القاهرة 02 ابريل 2017 الساعة 02:24 م
الكويت - إبراهيم فرغلي
الفنانة المكسيكية آنا هيريرا هي في الأصل طبيبة، لكنها شغفت بالمسرح، ووجدت في إحدى صوره الشعبية الخاصة بالأطفال وسيلة تفاعل فني مهمة ومؤثرة. وبعدما اكتشفت «صندوق الفرجة»، أو ما يعرف في بعض الدول العربية بـ «صندوق العجب»، قررت أن تكوّن فرقة متخصّصة في عرض هذا اللون التراثي، ليس فقط في المكسيك، بل في دول أخرى أيضاً منها الكويت.
وخلال لقاء معها على هامش زيارة قامت بها للكويت أخيراً، قالت إنها بدأت في 2006 بتكوين فرقة «كويردا فلوخا» (الحبل المشدود). وبعد ورش عمل في مدن عدة في أرجاء المكسيك حول التمثيل وأداء المهرجين والعرائس، قررت وضع العرائس داخل «صندوق السحر» الذي لم يكن معروفاً في شكل كبير في المكسيك، ونظّمت مع زملاء لها لقاءات وندوات حول هذا الفن الذي بدأ يستهوي بعض المهتمين بالمسرح والفنون المرئية عموماً، مثل السينما والفيديو والعرائس.
وتعاونت هيريرا مع آنخيل سولو، وهو أصلاً مهندس ميكانيكي، في تأسيس الفرقة التي تقدم الفرقة عروضاً يتولى أعضاؤها كتابتها وتصميم الأزياء والعرائس وصناعتها، وكذلك السينوغرافيا والماكياج والإضاءة... وتستهدف العروض جمهوراً من كل الأعمار، وغالبيتها تضع الأطفال في اعتبارها لجهة الحرص على تعزيز الجانب البصري على حساب الجانب السردي والحواري. لكن فريق العمل يجهد في الوقت ذاته لتنال تلك العروض التقدير في أي مكان في العالم. وتقول هيريرا في هذا الصدد: «نحاول أن نخلق لغة فنية عالمية لا تتأثر باختلاف السنّ أو العِرق أو الحالة الاجتماعية أو الدين».
وتذهب هيريرا في حوارها مع «الحياة» إلى أن أولى الإشارات إلى «صندوق السحر» في المكسيك هو ما يسمى «View Master» أو صندوق الفرجة، وهو بحجم اليد يشبه الكاميرا الصغيرة وله عدستان صغيرتان، يضعه المرء على عينيه وتوضع فيه صور في قرص من الكارتون يتم تكبيرها. وتضيف: «وجدنا أن هذه التقنية الفنية استخدمت خارج مجال عروض السيرك الشعبية في المكسيك عام 1930. وعرفنا من الفنان المسرحي المكسيكي ريكاردو كاماتشو، أنه خلال فترة طفولته كان ينتظر في طابور طويل لتتاح له مشاهدة ما نعرفه اليوم باسم «صندوق السحر»، وكان يحتوي على فتحتين صغيرتين لمشاهدة ما يدور داخله، ومجموعة دمى يحركها شخص يقف خلف الصندوق. وبدأت عروض العرائس التنقل بين المدارس في مدينة بارال التابعة لولاية تشيواوا في وسط المكسيك منذ عام 1977».
وتوضح هيريرا أنه حين بدأ العمل في فرقتها، «كان كل منا يعمل منفرداً، ولكن بمرور الوقت بدأنا نتشارك الخبرات والمهارات والمعارف، وبهذه الطريقة تمكنَّا من تنمية عملنا، ما أتاح لنا الانتقال إلى مستوى الاحتراف. تعلمنا كيف نُقسم العمل، ونتجنب التشتت، بحيث يكون كل تركيزنا موجهاً إلى فنون المسرح».
واليوم صار «صندوق السحر» منتشراً في بعض دول أميركا اللاتينية مثل الأرجنتين، بيرو، تشيلي، وبوليفيا ويعرف فيها جميعاً باسم Lambe، منذ ثمانينات القرن الماضي. وتضيف الفنانة: «هناك دول أخرى لها تراث أكبر في هذه الفنون، مثل الصين واليابان، وفلسطين (يعرف فيها باسم صندوق العجب) والهند ومصر وفرنسا وإيطاليا (يعرف فيها باسم Mondo Novo)، وبريطانيا.
وفي غالبية الحالات تُستخدم صور فوتوغرافية ملونة تتناول قصصاً من التراث السردي التقليدي والشعبي، وتضاء الصناديق بواسطة ضوء الشمس في النهار. بينما في المكسيك وأميركا اللاتينية تستخدم دمى صغيرة جداً، وينصت المتفرجون إلى الحكاية باستخدام سمَّاعات».
وتلاحظ هيريرا أنه في دول عربية عدة ثمة حركة لإحياء الفنون الشعبية، «عرفنا أن هناك مثلاً تجربة للفنان الفلسطيني عادل طرطير الذي تولى مهمة دعم عدد من الخبرات الفنية من خلال المعهد العربي للفنون المسرحية الذي يوفر خبرات تتعلق بفنون تحريك الدمى وتصميم العروض ليستفيد منها أفراد من الجزائر ومصر والمغرب والإمارات. وهناك فرقة «ومضة» التي يشرف عليها الأكاديمي المصري نبيل بهجت، وتقدم خبراتها وعروضها في خيال الظل والدمى في مصر وعدد من الدول العربية مثل البحرين والكويت والإمارات».