلمي.
ولقد اكتسب مفهوم الثقافة العلمية أهمية بالغة في السياق التربوي والثقافي المعاصر عقب أطروحة المفكر البريطاني تشارلز سنو Snow حول إشكالية فصل الثقافة العلمية في جوهر النظام التعليمي. فلقد اعتبر سنو Snow أن المجتمعات الغربية ونظامها التعليمي وحياتها الفكرية تعاني شرخا بين ثقافتين هما: الآداب والعلوم الإنسانية من جهة، والعلوم الطبيعية والحيوية من جهة أخرى، وأوضح"سنو" مخاطر هذه الإشكالية في أن يكون لدينا ثقافتان لا يمكنهما التواصل فيما بينهما في الوقت الذي تقرر فيه العلـوم الجزء الأكبر من مصيرنا.
وهذا الطرح يقود بالضرورة إلى الثقافة العلمية وضروراتها وأهدافها في السياق المجتمعي والحضاري المعاصر، ومن ثم ضرورة إعداد وتأهيل الأفراد بالقدر اللازم
والضروري من تلك الثقافة العلمية. ومن هنا يتواصل الحديث أيضًا عن الدور المنوط بمؤسسات التربية والتثقيف عمومًا في تنمية وتطوير الثقافة العلمية لدى الأفراد.
ومع تعدد مصادر الثقافة العلمية في مجتمع المعلوماتية الراهن فثمة ضرورة قصوى مرتبطة بتوفير نظام تربوي – تعليمي متكامل يهتم بغرس التوجهات العامة للتفاعل مع الثقافة العلمية، وإدراك الآثار بعيدة المدى التي تحملها العلوم والتقنية للمجتمعات المعاصرة، ولن يتحقق ذلك إلا عندما تدرك المؤسسات التعليمية على مختلف مستوياتها ضرورة التركيز على المناهج التي يكون على رأس أولولياتها استيعاب مفهوم الثقافة العلمية مضمونًا واستراتيجية وتطبيقًا وتطويرًا، وبلورة كل ذلك عبر الفصول الرسمية والأنشطة غيرالمنهجية والتفاعل اليومي المستمر للطلاب عبر مختلف الأنشطة الحياتية.
وانطلاقًا من الاهتمام العالمي بقضايا تعليم العلم والتقنية ونشر الثقافة العلمية بين جموع الأفراد، فلقد خطت المملكة العربية السعودية خطوات سريعة، وظهر ذلك بوضوح في توجهات خطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمملكة(4) ، التي أشارت إلى أهمية تطوير سياسات العلم والتقنية للحاق بالدول المتقدمة، كذلك ظهرت هذه التوجهات في وثيقة سياسة التعليم في المملكة سواء من حيث المبادىء والأسس التي ترتكز عليها أو من حيث الأهداف التي توجه مراحل التعليم المختلفة .
ولعل اهتمام وزارات التربية والتعليم في عالمنا العربي بتضمين الثقافة العلمية لمناهج التعليم العام يجب أن يوضع في الحسبان أثناء التخطيط لتطوير التعليم وعقد المؤتمرات والتجارب التجديدية التي أجرتها في المراحل المختلفة وبخاصة في المرحلة الثانوية. وتجيء وثيقة منهج الثقافة العلمية للتخصصات الأدبية بالمرحلة الثانوية لتعكس فكر القائمين على رعاية وتخطيط التعليم العام في مجتمعنا من ضرورة التكوين التكاملي للطلاب بالجمع بين العلوم الإنسانية والاجتماعية وبين العلوم الطبيعية، وهو توجه يتسق مع ما تنادي به الأدبيات والمؤسسات والجمعيات العلمية والتربوية على مستوى عالمنا المعاصر .