القاهرة 13 يونيو 2017 الساعة 12:08 م
ثمة فرق جوهري بين مفهومي العلم والمعرفة، العلم هو إدراك الشيء المعلوم على ما هو عليه إدراكاً حقيقياً مطابقاً للواقع، أما المعرفة هي العلم بالشيء على حقيقته ،وتكون في الغالب مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم .وللعلماء عبارات مختلفة في بيان معنى المعرفة قريبة من تعريفهم للعلم إلا أن العلم يسبق بالجهل والمعرفة تسبق غالباً بنسيان أو غياب.
ونخلص أن المعرفة في الاصطلاح الفلسفي: فهي: ثمرة التقابل والاتصال بين ذات مدركة وموضوع مدرك. وتتميز عن باقي معطيات الشعور من حيث إنها تقوم في آن واحد على التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين. والمعرفة بهذا الشكل هي التي تحصل للذات العارفة بعد اتصالها بموضوع المعرفة.
وهناك فروقا بين العلم والمعرفة؛ فالمعرفة عند البعض أخص من العلم؛ لأنها عِلم بعَيْن الشيء مُفَصَّلاً عما سواه، وكل معرفة علم، وليس كل علم معرفة، وذلك أنَّ لفظ المعرفة يُفيد تمييز المعلوم من غيره، ولفظ العلم لا يفيد ذلك.
والمعرفة تقال فيما يُتَوصل إليه بتفكر وتدبر، وتستعمل فيما تدرك آثاره، ولا يدرك ذاته، والعلم يستعمل فيما يدرك ذاته تقول: عرفت الله، ولا تقول: علمت الله.
وقيل: العلم يكون بالاكتساب، ، والمعرفة بالجبلَّة، فهي إدراك جُزئي يَحصل بواسطة؛ لذلك يقال: عرفت الله، ولا يقال: علمت الله، فالعلم لما يدرك ذاته مع الإحاطة به.
وهناك من يقول بأن العلم أخصُّ من المعرفة؛ لأنَّها قبله؛ إذ تكون مع كل علم معرفة، وليس مع كل معرفة علم، إلى جانب تضمنها للخبرة العملية
العلم يقال لإدراك الكلي أو المركب، والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أو البسيط
والمعرفة تنصرف إلى ذات المسمَّى، أمَّا العلم فينصرف إلى أحواله.
كما أنَّ العلم يقابله في الضدِّ الجهل والهوى، أما المعرفة فهي ضد الإنكار والجحود.
علاقة المعرفة بالعلم
أ- عند المعتزلة
يرى المعتزلة أن العلم والمعرفة مترادفان: إذ العلم بالنسبة للعباد تبيُّن وتحقُّق، وكلاهما يعني ذلك المعنى الذي يقتضى سكون نفس العالم إلى ما تناوله. وبذلك فإنه لا فرق بين المصطلحين، ولا بين فائدتيهما، ومن ثم يسمى كل عالم عارفاً.
ب ـ عند أهل السنة
يرى أهل السنة أنه وإن كان ثمة ترادف بين معنى: العلم والمعرفة، من حيث إن كلا منهما يعني إدراك الشيء على ما هو عليه. إلا أن ثمة تباينا بينهما من الوجوه التالية:
1_ المعرفة مسبوقة بجهل، أو إدراك مسبوق بجهل. وليس العلم كذلك ولذلك يقال للحق سبحانه وتعالى عالم، ولا يقال له عارف.
2_ كما أن المعرفة قد يراد بها العلم الذي تسبقه غفلة، وليس العلم كذلك ومن ثم يسمى الله تعالى العليم وعالم الغيب وعلام الغيوب ولا يسمى عارفا.
3_ تطلق المعرفة على إدراك البسيط، ويطلق العلم على إدراك المركب، فتقول: عرفت الله ولا تقول علمته.
4_ تطلق المعرفة على ما يدرك بآثاره ولا تدرك ذاته. ويطلق العلم على ما تدرك ذاته. ولذلك يقال: عرفت الله، ولا يقال: علمته.
5_ خلاف المعرفة الإنكار، وخلاف العلم الجهل. وذلك لأن في معنى المعرفة الاعتراف والإقرار.
6_ وقيل: إن المعرفة تستعمل في التصورات، والعلم يستعمل في التصديقات. ولذلك تقول: عرفت الله ولا تقول علمته، لأن من شرط العلم أن يكون محيطاً بأحوال المعلوم إحاطة تامة. ومن أجل ذلك وصف الله تعالى نفسه بالعلم لا بالمعرفة.