القاهرة 22 فبراير 2017 الساعة 04:15 م
تستمر رحلتنا فى عالم "الميوزيكال " أو الأفلام الموسيقية، مع المؤرخ و الناقد الأمريكى" تيم ديركس" الذى يستعرض تطور صناعة الفيلم الغنائى الاستعراضى، مع بدء اكتشاف تقنية الأفلام الناطقة فيقول : فى نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، أنتجت هوليوود اول فيلم موسيقى كامل، فقد كان كل ما سبق هذا التاريخ من أفلام، هى عبارة عن مجرد محاولات نتج عنها افلام نصف ناطقة، فقد كان الصوت يمثل جزءا فقط من فترة عرض الفيلم، أى لا يستمر طوال فترة العرض .
و لقد كان فيلم " أغنية برودواى " هو أول فيلم موسيقى كامل، يتم انتاجه فى تلك الفترة .و قد عرض الفيلم لأول مرة فى هوليوود فى فبراير عام 1929، و كان يروج له بأنه الفيلم الذى يستمر فيه الرقص، و الغناء، و الحوار، طوال مدة عرضه. و قد حقق الفيلم ايرادات بلغت 1.6 مليون دولار، و حصل على جائزة اوسكار أحسن فيلم، و كان بذلك أول فيلم ناطق يحصل على جائزة الأوسكار.
و قد ألف موسيقى الفيلم " أرثر فريد " ، و " ناشيو هيرب " و قام بالبطولة " أنيتا بادج ، و بيسى لاف " التى رشحت لجائزة الأوسكارعن دورها فى الفيلم ،و قد تميز الفيلم باستخدامه الكاميرا المتحركة و الحوار
العامى ، أيضا قام صناع الفيلم باستخدام تقنيات صوت جديدة، فقد قاموا باستخدام شريط صوت مسجل مسبقا، و كذلك قاموا باستخدام المؤثرات الصوتية لأول مرة .
و تعتبر الثلاثينيات بداية العصر الذهبى للأفلام الموسيقية، حيث تميزت بثراء فى الرؤى الموسيقية، و فى الممثلين، و مؤلفى الموسيقى، و قد كانت استوديوهات "بارامونت" هى أول من تسلم زمام قيادة موجة الأفلام الموسيقية فى ذلك الوقت، و تبعتها شركة مترو جولدن ماير و التى تعاقدت مع غالبية نجوم الكوميديا،و المنوعات، الموجودين على الساحة فى ذلك الوقت.
ولقد شهدت الأفلام الموسيقية تطورا كبيرا فى نهاية العشرينات، و بداية الثلاثينات على أيدى نجوم برودواى اللذين اجتذبتهم أضواء السينما فى هوليوود، و التى صارت أكثر سطوعا من مسارح برودواى، و من أهم هؤلاء الممثلين " ايدى كانتور " و هو ممثل و راقص و مؤلف أغانى شهير، و قد قام كانتور ببطولة أول فيلم غنائى له عام " 1930 " باسم " ووبى " و هو مأخوذ عن مسرحية من انتاج " فلورنز زيجفيلد " المنتج المسرحى الأمريكى الذى اشتهرببرنامج المنوعات الذى أنتجه باسم " حماقات زيجفيلد " و الذى ظل يقدم على مسارح برودواى لمدة عقدين من الزمان حقق خلالهما شعبية كبيرة ، ثم تم تحويله بعد ذلك الى برنامج
اذاعى لاقى شهرة هائلة .
أيضا من أهم الأفلام الغنائية التى قدمتها هوليوود فى بداية الثلاثينيات، هو فيلم " أغنية الصعلوك " من انتاج شركة " مترو جولدن ماير "، و المأخوذ عن مسرحية " حب الغجر " و قد قام ببطولته مغنى الاوبرا " لورنس تيبالت "، فى أول
أدواره السينمائية و الذى رشح عنه لجائزة اوسكار أحسن ممثل ، و قد قامت جميع الاستوديوهات فى العشرينات بانتاج افلام ضخمة من تلك النوعية التى أطلق عليها " ناطقة – غنائية – راقصة ". و قد تكونت تلك الأفلام من مجموعة متنوعة من " الفودفيل ، و الاسكتشات الكوميدية، و الأغانى التى عكست تأثر تلك الأفلام بمسرحيات برودواى، و التى كانت النبع
الأول التى
استقت منه تلك الأفلام قصصها، و قامت بتحويلها الى أفلام كما أشرنا سابقا.
و من أمثلة تلك الأفلام المتعددة المكونات " مهزلة هوليوود " الذى انتج عام 1929 و الذى اشتهر باثنين من أغانيه و هما " ذات يوم بينما أتنزه فى الحديقة " ، " الغناء تحت المطر " و من أهم نجوم الفيلم من بطلات الاستعراض " جوان
كراوفورد " ، " ماريون ديفيز " ، " بيسى لاف " و من ممثلى الكوميديا الثنائى الشهير " لوريل و هاردى " و قد اشتهر الفيلم بأنه اول من قدم الاستعراض الغنائى الشهير فيما بعد " الغناء تحت المطر " و الذى أداه نجم الاستعراض "
جين كيلى " فى الفيلم الذى حمل نفس اسم الأغنية و الذى قام ببطولته عام 1952. هكذا كان الفيلم الغنائى يقفز بخطوات واسعة ربما أكثر من أى نوع أخر من الأفلام و ساعده على تثبيت اقدامه فى الساحة السينمائية ، تقنية الصوت التى بهرت المشاهدين، بالاضافة الى تنوع مكونات الفيلم من الاستعراض و الفكاهة مما جعل الفيلم الغنائى فى نهاية العقد الثالث من القرن العشرين وجبة سينمائية محببة للاسرة ربما أكثر من أفلام الرعب أو الأفلام التراجيدية ، و لكن كيف سار تطور الفيلم الغنائى مع تطور صناعة السينما فهذا ما سنطرحه فى المقالات القادمة .