القاهرة 19 فبراير 2017 الساعة 11:09 ص
منذ أكثر من 30 عاماً والكارثة مستمرة وتزداد حدتها يوما بعد يوم حتي أصبحت كابوساً... وفي السنوات الأخيرة أصبح حلم الحصول علي التعليم الجيد لأطفال أي أسرة مصرية عبارة عن هم باليل ومذلة بالنهار.. أصبح الحلم ضرباً من المستحيل أن تحصل علي نصيب وافر من التعليم الجيد لأولادك سواء كانوا في مدارس حكومية أو حتي خاصة... يعني تعليماً جيداً يوفر لهم فرص عمل جيدة في سوق التشغيل المحلي أو الخارجي وقبله تربية ترتقي بالسلوك
والأخلاق حتي يكون لنا نصيب من قول أمير الشعراء أحمد شوقي: "إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا"
كل أسرة مصرية لديها طفل علي الأقل لذلك طال الهم الجميع.. والأخطر أن مستقبل مصر مرهون بالتعليم. فإذا كان الواقع كما نعرفه ونعيشه الآن هو الحصاد المر لسنوات طويلة من الإهمال المتعمد للتعليم في مصر حتي وصلنا لهذا المستوي. فكيف يكون المستقبل إذا لم نتحرك اليوم وليس غداً مع معدلات الانهيار التي وصلت للكارثة... نعم الكلام ليس جديداً لكن تم اختيار وزير جديد هو د. طارق جلال شوقي عيد وادعو الوزير الجديد لفتح بعض الملفات وربنا يقدره علي الدخول إلي أعشاش الدبابير.
"الكتاب المدرسي"
أول عش للدبابير هو ما يحدث في مغارة الكتاب المدرسي... في البداية تخصص له وزارة التربية والتعليم من ميزانيتها نحو مليار ونصف المليار جنيه لطباعة كتاب يتركه الطلاب ولو بنسب مختلفة ويذهبون لشراء الكتاب الخارجي.. والسؤال الساذج الأول: لماذا تصر الوزارة علي رمي نحو 5.1 مليار جنيه في البحر كل عام لطباعة كتاب تدرك أن أي كتاب خارجي أفضل منه فقد انتهي زمن النكت السخيفة التي كانوا يلقنونها للأوائل علي الشهادات العامة من عينة "انهم لم يذاكروا الا من الكتب المدرسية ولم يعرفوا طريق الدروس الخصوصية"!!
لذلك يكون السؤال الساذج الثاني: لماذا لا تتعاقد الوزارة مع مؤلفي الكتب الخارجية مباشرة لتكون كتبهم هي كتب الوزارة ونكون بذلك ضربنا عصفورين
بحجر. الأول استفدنا من المليار ونصف المليار جنيه المهدرة في البحر ومن جهة ثانية وفرنا علي أولياء الأمور شراء نوعين من الكتب المدرسية لقراطيس اللب والخارجية للمذاكرة منها... لكن الكارثة تتضح حين نعلم ان بعض مؤلفي الكتب الخارجية هم بعض مؤلفي الكتب المدرسية. يعني يعطون للحكومة كتاباً تعليمياً ضعيفاً يتقاضون عنه مكافآت فلكية وفي نفس الوقت يوفرون جهدهم وخبراتهم للكتاب الخارجي. بنفس منطق الدروس الخصوصية حين يقبض المدرس من الحكومة نظير شرح غير مكتمل ثم يقبض روح أولياء الأمور مقابل دروس خصوصيةپجيدة.
والسؤال الساذج الثالث لحكومتنا الذكية: لماذا تقلص حصة المطابع الحكومية أو مطابع الصحف القومية لنحو 11% وتعطي الباقي للقطاع الخاص إلا إذا
كانت هناك مصالح أخري لفئة معينة من الحيتان إياهم داخل الوزارة والذين يجيدون التعامل تحت الترابيزة مع القطاع الخاص.
بصراحة لو كنت بدلاً من مهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء لأصدرت قراراً بطباعة كل الكتب المدرسية في المطابع الحكومية ونظيرتها التابعة للصحف القومية حتي تذهب أموال الحكومة للحكومة من جهة. وتشغل هذه المطابع طوال العام بما تملك من قدرات معطلة.. وبذلك يكون هناك دخل وعائد ضخم لهذه المؤسساتپتستغني به عن طلب الدعم والإعانات المالية التي تستنزف ميزانية الدولة... ومن جهة أخري نوفر أرباحاً ودخلاً وعائداً ينقل هذه المؤسسات الي خانة الربح والمكسب بدلاً من الخسائر التي نصرخ منها جميعا. ويتيح لها قدرات مالية للتطوير وإحلال وتجديد آلات الطباعة ومستلزماتها
فلا يعقل بحسبة بسيطة منح القطاع الخاص حجم أعمال بحوالي 1335 مليون جنيه بينما يحصل القطاع الحكومي فقط علي نحو 165 مليون جنيه!!
ويزيد الأمر صعوبة زيادة تكاليف الطباعةپبعد تعويم الجنيه وارتفاع سعر الدولار وبالتالي لابد من البحث عن حل يواجه هذه المشكلة.. لذلك يأتي السؤال الساذج الرابع: إذا كنا نريد توفير هذه المبالغ لماذا لا نحول هذه الكتب الي الكتب الالكترونية بعد توفير "تابلت" أو "لاب توب" لكل طالب ولنبدأ التجربة في القاهرة والاسكندرية وبعض المحافظات وندرس النتائج !!
طبعاً سيقف المستفيدون من وجود طباعة الكتاب الورقي في خندق المعارضة وهنا يمكن توزيع بعض ما يتم انفاقه علي طباعة الكتاب المدرسي من ميزانية الحكومة علي المطابع الحكومية تطبيقا للقانون الذي يتيح لبعض المسئولين الحصول علي نسبة مئوية من الأموال التي يتم ردها إلي موازنه الدولة بعد توفيرها وعدم انفاقها من الميزانيات المخصصة ويمكن الاستفادة من ذلك في طباعة الاوراق والدفاتر الحكومية المستخدمة في المصالح الحكومية.
وإذا كان التعديل الوزاري الذي تم خلال الساعات الأخيرة أتي لنا بالدكتور طارق جلال شوقي كوزير للتربية والتعليم والتعليم الفني فقد تكون خبراته في عالم التكنولوجيا كفيلاً بتطوير طباعة المناهج التعليمية الكترونياً والدخول بعملية التعليم بشكل عام الي عالم التكنولوجيا التي يمكن بها ان تحل الكثير من المعضلات وتوفر الكثير من المليارات الطائلة التي ترمي في البحر... فإذا كان الوزير الجديد قد قاد تنفيذ العديد من المشروعات حول العالم في مجال تطبيقات تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات في التعليم والعلوم والثقافة وشغل العديد من المراكز في منظمة اليونسكو من عام 1999 حتي عام 2012پذا المجال حتي وصل لمنصب مدير مكتب اليونسكو الإقليمي في الدول العربية 2008 ــ 2012 فهل ينقل التعليم في مصر الي هذا الفضاء الالكتروني والتكنولوجي؟
أعتقد أن طرق المواجهة متعددة ولا تخفي علي عالم في تكنولوجيا الاتصالات مثل وزير التعليم الجديد ومنها إنشاء موقع الكتروني علي شبكة الانترنت يكون مخصصا للكتب الالكترونية المدرسية يمكن تنزيلها منه علي اجهزة الكومبيوتر بسهولة وبالتالي نقضي علي مشاكل طباعة وتكلفة الكتاب المدرسي ونقله.. الخ من اشكاليات يعرفها المتخصصون.
"الدروس الخصوصية"
ومن الكتاب المدرسي يمكن الدخول الي عش الدبابير الثاني اقصد الدروس الخصوصية.. السؤال الساذج الأول ماذا يحدث لو انشأنا قنوات تعليمية لكل المراحل علي شبكة الانترنت وهي لا تتكلف كثيراً ويمكن رفع فيديوهات تشرح بالصوت والصورة المناهج المختلفة يقدمها المدرسون الممتازون في كل مادة لكل فصل من المراحل التعليمية.. وفي هذه الحالة نكون قللنا كثيراً من الاعتماد علي الدروس الخصوصية بعد أن نوفر الشرح الجيد لكل المناهج من فيثاغورث الرياضيات وسيبوية اللغة العربية وجبرتي التاريخ.. الخ من ألقاب خلعها بعض المدرسين الجيدين علي انفسهم!!
"الأبنية التعليمية"
هل تدخل الرقابة الإدارية عش الأبنية التعليمية وتراجع الملفات والميزانيات المخصصة لبناء وترميم ودهان الأبنية التعليمية في مصر طوال السنوات الماضية؟.. والله لو فعلت لاكتشفت مغارة جوة مغارة جوة مغاره... إلخ ولقبضوا علي مليون علي بابا وعشرتاشر ألف حرامي من كل حجم ولون!!
"إعداد المدرسين قبل تسليمهم عقول أولادنا"
المناهج التعليمية أصبحت صعبة جداً ليس علي الطلاب فقط لكن علي المدرسين أنفسهم.. لذلك لابد من التدريب والتعليم المستمر للمدرسين سواء بإعادتهم الي مدرجات الجامعات في العطلة الصيفية أو من خلال البرامج التدريبية التي يمكن بثها علي شبكة الانترنت لزيادة الكفاءة التعليمية لهم... ببساطة لابد من إعادة الاعتبار للمدرس من خلال رفع كفاءته التعليمة والتربوية والعلمية ولا بد من التقييم المستمر للمدرس لانه في حالة امتحان مستمرة مع مناهج متقدمة وطلاب وجيل اتسعت مداركه كثيراً جداً رغم ما يشاع عن مستوي الطلاب العلمي!!
"الحضور والغياب في المدارس"
ــ بماذا نفسر الغياب الكثيف لطلاب الثانوية العامة في الفصول المدرسية وازدحام "السناتر" وقاعات الدروس الخصوصية؟
سؤال ساذج... والإجابة أيضاً من عينة السؤال:
ــ مفيش شرح ولا تدريس... والحضور إضاعة للوقت!!
ــ سؤال ساذج تالي: هل الغياب في المدارس الحكومية فقط؟!
ــ الإجابة: لا في المدارس الخاصة واللغات والتجريبي ومعظم الأنواع!!
ــ سؤال ساذج تالي: ليه؟
ــ الإجابة: قلنا قبل كده مفيش شرح وكله بيعتمد علي الدروس الخصوصية والمدرس قبل الطالب!!ــ السؤال الساذج شبه الأخير: لماذا ندفع مصاريف باهظة في مدارس خاصة غير حكومية لمدرسين لا يشرحون وعن خدمة تعليمية لا تقدم؟!
ــ إجابة من بعيد: ولماذا تدفع الحكومة مليارات الجنيهات سنوياً كأجور لمدرسين وصلوا بحالة التعليم التي وصلنا اليها؟!
• حد فاهم حاجة !!
• هوامش من متن
التعديل الوزارى!!
• سهل أن تغير وزير أو تغير وزارة بالكامل ....سهل أن تغير وكلاء وزارة ومديرين
لكن المستحيل أن تغير العفن والفساد والخلل الذى سكن فيما يسمى بالدولة العميقة ؟!
• مشكلتنا تكمن فى تغيير الاسماء والوجوه أم فى تغيير الأفكار والسياسات ؟!
• المافيا الساكنة فى وزارة التموين وحواشيها ، والتنمية المحلية وحواريها لا ينفع معها إلا قنبلة نووية ؟!
yousrielsaid@yahoo.com