القاهرة 18 مايو 2017 الساعة 12:47 م
يبدأ اليوم ــ الخميس ــ وعلى مدار ثلاثة أيام عرض أوبرا عايدة، على مسرح دار الأوبرا بالقاهرة.. وتقدمها فرقة أوبرا القاهرة.. وهى نموذج لدعم الفن للسياسة!!
وأوبرا عايدة حاولت أن تجسد الصراع السياسى والعسكرى بين مصر والحبشة ــ إثيوبيا الآن ــ وكان الخلاف قد احتدم شراسة بين مصر والحبشة فى تلك الأيام بهدف السيطرة على منابع نهر النيل من ناحية.. وتأمين الملاحة فى المدخل الجنوبى للبحر الأحمر، المؤدى إلى قناة السويس شمالاً.. ولذلك جاء اختيار فكرة هذه الأوبرا لتجسيد الأحلام المصرية للخديو إسماعيل، الذى كان يسعى إلى إنشاء إمبراطورية عظمى مصرية فى أفريقيا.
وفكرة هذه الأوبرا ــ وتجنيدها لخدمة أغراض الخديو إسماعيل السياسية ــ نشأت من الخديو إسماعيل نفسه.. وعندما شرحها لعالم الآثار المصرية، أوجست مارييت، وكان مديراً للآثار المصرية، رحب بالفكرة.. وشرع فى كتابة القصة فى قالب أوبرالى وهو الذى كان أكثر شيوعاً فى أوروبا.. ولذلك جند لها إسماعيل كل فرص النجاح، إذ كلف جوزيبى فيردى «1813 ــ 1901» بوضع موسيقاها، وهو من أشهر الموسيقيين فى إيطاليا، وتولى جيسلا نزونى «الإيطالى» كتابة النص الغنائى.. ولكن لم يلحق فيردى بأوبرا عايدة احتفالات افتتاح قناة السويس.. وقدم بدلاً منها للخديو أوبرا ريجوليتو التى كان قد وضع موسيقاها عام 1851، وهو ما حدث بالفعل، وحضرت الإمبراطورة أوجينى هذا الحفل فى أوبرا الخديوية مساء 29 نوفمبر 1869، أما أوبرا عايدة فقد قدمت ــ بعد تمام إعدادها ــ على دار الأوبرا الخديوية مساء يوم 24 ديسمبر 1871.. ونالت نجاحاً عظيماً.
وجاءت هذه الأوبرا لتروى أحداث الصراع بين مصر والحبشة.. ومن المؤكد أنها مثلت جانباً من أحلام الخديو إسماعيل السياسية فى أفريقيا.. أى جاءت تعبيراً عن الصراع المصرى ــ الحبشى.. وما أشبه الليلة بالبارحة!!
ذلك أن الصراع بين الدولتين كان عميقاً.. وكانت مصر تتنازع مع النجاشى «الملك تيودورس».. وبدأ الصراع عامى 1867 ــ 1868، أى ومصر تخطط للاحتفال باكتمال حفر القناة.. وزاد هذا الصراع بعد أن تولى الملك يوحنا الحكم بعد الملك تيودورس، وهو للحقيقة، من أعظم ملوك الحبشة وأشدهم بأساً.. وفى عهده استمرت الحروب.. وزادت عامى 1875 و1876، وأرسلت مصر حملتين: الأولى خرجت بقيادة الضابط الدنماركى «عام 1875» أرندروب بك.. والثانية بقيادة منزنجر باشا فى نوفمبر 1875 أيضاً، وكلتاهما خرجت من مصوع، وكانت تحت الحكم المصرى ثم حملة راتب باشا عام 1876، ومعه الأمير حسن باشا ابن الخديو إسماعيل نفسه.