القاهرة 27 يونيو 2017 الساعة 06:47 ص
أنا والشَّجَرةُ
محمد القلليني
إنَّنا مُتَشابِهانِ جِدًّا
ولنْ يُلاحِظَ أحَدٌ فَرْقًا بَيْنَنا
فتعالَيْ نَتَبادَلِ الأدْوارَ أيتُها الشَّجَرةُ
أنتِ تَذْهَبينَ إلى بَيتي
وتتَظاهَرينَ بأنَّكِ أنا..
وأنا أقِفُ مَكانَكِ في العَراءِ
وأتظاهَرُ بأنَّني أنتِ..
جيراني سَيَقْذِفونَكِ بالنَّميمةِ
كما تعَوَّدوا أنْ يقْذفوني
ومِثْلي.. لنْ يَتَساقَطَ مِنْكِ
إلا ثمارٌ طيّبةٌ
وأطفالي الجَوْعَى لنْ يقْطِفوا
مِنْكِ ثَمَرةً واحِدةً
فقَدْ عَلَّمْتُهم ألا يَحْصُدوا حُلْمًا
لَمْ يَتَبَلَّلْ بِعَرَقِهِمْ.
تَعالَيْ نَتَبادَلِ الأدْوارَ أيتُها الشجرةُ
وأَعِدُكِ ألا أوقِظَ عَصافيرَكِ
لو نامَتْ على صدْري
وأنْ أُمَشِّطَ شَعْرَ الرِّيحِ
وأُرَبِّتُ على حَنْجَرَتِها المُمْتَلِئةِ بالصُّراخِ
وأنْ أسْتُرَ أيَّ عاشِقَينِ يَخْتَلِسانِ قُبْلةً
مِن وَراءِ ظَهْرِ الخَوفِ
وألّا أتَخَفَّى أبَدًا
مِن حَرّانَ مُنْهَكٍ.
تَعالَيْ نَتَبادَلِ الأدْوارَ أيتُها الشجرةُ
لِأتَعَلَّمَ مِنْكِ أنْ أُحِبَّ جُذوري
التي تُثَبِّتُني في الأرضِ بقُوّةٍ
أُحِبُّها -حتّى- وهي تَمْنَعُنِي الفِرارَ
مِن وَجْهِ حطّابٍ يُكَشِّرُ عَنْ فأْسٍ نَهِمٍ.
حِكْمةٌ
على عَكْسِ كُلِّ الشُّعَراءِ..
أنا لا أُحِبُّ القَمَرَ.
في صِبايَ شاهَدْتُهُ يكْشِفُ
صَدْرَ جارَتِنا العَفيفةِ لِمُغْتَصِبيها.
ولا أُحِبُّ السُّحُبَ
فقدْ تَقَيَّأَتْ إحْداها فَوقَ رأْسِ جَدّي العَجوزِ
وهوَ يُهَرْوِلُ لِشِراءِ دَواءٍ
لأُمّي المُسْجاةِ على طاوِلةِ المَوتِ.
لكِنّي أُحِبُّ اللهَ
وأَعْلَمُ أنَّ له حِكْمةً
مِنْ أنْ تُمْطِرَ سَحابةٌ
في المكانِ الخَطَأِ
ومِنْ أنْ يُضيءَ القَمَرُ
طَريقَ أشْخاصٍ سَيِّئينَ.