القاهرة 27 يونيو 2017 الساعة 05:35 ص
مديحة أبو الحسن ـ سورية
إن ارتباط الموسيقا بالنفس البشرية بناء على ما سبق ليس بجديد فهوقديم قدم الإنسان على هذه الأرض، كما إن ارتباط الروح بالدين وارتباط الموسيقابالمعابد في الحضارات القديمة كالحضارة اليونانية والفرعونية والبابلية وغيرها منالحضارات، هي دلائل على ارتباط الروح بالموسيقا ارتباطا وثيقا، فالموسيقا تخاطبالروح كما أن الأمور الدينية هي أمور روحانية ومن هنا يمكن الإحساس بالعلاقةالمباشرة بين الموسيقا والروح الإنسانية، وكلمة " الروح " أتت في الأصلمن اللغة اليونانية ثم اشتقت منها كلمة " نفس " ولا يزال في لغتنااليومية ما يدل على أن الروح هي النفس، إذ يطلق على المريض نفسيا بأنه يعاني ألمانفسيا أو تتحكم به روح شريرة ولكن من المهم أن يعي المرء بأن علم النفس يبحث فيفهم السلوك الإنساني من خلال دراسة التطور النفسي عبر قوانين الطبيعة ومن خلالدراسة المجتمعات التي عاش فيها الإنسان والتي كان لها اثر في تغيرات ضمن الجهازالعصبي لديه .(إيرلباخو تسينر،1978،ص 7)
لقد اعتبر اليونانيون الموسيقا ضرورية للحفاظعلى صحة العقل والجسد، وتعمل على شفاء الأمراض الوظيفية والعضوية ، وارتبطتالموسيقا عندهم بالنفس حتى ان اصل كلمة موسيقا جاءت في الأصل من كلمة (ميوز( Muse))، و(الميوزات)،جمع ميوزة، هنَّ وصيفات (فينوس) اليونانية، وكنَّ يرفهن عن الآلهة وكانت كلُّواحدة منهن متخصصة في فن من الفنون وإحداهنَّ بالموسيقا.
ويتجلى معنى الموسيقا عند اليونان فيما قالهأفلاطون في مقولته المشهورة "دعني أصنع أغاني الشعب ، ولا يهمني من يصنعقانونهم" (1985, P 9Grout,) ،إن هذه العبارة أو المقولة لها دلالة على مدى ارتباط الموسيقا عند اليونانبالتربية والثقافة وكذلك على مدى تأثيرها على سلوك الإنسان، وانتمائه لمجتمعهووطنه.
لقــد فرق اليونان بين أنواع المقامات أو السلالمالموسيقية المختلفة عندهم، فاعتبروا لــلبعض منها اثراً سلبياً يؤول إلى إفساد الخُلقويؤدي إلى الرذيلة وهي التي عُرفت عندهم بالمقامات الرخوة الأنثوية، والبعض الآخرله أثر إيجابي يبعث في النفس العفة والقوة والصفات المحمودة وهي التي عُرفت عندهمبالمقامات القوية الحماسية.وفيمابعد ، جاءت غالبية المؤلفات الموسيقية- مرتبطة بالكنيسة وكان ذلك في العصور الوسطى(Medieval)بين عامي (450 – 1450) ميلادية حيــث بدا ذلك جلياً فيالترانيم الجريجورية Gregorian) Chants) وموسيقا الكنسية (Music of the church)، كما هو الحال أيضاً في موسيقاالفن الحديث (ars-nova) الذي جاء في القرن الخامس عشر فــي إيطاليــا وفرنــسا، ثـمموسيقـا عصر النهضة Renaissance) (The بين عامي ) 1450– 1600( للميلاد، فقد ظهر في ذلكالعصر ما يعرف بالاورجانوم (Organum)والموتيت (Motette) والمادريجال(Madrigal)والقداس (Mass)، والتيتحولت مواضيع بعض منها، فيما بعد عصر النهضة، إلى المواضيع الدينوية، وعند ظهورالبروتستانتية على يد مارتن لوثر حوالي عام 1517، قام باستخدام الموسيقا كوسيلةفعالة في التأثير على الجماعات من خلال الأداء الجماعي للغناء مما أثّر في العديدمن الأشخاص، فانتموا إلى تلك الحركة الجديدة. Kamien,) 2000, P 115)،وذلك يشير إلى أثر الموسيقا واستخدامها في التأثير على الإنسان
ولاتصال الموسيقا بالدين دلالة أساسية علىتأثير الموسيقا في الروح البشرية وهذهالعلاقة الراسخة عبر التاريخ تؤكد قدرة الموسيقا في تغيير سلوك الأفراد تبعا لنوع الموسيقاالتي يستمعون إليها، وفي عصر الملكة اليزابيث في القرن السابع عشر في إنجلترااعتبرت الموسيقا من الأمور التي تَحولُ دون الإتصال بالله، فاستنكرتفئة من المسيحين الاحتفالات والأعياد ودق النواقيس والاحتفال بميلاد المسيح بالرقصوالشرب )المحاسب، 2000، ص 37 - 38) .