القاهرة 20 يونيو 2017 الساعة 02:08 م
مهدي بلحاج قاسم هو الفيلسوف والروائي الفرنسي التونسي الأصل والمولود عام 1973. له العديد من الأعمال من بينها جماليات الفوضى و أرتو ونظرية المؤامرة و بعد باديو ...إلخ
كنت أود أن أكون امرأة كيما أكتب هذا الكتاب" الوجود والجنوسة" يستكشف الفيلسوف مهدي بلحاج قاسم المتعة والرغبة الأنثوية.
نقول دون افتراء إن كتابه ليس سهل الفهم. ثري، مضن، من الصعب أحيانًا فهمه. وتكرم صديق فيلسوف بمساعدتنا في العثور على طريقنا.
يستعيد بلحاج إحدى أفكار" لاكان"، الذي يعتبر الرغبة الذكورية رمزية: أريد أن أحصل على شيء ما له معنى( الـ"قضيب" عند لاكان، إنه هو: الذي يعطي معنى للأشياء)، ومن ثم، اللذة تكون عندما أحصل على هذه المتعة الرمزية. في المقابل عند النساء، الرغبة نصف رمزية، ونصف" شيء آخر". لا يسمي" لاكان" هذا الشيء الآخر. كقارئ، أفهم إنه" عاطفي"، فيزيقي".. إلخ. ومن هنا جاءت عبارة" لا توجد علاقة جنسية" بمعنى أن هاتين اللذتين ليس بينهما علاقة. ليستا على نفس اللائحة".
" ينطلق بلحاج من صديقته التي تقول:" أنا نصف مستمتعة"،ومنها يأخذ فكرة أن لدى الرجل، ثمة جانب الرغبة وجانب آخر المتعة، الذي يلغي الرغبة: الاثنان منفصلان. ولدى النساء، هناك تواصل بين الرغبة والمتعة. ومن ثم هناك نوعان من الفلسفة:" الذكورية" من نوع فلسفة أفلاطون، هايدجر وباديو، التي تفصل" الوجود"( فلنقل عالم الأفكار) عن العالم الواقعي( فلنقل العالم المحسوس) والفلسفات المسماة" نسوية"، مثل دولوز، بالنسبة له كل شيء في المحسوس: هناك استمرارية من الرمزي إلى المحسوس، إلى العاطفي.. إلخ.
• رينيه جروزار: في إحدى المقابلات، التي تم تصويرها وبثها على موقع اليوتيوب، تشيرون للبورنو كثقافة" الأشعة المقطعية الجراحية، ما أطلق عليه التحليل النفسي "النزعة الفيتشية" ...؟
• م.ب.ق: ما نراه مع البورنوجرافيا المعاصرة يعود إلى زمن بعيد، يقال إن المزاج الذكوري بالأحرى علمي، والمزاج الأنثوي بالأحرى فني. لو أن
ثمة روابط بين العلم والجنسانية الذكورية، فتاريخ هذه المقاطع المجزأة هى نفس طريقة المضي في العلوم.
أتحدث هنا عن غالبية البورنوجرافيا التي نراها في" كانال بلوس" في منتصف ليلة السبت. إنها تكرس أيضًا لأسطورة الذكورية المشهورة، هوس الإيلاج هذا. ومع ذلك، إنه أمر ثانوي نسبيًا في الليبيدو النسوي.
ر.ج: لهذه الدرجة؟
• م.ب.ق: مع علم الجنس الحديث، أُكتشف أن البظر كان الجارحة، التي على الأقل على نفس مستوى تعقيد قضيب الرجل الشهير، والذي له تداعياته... عندما نقرأ أعمال علم الجنس الحديث، نرى أن مشاعر النساء هى بالأحرى تقول:" لقد سئمنا من هذه الديكتاتورية. "
لنقل بشكل واضح تمامًا، أن اللذة المرتبطة بالإيلاج، قد تكون موجودة، ولكنها عملية ثقافية. إنها أمر معقد ويتعلق في آن بالمخ والجنسانية، التي تعتبر منحرفة كما الجنس الشرجي.
الجنس الشرجي، يمكن تعلمه، والسر الأكثر مواراة حول جنسانية الأنثى، هو أن لذة الإيلاج، لا تأتي من هذا القبيل.
هذا هو ما أسميه في الكتاب" العنف الذكوري" بمعنى" الدعارة المفرطة". إذا تداولنا الإيلاج منذ فجر الإنسانية، ذلك لأن هناك من الأسباب التي يلقي الجميع عليها الحجاب.
إن لذة الإيلاج من جانب النساء هى أبعد ما تكون عن الفطرية كما يقول الناس. انه شيء يتم تعلمه.
وهذا يقال عندما أناقش أصدقائي المثليين، ويشكون إلى حد ما من استبداد الإيلاج، كما هو حال النساء في كثير من الأحيان، ونحن لا نفكر بما يكفي في المداعبات، وفي كل شيء آخر.
• ر.ج: تنتصر للحركة النسوية على الرغم من النقد الحاد...؟
• م.ب.ق:لا، لا أعتقد بأنني نقدي للغاية. أو ضد الحركة النسوية القديمة. ما أقوله، هو من أجل أن نفهم شيئا ما في الليبيدو، ربما ينبغي أن ننطلق من النساء على ما هن عليه، بما في ذلك عيوبهن، الهيستريا...
ما يزعجني أحيانًا في الخطاب النسوي، إنه يوجد كراهية للنساء على هذا النحو. أي: النساء بوصفهن ضحايا، وسوف ننتقد كل ما أسميه كل أشكال أمراض الضحية عند المرأة.
• ر.ج: ما هى النسوية الخاصة بك؟
• م.ب.ق: النسوية بالنسبة لي، إن كانت هناك نسوية واحدة، تشجيع الحركة النسوية على أن تكون أكثر تسامحًا، تقريبًا بالمعنى المسيحي" رحيمة".
ولا نقول فقط" النساء ضحايا"، ولنتناولهن كما هن بأمراضهن، ولنفهم إنه في القلب نفسه من هذه الأمراض تكمن النسوية التي ستنبثق.
• ر.ج: إنك تدافع عن النساء لكنك تنطلق من مبدأ كونهن هيستيرييات بالضرورة...؟
• م.ب.ق: أنا نفسي صبي كان هيستيريًا لفترة طويلة، وهذا يظهر في كتابتي عن ذلك، حيث قدمت تحليلي. في الواقع، الهيستريا بالأحرى أنثوية لكنها تشير بشكل خاص إلى مدى أولوية الإيلاج، واصطفاء القضيب، مركزية العقل القضيبي ،كما كان يقول دريدا، والتي جعلت النساء منذ فجر الإنسانية ضحايا.
الهيستريا هى الليبيدو النسوي، الذي لم يكن مفهومًا. إنها مقولة فلسفية لها أهمية بالغة في عملي. لم نقل ذلك أبدًا، لكن هناك هيسترييات إيجابيات. لدي صديقات هيستيريات تمامًا لكن ليس لدى رغبة في أن يتوقفن عن أن يكن كذلك. وهن لطيفات للغاية هكذا. ثمة طريقة لتكون هيستيريا مبهجة جدًا.
الهيستريا تعين تاريخانية عدم الفهم اللغوي الذكوري، الذي تعرضت له الأنثوية منذ الأبد، حول هذه النقطة المحددة: يختلف كليًا الليبيدو الأنثوي عن ما قيل في الخطاب الذكوري.
• ر.ج: تقول في كتابك إنك لم تكن أثناء الكتابة،"لم أكن أكثر تضامنا مع جنس عن آخر"، و..؟
• م.ب.ق:" كنت تارة رجلًا وتارة امرأة، وغالبًا بين الاثنين:" أحرار الجنس" queer"" ما نحب أن نقوله اليوم. ثنائي الجنس بشكل ميتافيزيقي، ناهيك عن حياتي الجنسية التجريبية.
• ر.ج: هل تمسكت بهذا الموقف؟
• م.ب.ق: ومع ذلك، يمكنني أن أدلي باعتراف. لقد شعرت لفترة طويلة بالذنب لكوني رجل يكتب هذا الكتاب.
كنت أفضل أن أكون امرأة لأكتب هذا الكتاب. إنه تقريبًا حال إعلان" دريدا" إنه سيفكك المركزية العقلية القضيبية، لكن من فعلها رجل. كنت فخورًا بما كان لدى لأقوله، لكن قلت لنفسي إنني كنت أكرس المركزية العقلية القضيبية.
لا أحب كثيرًا كتب" ألفريدا يلينك"، لكنني أتفق معها في نقطة. عندما نشرت" عازف البيانو". قالت إنه كتاب كان ينتوي محاكاة كتاب" تاريخ العين" لـ" باتاي"
كانت تقول:
كل لغة البورنوجرافيا والجنسانية كانت قد كتبت من قبل رجال. ونحن النساء، لا نستطيع ابتكار أي شيء. نحن محكومون بمحاكاة لغة الرجال".
لكن أعتقد بأن لغة النزعة الإيروتيكية تبدأ في أن تصبح ممكنة.
• ر.ج: لقد اقتبست هذه الجملة من فاجنر، التي تظهر أنك صاحب بصيرة: " سوف تحدث عملية تحرير المرأة فقط من خلال تشنجات النشوة".؟
• م.ب.ق: هذه الجملة كان قد كتبها قبل وفاته، ومع كل التطورات حول المرأة والموسيقى هذه واحدة من الأشياء النادرة، التي أحبها كثيرًا عنده. إنها تنبئ عما يمكن أن تكونه النسوية غدًا.
أنا مقتنع بأنه فيما يتعلق بالمعرفة وكيفية الحديث عن المتعة الجنسية للإناث، لسنا سوى في البداية. أكبر التحررات قادمة.
• ر.ج:كيف يصبح فيلسوفًا مهتمًا بالمتعة؟
• م.ب.ق: ما أثارني في البداية، إنه الحوار مع باديو. بالنسبة له، الحدث ليس له علاقة بالمتعة. إنه يرى تمامًا أن المتعة من اختصاص فكر التحليل النفسي؛ وفجأة تكون الفلسفة قد تحررت من هذه المسألة. قبول مسألة التمتع في الفلسفة للذهاب بأسرع ما يكون، إنها تسمى التزمت.