القاهرة 19 يناير 2017 الساعة 11:29 ص
كتبت فى هذا المكان الخميس الماضى عن واقعة خطيرة بعودة شبح الخصخصة والمصمصة من جديد وأننا للأسف الشديد لم نتعلم الدرس فيما حدث لمنشآت مصر التى تم بيعها بتراب الفلوس ... وقلت إن الجملة الرائعة : ربنا م تحوجناش لغيرك
!! يسيرعليها البسطاء فى بلادى ويتحلمون من أجل تحقيقها المر بكل أشكاله ويعرقون فى عز برد الشتاء وحر الصيف من أجل الحصول على لقمة العيش بشرف ودون تسول ... أما حكوماتنا فتسير عكس ذلك ومنذ عصر مبارك وحتى الآن بعد أن ابتلينا بنكبة الخصخصة والمصمصة وحيتانها !!.....وتصر الحكومة بإصرار غريب على بيع السنارة التى يحصل بها المصريون على رزقهم وبتراب الفلوس وذكرت بالتحديد واقعة طرح وعرض فندق ميريديان هليوبوليس للبيع ، وهذا الفندق لمن لا يعرف موقعه يقع فى أجمل بقعة على طريق صلاح سالم بمنطقة مصر الجديدة
من قصر البارون الشهير..
والغريبة أن الشركة صاحبة الفندق كررت نفس مسلسل الخصخصة فى عهد مبارك بتعريضة للخسائر المتتالية حتى يكون هناك مبرر لبيعه وكانت الكارثة الكبرى عرض الفندق للبيع وقدرت قيمته السوقية ب 500 مليون جنيه أو 75 مليون دولار( قدرت سعر الدولار بنحو 6 جنيهات !!) ...والفندق 5" نجوم" ويضم 318 غرفة،..وسألت فى نهاية مقال الخميس الماضى عدة أسئلة ساذجة لم أتلق إجابة عنها من أى مسئول بالشركة مثل : لماذا الإصرار على البيع بهذا الثمن البخس !!.....و من الذى قدر قيمة هذا الفندق بهذا الثمن ولصالح من يتم بيع هذا الفندق برخص التراب والذى يمكن أن يجلب هذا الثمن من أرباح الفندق لمدة 4 سنوات إذا أحسنا استثماره ؟!....والسؤال المهم كم ثمن متر الأرض فى هذا المكان ؟..وقلت يعنى تبقى عندنا سنارة ذهبية ثم نبيعها من أجل مخطط خبيث جربنا مرارته من بطالة لملايين العمال وضياع أهم مصادر الدخل القومى وأصبحنا كمن يبيع عفش بيته كى يأكل ويكون السؤال .. ماذا سيفعل هذا الغلبان فى عقله ومن سيعطيه طعامه بعد أن ينفد ثمن بيته ؟ بالإضافة إلى العودة و مع سبق الاصرار والترصد لسياسة بيع السنارات التى نصطاد بها أكلنا من أجل حفنة أسماك سرعان ما التهمها الحيتان الكبار وبقى الجوع والخراب لملايين الشعب المصرى ... ويكون السؤال لماذا البكاء على اللبن المسكوب ؟...والسؤال الساذج الذى أطرحه على أى طفل فى الشارع كم يتكلف إنشاء مثل هذا الفندق الآن ؟ ...
الإجابة طبعا ستكون فاضحة لهذا المسلسل الخبيث الذى بدأ كما قلت منذ سنوات بتخسير الفندق فكما تقول الشركة أنها تكبدت خلال الشهور التسعة الأولى من العام الحالى خسائر بـ3 ملايين جنيه، مقابل خسارة 6 ملايين جنيه خلال الفترة المماثلة من 2015، وتكبدت خسارة خلال 2015 مبلغ 9.1 مليون
جنيه، مقابل خسائر 4.5 مليون جنيه خلال 2014.... نفس المسلسل بحذافيره الذى تم عمله مع بعض مصانع القطاع العام يعود من جديد !!
والغريبة أن فندق ميرديان هليوبليس مملوك لمجموعة من البنوك الوطنية الحكومية منها الأهلي ومصر وقناة السويس والبنك الوطني للتنمية و بنك ناصر الاجتماعي برأسمال قدره 147.7 مليون جنيه بنسبة حوالي 92.3% من إجمالى رأسمال الشركة، بالإضافة لبعض النقابات والشركات والأفراد التي تمثل بقية الأسهم 12.3 مليون جنيه بنسبة 7.7% من إجمالى رأس المال.، يعنى كيف تسمح هذه البنوك التى تشترك فى رأسمال فنادق ومؤسسات ناجحة فى تدمير ودائع عملائها بإسناد إدارة ومصير هذا الفندق إلى من يتحدث باسم الملاك خاصة وأن البنوك تملك 92.3 % من رأسمال الفندق !!....
ويبدو أن الشعب المصرى موعود بمن يفرط فى أملاكه التى تحمل اسم سلسلة فنادق الميريديان العالمية وكلنا نذكر الواقعة المريرة والفضيحة التى مازالت رائحتها حتى الآن مع فندقى ميرديان النيل وشيراتون الغردقة ... أذكر ذلك للمترحمين على عصر مبارك والناقمين على اللحظة الحالية ...الكارثة الأولى أننا موعودون برقم 75 مليون دولار لعرضه فى الصفقتين ، ميريديان النيل وميرديان هوليوبليس رغم مرور نحو 23 عاما على الصفقتين!!...وأذكر لعل الذكرى تفيق المترحمين على أيام مبارك أنه تم بيع ميرديان النيل عام 1993 ب75 مليون دولاروبما يعادل 40% من القيمة المعادلة للأرض بدون المبانى فى أجمل بقعة على نيل القاهرة في أقصي الطرف الشمالي لجزيرة المنيل وكان الفندق يظهر «كشبه جزيرة في النيل» يعنى في موقع فريد ومتميز لا مثيل له فى القاهرة فى مصر على الأقل ..
• أذكركم حتى لا يظن أحد أن الفساد يتم دفنه للأبد أن مساحة فندق ميرديان النيل المملوك وقتها لمحافظة القاهرة وشركة إيجوث كانت 21 ألف متر مربع وكان سعر المتر في هذا الموقع الفريد وقتها وبدون المبانى لا يقل عن 30 ألف جنيه أي أن قيمة الأرض وحدها كانت تساوي 630 مليون جنيه «185 مليون دولار بسعر الدولار عام 1993»وليس كما بيع للأمير السعودى ب 75 مليون دولار فقط أي بما يساوي 40% من قيمة الأرض وحدها والكارثة الأكبر أن دراسات الخبراء أكدت أن السعر الذي بيع به الفندق لا يتجاوز قيمة أرباحه الصافية في أربع سنوات!!.....
والأغرب أن الصفقة لم تشمل الفندق فحسب ولكن شملت الأرض المحيطة بالفندق .. وقد تم السماح لعبد العزيز الإبراهيمي المالك الجديد لميرديان النيل ببناء برج بارتفاع 45 طابقا علي حديقة الفندق القديم هو فندق « جراند حياة» الآن ، ولم يكتف بذلك بل حصل علي موافقة بردم مترين من النيل تضاف إلي الحديقة التي قطعت أشجارها وموقف السيارات الذي تهدم.. وبالطبع لم يعرف أحد من المسئول عن هذه الصفقة التي انتهت إلي بيع مبني المريديان وملحقاته مقابل لا شيء...والغريبة الكبرى أن هذا الفندق الرائع تم غلقه منذ شراءه وتم تشغيل الفندق الجديد ولم تفلح محاولات المهندس إبراهيم محلب مع المالك لإعادة تشغيله مرة أخرى !!!
• واذكر لعل الذكرى تنفع المسئولين الآن أن ماحدث فى ميريديان النيل حدث فى عدد من الصفقات من بينها شيراتون القاهرة وشيراتون الغردقة وغيرها وبيعت أيضا بلا مبرراقتصادى ، إلا رغبة أعداء هذا البلد فى تدمير كل منشآته الاقتصادية والسياحية والصناعية و كان الفساد فيها للركب وفاحت رائحته ومازالت فى كل شىء بداية من تقييم سعر الأصل العام وعرضه للبيع بتراب الفلوس ثم إهدار المال العام ببعزقة حصيلة البيع ، ولا عزاء طبعا لمال الشعب المصري وثروته الوطنية التى تم تبديدها بفعل فاعل وأمام أعيننا جميعا فى وضح النهار ، والكارثة قيام نفس المستثمرالذى اشترى ميرديان القاهرة بتراب الفلوس ومنذ أكثر من عشرين عاماً مضت بشراء فندق الغردقة الدائري الشهير من شركة قطاع الأعمال العام «ايجوث» بأبخس الأسعار في صفقة عجيبة قيمتها 15 مليون دولار شاملة الفندق والأرض المحيطة به ومساحتها حوالي 82 فداناً!...
وتكرر مسلسل المستثمر السعودى وتم إغلاق شيراتون الغردقة منذ شراءه ودون مبرر رغم أنه علامة مميزة للمدينة السياحية العالمية باعتباره أول فنادقها التاريخية حيث يتربع علي البحر في موقع فريد ونادر ...والسؤال الساذج لماذا اشترى المستثمر هذا الفندق ولماذا يغلقه حتى الآن بعد تسريح مئات العمال والموظفين منه وغلقه أمام السياحة العالمية .. ؟...والأغرب أن المستثمر أياه حصل وقتها ضمن الصفقة علي حق ملكية الشارع الرئيسي الذي يطل علي الفندق ويربط القري السياحية من الشمال إلى الجنوب.. إضافة إلي مساحة 38 فداناً من الأرض الفضاء.. كلها تقع علي شاطئ البحر الأحمر وبكم ب 15 مليون دولار يابلاش !
• هل تفتح الرقابة الإدارية التي كلفها الرئيس عبدالفتاح السيسي بالتصدي لمشاكل الاستثمار والفساد هذا الملف وتوقف تكرارهذه المهازل من جديد فى ميريديان مصر الجديدة .. وتحاسب الذين صمتوا وتجاهلوا عمداً أكبر عملية إتجار وتسقيع وإهدار لمواردنا في أغلي مواقع سياحية تملكها مصر!!
والسؤال المهم أيضا من صاحب فكرة إعادة مسلسل الخصخصة من جديد لنا بعد أن راينا أمامنا بيع مصانع وفنادق ومنشآت مصر بتراب الفلوس منذ التسعينات ، وإذا كنا نعانى من سوء الإدارة فى بعض المنشآت الصناعية أو الاقتصادية أو السياحية وماترتب عن ذلك من خسائر ...يكون السؤال لماذا لانغير هذه القيادات ونوابها و نطبق أحد نماذج الخصخصة الأخرى ؟ ... أقصد خصخصة الإدارة خاصة بعد نجاحها فى مصر قبل ظهور حيتان الخصخصة عندنا، أقصد ما كانت تفعله الحكومة المصرية بإسناد إدارة الفنادق عندنا للشركات العالمية نظير نسبة من الأرباح ، يعنى لو كنا فاشلين فى الإدارة لماذا لا نستعين بالناجحين بدلا من بيع السنارة والدجاجة التى يمكن أن تبيض لنا ذهبا !!
وبحسبة اقتصادية كم تتكلف فرصة إنشاء فرصة عمل ، اعتقد أن المبلغ المقترح لن يقل عن 200 ألف جنيه لفرصة العمل الواحدة وهذه المنشآت لو تم بيعها تؤدى لخسارة فى مدخلات الاقتصاد القومى من جهة ومن ناحية ثانية تؤدى إلى تسريح عمالتها وتحويل أراضيها لعمارات سكنية مثلما حدث فى العديد من المصانع و اعتقد أن الخسارة ستكون كبيرة جدا جدا جدا !!
• ولا أعرف أين مجلس النواب بنوابه المحترمين عندنا؟... فلم نسمع عن طلبات إحاطة أو غيرها من أدوات برلمانية لمنع تكرار حلقات هذا المسلسل البغيض المسمى بالخصخصة خاصة بعد أن سمعنا عن طرح شركات وبنوك ناجحة للبيع فى البورصة ... ويبقى السؤال لماذا نصرعلى بيع الدجاج الذى يبيض لنا ذهبا ونصر على بيع السنارة مقابل بعض السمكات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع !!
• هامش فى قلب المتن
تيران وصنافير مصرية بحكم قضائى بات ونهائى ... بس خلاص !!
yousrielsaid@yahoo.com
•