القاهرة 23 ابريل 2017 الساعة 11:32 ص
هل يمكن أن يصدق أن سكان إحدى القرى في إندونيسيا يتعاملون مع موتاهم كما لو أنهم أحياء، يحتفظون بجثثهم ويجلبون لهم الطعام والسجائر؟
في حالة غريبة من نوعها، اعتاد شعب "توراجان" بأندونيسيا، أن يحتفظ بأجسام الأشخاص المحبوبين بعد موتهم ويعاملوهم معاملة الأحياء في المدينة المخصصة لهم، ويمكن أن تصل فترة الاحتفاظ بهم لعدة سنوات، بحسب ما ذكرت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية.
يتم الاحتفاظ بجثث الأموات عن طريق حقنهم بمادة حافظة تسمي "فورمولين" كي لا تتحلل أجسامهم، ثم يقوم الأشخاص بجلب الطعام والشراب والسجائر للجثث مرتين في اليوم، كما يغسلوها بانتظام ويغيروا ملابسها.
فى القريةالأحياء لا تنقطع صلتهم بالأموات، من خلال هذه الطقوس المتوارثة جيلًا بعد جيل.
وبعد أن يموت الشخص في القرية؛ يظل الاعتقاد بأنه لم يمت إنما هو مريض يعاني من علة ما؛ فصلته عن العام الخارجي، فأمر التشييع والجنازات عندهم قد يستغرق كل العمر
لكن في واقع الأمر، فإن بقاء الميت بين الأحياء قد يتعلق في أغلب الأحيان بما يدخره من مال في حياته يكفي لتسيير أموره بعد الموت وشراء متطلباته، وبعدها يمكن أن تقطع الصلة به
هذا الطقس يخالف أغلب الطقوس في العالم، حيث إنه بمجرد موت الإنسان تنقطع الصلة به، ويؤخذ إلى المدفن أو القبر ليبعد تمامًا عن عالم الأحياء
في «توراجان»، من العادي جدًا أن يظل الشخص في بيت العائلة ولسنين قد تمتد كثيرًا، بحيث يرافقهم- اسميًا- دون أن يتحرك له ساكن
ولا يعتبر الشخص ميتًا بالمعني الحقيقي عند القرية إلا بعد أن يتم دفنه نهائيًا، إذ يظل الاعتقاد أنه مريض وقد يُشفي
وللاحتفاظ بالجثة، يتم حقنها بمادة حافظة تعرف باسم «الفورمالين» لمنعها من التحلل، ويتم توفير غرفة في المنزل للميت لكي يعيش فيها
وعادة يقوم الأقارب بإحضار الطعام والدخان للميت في غرفته مرتين في اليوم، كما يتم غسل الجثة روتينيًا وتغيير الملابس، كما يترك وعاء لقضاء الحاجة في ركن من الغرفة ويتم التحدث مع الجثة، كما لو أن صاحبها حي ويقدم لها الضيوف، ويتم طرح الأسئلة عليها حتي لو لم تكن هناك إجابة مسموعة
لا يترك الميت وحده لفترة طويلة، وتكون الغرفة مشتعلة بالإضاءة دائمًا، حيث الاعتقاد بأن الظلام سوف يجعل الأرواح تدخل إلى المكان، فتعمل على التسبب في حالة من الاستياء والمتاعب للميت
ويعتبر طقس الجنازات عند «التوراجان» أمرًا مليئًا بالتفاصيل قد يستمر لسنة، حيث يأتي الأقارب من جميع أنحاء العالم ويتم الذبح والتضحية بعدد كبير من البهائم
كما سبقت الإشارة، فإن بقاء الميت مع أهله غالبًا ما تحكمه الظروف الاقتصادية، وتقول امرأة تدعي ماماك ليزا: إنها احتفظت بجثة والدها لمدة 12 سنة
وتقول: إن الاحتفاظ به لفترة طويلة مكنها من تجاوز الألم، لأن الدفن السريع يعني حزنًا مضاعفًا لسرعة الفقدان، فالإنسان يحتاج إلى بعض الوقت لكي يتعامل مع الأحزان ويتجاوزها