القاهرة 23 مارس 2017 الساعة 11:08 ص
من الصعوبة بمكان.. أن يتصور أحد.. أنه رغم هذا الحجم المرعب..:ــ
من الجرائم.. ومن التجاوزات.. ومن القتل المباشر وغير المباشر.. ومن السلب. والنهب.. ومن عمليات التخريب المخطَّط والمُدبَّر ــ ومن محاصرة وتدمير كل مؤسسة تنموية. أو حتي خدمية.. وقبل هذا وبعده.. إفساد العديد من رؤساء المصالح والأجهزة الحكومية. عن طريق إغراقهم. بـ "رشاوي".. وعطايا.. غير شريفة.. لتدفعهم بعيداً عن الحق. وعن الأصول.. وليتولوا ومن البداية تخريب كل مشروع جاد.. ويغلقوا الطريق. وبالكامل.. أمام كل تحرك يأخذ الناس والبلاد إلي السبيل النبيل والشريف.
والسؤال.. كيف استطاعوا أن يجمعوا. ويجهزوا ويدربوا.. هذا "الجيش" الجرار من المجرمين والمخربين.. ويخترقوا به أجهزة الدولة. ومؤسساتها.
وما هو المنطق. أو الحجج. التي تستخدم من أجل تحريض العاملين علي الجريمة. وعلي الانحراف.. والخروج في البداية والنهاية ــ علي كل أسباب. ودواعي الحق. والفضيلة.
وإذا كنا نتفق جميعاً. علي عدد من الحقائق. والأوضاع. التي تعيشها البلاد.. ويعيشها الشعب.. والتي أسفرت عن العديد من الأزمات. والعديد من المشاكل... سواء ما يتعلق منها.. بالغلاء.. أو بالبطالة.. أو بالفساد الذي وصل إلي لقمة العيش للمواطنين.. فقراء كانوا. أو كانوا من متوسطي الحال.
إلا أن الحقيقة الدامغة هي.. أن أحداً من الإدارة الحالية لم يتسبب في صنع الأزمة التي تعانيها المؤسسة.
وأن الإجراءات والتصرفات. التي خطط لها ويمارسها. المخططون. والعملاء. والمجرمون.. هي السبب في فساد الأوضاع. واستمرار هذا الفساد.
***
ولا شك أن التصرفات الإرهابية.. والجرائم التي يتم تدبيرها وتنفيذها.. ليست أبداً الطريق الصحيح لعلاج المشاكل والسلبيات.
فما يتم من جرائم قتل. وتخريب. وفساد.. ضحيتها وبشكل مباشر.. هم العاملون في أجهزة الدولة ومؤسساتها..
منهم يسقط الضحايا..
وأمامهم تغلق أبواب العمل والرزق..
وبسبب ما يزرع داخلهم من فتن. وصراعات وتفتت.. تتداعي. وتتساقط الأجهزة. والمصانع. ووسائل الخدمات والإنتاج. وفي كل اتجاه.
لا أحد من المخططين. والمدبرين والمتآمرين. تطاله أو تمسه.. ذرة من ناتج هذا التخريب والتدمير والجرم.. ربما كان المخططون وصانعو الفساد. والإرهاب. والفوضي أكثر ذكاء. من باقي شركاء وأطراف الجريمة الكبري..
ذلك أنهم في البداية. والنهاية.. أصحاب مصلحة.. تكبُر. أو تصغُر هذه المصلحة.. إلا أنهم ودائماً يحرصون علي أن تظل هناك. مساحة.. لابد وأن تكون هذه المساحة إيجابية.. فيما تقدم. وفيما تنتج.. ولكن بشرط أن تصب هذه المصلحة. وما تقدمه. فيما ينفع. ويفيد المتآمرين..
لكن وللأسف الشديد.. لا يتوقف أحد "من الضحايا الحقيقيين.." أما هذه الحقيقة.. بل علي العكس.. يحرص صُنَّاع هذه "اللعبة" علي أن يدفعو بما يمكن أن يعد إنجازاً إلي واجهة الأحداث.. وفي نفس الوقت يعمل علي تضخيم الظواهر السلبية.. وينسبها للدولة.. وكأنها تعمل وبكل الهمة لتخريب البلاد.
***
وهنا علينا أن نتوقف قليلاً.. عند هذه الأعداد الضخمة من المواطنين الذين يتساقطون كل يوم.. نتيجة للمخططات الإرهابية.. والتي تحرص وبكل الإصرار. علي نشر الفُرقة والفتنة. بين أبناء هذا الوطن.. فتنشب الحروب. والاقتتال والتخريب.. ويسقط الآلاف من الضحايا من كل جانب..
والضحايا.. وكما سبق القول.. من الجانبين..
لكن لا أحد يعرف.. لمصلحة مَنْ يسقط القتلي والجرحي. ويجري هدم المؤسسات والكيانات.. وأيضاً بصرف النظر عن حقيقة وطبيعة. هذا الطرف. وذاك الطرف الآخر..
المهم عند القتلة. والمخرِّبين والمديرين.. أن ينهار هذا الكيان.. وأن تتساقط هذه الدولة أو تلك.. وأن يعم الفساد.. ويتسع حجم الفوضي.
والنتيجة الدائمة. والتي يجري الحرص عليها وتأكيدها.. هو أن تسود "حالة من الفراغ.."..:ــ
الفراغ السياسي..
والانهيار الاقتصادي..
والتمزُّق الاجتماعي..
والصراع الإقليمي..
وفك وحدة وتماسك الشعوب والأقاليم..
إن نظرة سريعة.. علي ما جري. بل ويجري في المناطق والدول التي وضع الاستعمار القديم ــ الجديد. عينه عليها.. لتكون مسرح المؤامرات.. وأرض الصراعات.. وهدف الجرائم والمخططات.
تكاد هذه المناطق والدول. أن تنتمي بالكامل إلي الدول والجماعات الإسلامية..
بمعني أن شعوب هذه الكيانات. علي ضخامتها. واتساعاتها.. شعوباً إسلامية.
لكن في نفس الوقت.. الصراعات.. والاقتتال.. والحروب تجري بين هؤلاء المسلمين..
والسؤال..: لماذا تجري هذه الحروب وهذا الاقتتال.. ومن صاحب المصلحة. في هذه المذابح..
ومن المنتصر.. ومن المنهزم..؟
***
هل نأخذ سوريا.. مثلاً علي ما جري ويجري.. وكيف أن هذا الصراع "العبثي.." الذي تم تدبيره لسوريا. علي مدي ما يقرب من خمس سنوات. ومازال..
هل حقق هدفاً لطرف دون آخر.. حتي قبل أن نعرف من هم أطراف هذا الصراع..
كل ما نعرفه أن نصف الشعب السوري قد خرج من بلاده. كلاجئين.. وأن حوالي المليون قد سقطوا ضحايا..
ــ إذا تركنا سوريا.. وذهبنا إلي العراق.. خاصة بعد عملية الغزو الإجرامية التي دبرها وشنها بوش ثم أوباما.. ما حدث.. عدد من الضحايا. لا يقل عما حدث للسوريين.. وتم تقسيم البلاد إلي ثلاث.
مع التذكير هنا. ومرة أخري.. أنهم جميعاً مسلمون ثم إذا انتقلنا وبسرعة.. إلي ليبيا.. ماذا حدث. ويحدث هناك..؟
هل هم مسلمون أيضاً..؟! بالطبع نعم.. فماذا حدث.. ومازال يحدث..؟ ومن ليبيا.. يمكن أن ننتقل إلي مصر.. ونسأل..:ــ
ضد مَنْ يتم تجنيد الإرهابيين..؟
ومن أجل مَنْ تتدفق عصابات القتل والعنف والدمار والفساد علي الأراضي المصرية. وبلا توقف..؟
ومَنْ صاحب الغنيمة. التي تجري المعارك والجرائم لتحقيقها علي أرض سيناء..؟
هل لصالح إسرائيل.. أم لصالح الفلسطينيين.. أم لمَنْ..؟ ثم هل لنا.. أن نبتعد قليلاً عن ديارنا.. أو منطقتنا.. ونذهب إلي آسيا.. إلي أفغانستان. وما بعد أفغانستان.. وكلهم بالمناسبة ــ مسلمون.. ونقدم نفس السؤال.. مَنْ يقاتل مَنْ..؟ومَنْ القاتل.. ومَنْ الضحية..؟
ما نود قوله.. ونحن ننهي حديث اليوم..
أننا جميعاً. سقطنا في الفخ.. نقتل بعضنا بعضاً.. دون سبب.. أو هدف.. وهو ما يستوجب المراجعة وبحزم.