القاهرة 20 مارس 2017 الساعة 02:06 م
لاننى لا اتمنى أن يعيش التجربة بنفسه أو يعيشها مع أحد أقاربه الأعزاء لا قدر الله ...اقترح على وزير الصحة د. أحمد عماد أن يخلع البدلة والكرافت ويرتدى ثيابا عادية ( ولو كانت جلبابا بلديا ، يكون أفضل ) ويذهب إلى أى مستشفى تابع لوزارة الصحة فى القاهرة أوعواصم المحافظات ... فى مراكز الصعيد أو الوجه البحرى .. ويدخل إلى الاستقبال أو العيادات الخارجية ويشاهد بنفسه حال المواطن المصرى الذى يلجأ إلى مستشفيات وزارة الصحة لطلب العلاج السريع أو للنجدة من حادث أليم أو لاجراء عملية جراحية صغيرة مثل تجبيس يد أو رجل مكسورة إلى عملية فى القلب أو إزالة الزائدة الدودية ... ولن أقول غسيل كلوى أو فشل كلوى أو كبدى أو سرطان ... الخ
أدعو وزير الصحة إلى الوقوف مع مرضى هدهم المرض فى طوابير قد تكون تحت مظلة أحيانا وغالبا فى الطل ..أدعو وزير الصحة أن يقف فى طوابير حجز تذاكر الكشف فى العيادات الخارجية التى تنافس أحيانا وبقوة طوابير الجمعيات الاستهلاكية للحصول على كيلو سكر أو زجاجة زيت ... أدعو وزير الصحة للانتظار مع مريض يصرخ من وجعه وألمه لساعات حتى يحين دوره ليدخل فى غرفة كشف مكتظة بمرضى تضيف على المريض وجعا آخر يتعلق بهتك الحياء من كشف بطنه أو عورته أمام الجميع أو سرد تفاصيل سرية عن مرضه والتى يخجل أن يحكيها حتى لأقرب الأقارب فما بالك بعشرات الوجوه التى لا يعرفها !!
أدعو وزير الصحة أن ينظر فى عيون يقلب أصحابها الورقة التى منحها لهم الطبيب (إذا كشف عنهم ) بقائمة أدوية ليشتريها من خارج المستشفى وينظرون للسماء ويرفعون أيديهم لله بعد أن دسوها فى جيوبهم فوجدوها خاوية !!....أدعو وزير الصحة للذهاب إلى أقرب صيدلية من أى مستشفى عام ليرى بنفسه وجع العوز والعجز من تدبير ثمن أدوية تكالب الجميع على رفع أسعارها بلا مبرر بعد أن سلمت الحكومة منذ عهد مبارك صناعة الأدوية إلى حفنة من الشركات الأجنبية أو الاستثمارية أو القطاع الخاص بعد التدمير الممنهج والمنظم لشركات صناعة الأدوية الحكومية عن عمد لصالح هؤلاء المحتكرين !!
أدعو وزير الصحة للعودة مرة أخرى للوقوف مع طابور من مرضى يحتاجون لعملية جراحية ويدخل مع أحدهم إلى داخل المستشفى إذا كتب له الدخول .. إلى السرير والغرفة التى سيقضى فيها فترة علاجه بعد إجراء العملية ان تمت ليرى بنفسه حالها وياليته يذهب إلى دورة المياه ...أدعو وزير الصحه أن يرى بنفسه حجم وكم المطالب التى لابد أن يلتزم بها المريض و لايملك منها مليما .... لشراء شاش وجبس إذا كانت عملية تجبيس لشرخ بسيط إلى شراء مسامير وشرائح معدنية إذا كان الكسر يحتاج إلى ذلك ... أو لشراء أدوية إلى شراء دعامات إذا كان الأمر يتعلق بقسطرة قلب .. هذا طبعا إذا كانت المستشفى مجهزة لمثل هذه العمليات والأجهزة غير معطلة بقصد أو بدون قصد ،مع التفاؤل بأن من يقوم بالعملية سيأتى للمستشفى !!
أدعو وزير الصحة أن يلاحظ بنفسه وهو أستاذ للطب فى جامعة عريقة ما يفعله بعض الأساتذة والاستشاريين بالاتفاق مع المرضى فى العيادات الخاصة على إجراء العمليات فى المستشفيات الحكومية أو الجامعية المخصصة لغير القادرين باستغلال غرف العمليات والإمكانيات المتاحة وأسرة المستشفى .. الخ ... وعلى مرأى من الجميع يذهب الثمن اإلى جيوب هؤلاء الأباطرة وبذلك يتم حرمان الفقراء الذين لا يملكون واسطة أو مالا من خدمة علاجية أقيمت من أجلهم وبأموال خصصتها الحكومة لهم !!
أدعو وزير الصحة إلى خوض تجربة البحث عن مكان فى غرفة عناية مركزة فى أى مستشفى حكومى أو خاص أو استثمارى بدون واسطة أو مقدرة مالية ، وأنا شخصيا خضت تجربة مريرة منذ سنوات فى البحث عن واسطة للعلاج فى أحد المراكز المتخصصة التى تحصل على مبالغ طائلة مقابل العلاج ، والله حفينا على الواسطة لقبول حالة الشاب المصاب فى حادث رغم استعدادنا للدفع وكانت المفاجأة أن المستشفى الكبير الذى قال لنا لا يوجد به مكانا فتح أمام الواسطة وهناك رأيت عشرات الأسر الخالية .. كل ده رغم تشدق وزراء الصحة بالزام المستشفيات الكبرى والمراكز المتخصصة باستقبال حالات الحوادث والطوارىء الحرجة... لكن كله كلام فى الوهم لا علاقة له بأرض الوجع والمرض !!
• شعارهم إكرام الميت حجزه
أدعو وزير الصحة أن يجرب ويعيش ويعانى فى رحلة الحصول على خطاب للعلاج على نفقة الدولة لمريض كم هو فى أشد الاحتياج لهذا العلاج بأسرع ما يمكن ويشاهد بنفسه أباطرة التعذيب وفى أحسن الأحوال يخصصون مبالغ مالية لا تسمن ولا تغنى من جوع وعلى دفعات انطلاقا من قاعدة ونظرية شيطانية وهى تعذيب المريض إلى آخر نفس ، فإن لم يمت من مرضه وهو فى طابور الانتظار يمت فى الرحلات المكوكية من منزله أو مستشفاه إلى حيث يتم استخراج خطابات العلاج... والمفاجأة التى قد تنتظر بعض المرضى بأن بعض المستشفيات قد تتخذ إجراءات عقابية ضد من تأخرت خطاباتهم وللدرجة التى تصل أحيانا لحجز جثثهم بعد وفاتهم حتى يصل الخطاب أو السداد الفورى للإفراج عن الجثة ، وإذا دفع أهل الخير انطلاقا من" إكرام الميت دفنه " وليواجهوا شعار بعض هذه المستشفيات "اكرام الميت حجزه "، وللأسف يجد البعض بعد ذلك العجب العجاب من بعض أباطرة صغار الموظفين بعدم اعترافهم بالخطاب لأنه جاء بعد تاريخ الوفاة الذى كان يعلمه المريض ولم يبلغهم به !!.... وهكذا يكون موت وخراب ديار وسلف ودين وكوميديا سوداء !!
أدعو وزير الصحة أن يجرب بنفسه الدخول فى رحلة استخراج خطاب للعلاج على نفقة الدولة لزرع كلى أو كبد أو سرطان ليرى ويعيش بنفسه رحلة انتظار الموت التى عشناها جميعا مع الصديق الشاعر المتميز طاهر البرنبالى الذى رقدنا معه فى إحدى مستشفيات الـتأمين الصحى بالدقى عدة أسابيع فى انتظار قرار لم يجىء ... قرار بالعلاج على نفقة الدولة لزرع كبد بدلا من فص كبد اقتسمته زوجته النبيلة معه منذ 15 عاما فى تضحية وعطاء لم نسمع عنه إلا فى قصص الخيال والبحث عن العنقاء والخل الوفى ... ورغم صراخنا جميعا الذى ترجمه الصديق حلمى النمنم وزير الثقافة بخطاب إلى وزير الصحة بسرعة وضرورة استصدار قرار العلاج ...لكن رحل من أمامنا الصديق البرنبالى تاركا وصمة عار على جبيننا جميعا بانسحابه من حياتنا ، حنقا وغضبا على عدم إنسانيتنا جميعا ، واعتراضا وتمردا ، وعلى قلوب يكون حجر الصوان والجرانيت وجميع الصخور البركانية أكثر لينا وحنية ورحمة منها.... رحل طاهر ياسيادة الوزير ومثله الآلاف كل يوم ولا يهتز لك أو لنا رمش عين ...!!
أدعو وزير الصحة لا ستدعاء سيارة إسعاف لنقل مريض إلى مستشفى لانقاذ حياته ويحسب معنا كم من الوقت تستغرق للوصول ... وكم من المال تطلب لعملية التوصيل وماهى الخدمات التى ستقدمها حتى تصل إلى أقرب مستشفى... وهل ستنتظر حتى يقبله المستشفى أم لا.. وهل يمكن أن تحدد له مستشفى ما به سرير للعناية المركزة يمكن أن يستقبل الحالة وما سعر التوصيلة من محافظة إلى محافظة .. يعنى ببساطة ودون لف ولا دوران لم تعد سيارة الإسعاف مجانية مثلما كان الأمر فى الماضى وباختصار تم تحديد مبالغ مالية مقابل هذه الخدمة التى من المفترض أن تكون مجانية خاصة أنها اشتريت بأموالنا نحن !!
اسأل بعض رجال الأعمال الذين فى قلوبهم رحمة عن مدى المساهمة فى تجهيز بعض المستشفيات العامة بأحدث الأجهزة وتوفير ودائع للانفاق على العمليات الجراحية والأدوية حتى نوقف بعض حملات التسول أو لجوء بعض المرضى ممن سدت أمامهم كل طرق العلاج للتسول من خلال بعض البرامج التليفزيونية أو بعض الصحف ....اسأل بعض رجال الأعمال الذين يتبرعون ببعض التجهيزات لبعض الأقسام المتخصصة فى بعض المستشفيات الكبرى .. ألم يكن الأجدى التبرع بها للأقسام المجانية بدلا من الأقسام والوحدات التى تقدم العلاج بالأجر .. يعنى من الأولى بهذا التبرع .. الفقراء الذين لا يملكون مليما أم بعض ميسورى الحال الذين يدفعون ثمن علاجهم ؟
والسؤال بعد كل هذا الوجع .. هل هناك حل ؟
الإجابة ببساطة نعم هناك حلول ... وأول هذه الحلول تحديد الأرقام الحقيقية المخصصة لعلاج المواطنين بعيدا عن الميزانية الأجمالية التى تعلنها الحكومة لتخدعنا جميعا ... فالذى يعرفه الجميع أن النسبة الكبرى من ميزانيات وزارت الصحة والثقافة أوالتعليم و الإعلام أو الزراعة .... الخ تضيع غالبيتها ولا أبالغ إذا قلت أكثر من 75 % منها فى أحسن الأحوال على الأجور والانشاءات ولا يترك إلا الفتات للخدمات التى يستفيد منها المواطن .. فإذا افترضنا أن ميزانية وزارة الصحة ألف مليون جنيه مثلا وأقول مثلا سنجد أن أكثر من 800 مليون جنيه تنفق على المرتبات والانشاءات ويتبقى 200 مليون جنيه لعلاج الشعب المصرى ، والأمر كذلك فى الثقافة والإعلام والتعليم والزراعة .. الخ تخصص الجوانب الكبرى من الميزايات على المرتبات والانشاءات أما الانشطة الثقافية أو العملية التعليمية أو الزراعية نفسها فلا يتبقى منها إلا الفتات ... لذلك لا بد من إعلان الرقم الحقيقى المخصص للعملية العلاجية .. بعيدا عن المرتبات والحوافز وخلافه !!
ثانيا : لا بد من إخراج مشروع التأمين الصحى الشامل ليغطى كل مواطنى مصر ويتحمل فيه الأغنياء أو ميسورى الحال نصيبهم فى الأسهام به وقبلهم طبعا الحكومة حتى يجد كل مواطن نصيبه فى العلاج بشكل يحفظ كرامته من جهة ويضمن له العلاج الكامل من ناحية ثانية لأننا سنعيش و سنرحل جميعا بوصمة عار ونحن نرى بعضنا يتساقط أمامنا ونحن نمصمص الشفاه فقط!!......ثالثا: على المستشفيات الاستثمارية والخاصة التى تكون ثرواتها من جيوب الأغنياء أن تدفع نصيبها العادل فى تحمل تكلفة علاج باقى المواطنين .......رابعا : ألزام المستشفيات الخاصة والاستثمارية بقائمة أسعارعادلة لإننا بذلك سنجدب فئات معينة للعلاج بها مما يخفف العبء على مستشفيات باقى المواطنين ... أقول قولى هذا واستغفر الله !!
yousrielsaid@yahoo.com