القاهرة 06 يونيو 2017 الساعة 09:57 ص
كتبت هالة موسى
صدر مؤخرا عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، كتاب جديد للدكتور صلاح هاشم، تحت عنوان "الفقراء الجدد : سوسيولوجية القهر والحيلة". وجاء هذا الكتاب ليعبر عن نسق فكري خالص، يحاول أن يصف طبيعة العلاقة بين الدولة والفقراء. ورغم أنها كُتبت فى أوقات متفرقة، وعبرت عن أحداث متباينة، مَرَّ بها الوطن خلال هاذين العامين؛ إلا أنها شكلت فى مجملها موضوعا للنقاش الفكرى والجدل، حول العلاقة الساخنة بين الدولة والشعب، فيما يتعلق بسياسات القهر وفنون الحيلة . ولا يعتبر هذا الكتاب نسيجا مختلفا عن سابقيه من الكتب التى أعدها الكاتب عن الفقر، التى ظن فلى كل منها أنه قد أوفى قضايا الفقراء حقها، إذ ولكن يبدو أن قضايا الفقراء باتت مرضاً عنكبوتياً أوسرطانياً متشعباً، لا يمكن وصفه أو الحديث عنه فى كتاب واحد، أو دراسة بحثية واحدة .
وقال الكاتب فى كتابه " إذا كان العَوَز و نقص الحاجات المادية يشكلان معياراً مهماً فى وصف أحوال الفقراء، فإن هذا الأمر تحديداً لا يمثل القضية المحورية لهذا الكِتاب. لكن القضية الأساسية التى يدور حولها هذا الكتاب هى التهميش والإقصاء المُتَعَمد لطوائف الفقراء على مدار التاريخ، وفى شتى ملفات التنمية، وفى مختلف قطاعات الحياة .. وما إذا كانت الدولة بالفعل - وعلى مدار تاريخها الطويل- قد تبنت سياسات اجتماعية واقتصادية جادة لمحاربة الفقر. أم أن سياساتها كانت تستهدف فى الأساس محاربة الفقراء ..! ويحاول الكِتَاب فى بعض مقالاته، أن يجيب على جملة من التساؤلات أهمها : هل إستكان الفقراء لإستعباد الحكومات، أم أنهم قاموا بثورات اجتماعية عديدة رصدناها فى كتابنا السابق "ثورات الجياع : قراءة سوسيولوجية فى التاريخ المصرى"، ومارسوا حِيِّلاً عديدة للتعايش من السلطات المجحفة للحكومات. وذلك ليس لشيئ؛ سوى ليعيشوا فى وطن آمن.
ويطرح هذا الكتاب بعدًا جديدًا فى مناقشة السياسات الإجتماعية التى تتبناها الدول، ويعتبرها الكاتب سبباً - لا يزال - فى إفقار شرائح إنسانية واجتماعية جديدة .. لدرجة تجعل استخدام وتداول مصطلح "الفقراء" ليس ذا معنى .. وإنما الأجدر بنا استخدام مصطلح " المُفَقَرون " أو "الفقراء الجُدد" الذين هم فى الأصل ضحايا للسياسات غير الحكيمة، وربما غير العادلة، التى تتبعها الدول مع الفقراء. وفى مجمل فصوله يقدم الكاتب لصناع القرار روشتة علاجية لمعظم معضلات الفقر فى مجتمعنا المصرى الناهض .. كما يقدم للقارئ جرعة ثقافية جديدة للعقل المصرى المُنهَك، ويصبح مهذا الكتاب بمثابة ُمحرك للبحث مجدداً فى أحوال الفقراء وقضاياهم، وإعادة قراتها والتخطيط لمواجهتها، ولكن بمنظورٍ مختلف. وتضمن الكاتب أربعة فصول أساسية جاء الفصل الأول بعنوان "ثورات على الرمال"، تناول خلاله الكاتب الخسائر التنموية التى أصابت دول الربيع العربى وخاصة من مصر من جراء الثورات ..
بينما جاء الفصل الثانى بعنوان "القهر والحيلة"، وتعرض الكاتب خلاله لجملة السياسات الاستفزايزية التى مارستها السلطات العمومية تجاه بسطاء الشعب وكيف استطاعت هذه الشريحة أن تتحايل عليها لتعيش.
أما الفصل الثالث، فجاء عنوانه فى صيغة تساؤل "كيف تصنع دولة فاسدة ..؟ " وحاول الكاتب فى هذا الفصل، أن يضع يده بشكل دقيق على مواطن الفساد فى قطاعات الدولة المختلفة، وكيف يمكن التغلب عليها.
وجاء الفصل الرابع بعنوان "المفقرون الجدد"، وعرج الكتب إلى التاريخ ليربطه بالحاضر ، من خلال جملة من الملفات الساخنة التى يعد الكاتب إهمالها سببا كافيا لتخلفنا حضاريا .. ناقش قضايا الفلاح والفلاحة والتعليم والمعلم والعمل والعامل ولكن بمنظور مختلف. أما الفصل الخامس والأخير، فعنوانه "الحقيقة والشيطان المستنير"، والذى استكمل فيه منظومة الفقر وسياسات الافقار .. فكما ناقش عبر الفصول السابقة الفقر الاجتماعى والسياسة، ناقش فى هذا الفصل الافقار العقائدى وسياسات التضليل الجاذبة للبسطاء إلى أتون الإنقضاض على الوطنية والمتاجرة بالدين والوطن ومعا. يذكر أنه صدر للكاتب، أكثر من 13 مؤلف منها ثلاث اصدارات عن الهيئة العامة لقصور الثقافة هى "العدالة والمجتمع المدنى: حالة مصر، التنمية والجريمة المعولمة: سياسات الإفقار والهدم الخلاق ، ثورات الجياع" قراءة سوسيولوجية فى تاريخ مصر .."