القاهرة 05 ديسمبر 2016 الساعة 11:24 ص
هذا المقال توضيح بعض ما غمض حول العلاقات المصرية السعودية خاصة والعلاقات الخليجية المصرية عامة. وأعتقد كباحث في القضايا الاستراتيجية لدي قدرا معقولا من المعلومات عن مواقف الدول الخليجية ومصر بما يكفي للتحليل العلمي .إن مشكلتنا أبناء لغة الضاد أننا تأثرنا بالممارسات الامريكية في الوجبات السريعة وبالاعلام الامريكي في التويتر والفيس بوك وأشباهها وهي للمتخصص في الاعلام أو في البحث السياسي لا يعتد بكثير منها إذا طبقنا معايير الصدق للمعلومات الكثيرة المنتشرة نجد كثيرها أقرب لعدم الصدق الذي يستلزم تحليل المعلومة بدقة في ضوء معطيات منهج سوات المعروف لمن يهتمون بالتحليل السياسي. وهذا المنهج يتماشي مع المنطق الاسلامي الوارد في الآية الكريمة :
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى? مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" الحجرات 6. والآية تدلنا علي اسلوب التأكد من المعلومات التي تنتشر وما أكثرها ومعظمها يقول نصف الحقيقة مثل اقتباس قوله تعالي " لأ تقربوا الصلاة" دون إستكمال الآية الكريمة " وأنتم سكاري" .
والآن نتساءل ماذا يجري بين مصر والسعودية . ومن وجهة نظري كباحث إنها سحابة صيف سرعان ما تنقشع وفيما يلي التوضيح :
الاولي إن ما بين مصر والسعودية لا يزيد عن أي خلاف في الرأي بين أخوة فلا توجد خلاقات جوهرية وإنما إجتهاد في الرأي مثل الاجتهاد في الفقه او في السياسة .
الثانية إن مرجع الاختلاف القصة المشهورة حول عدد من الناس في غرفة مظلمة وكل منهم يلمس الفيل ويصفه بطريقة مختلفة عن الاخر. وكلهم صادقون فكل منهم لديه جزء من الحقيقة. وليس هناك أشد إظلاما وغموضا من أوضاعنا الراهنة في العالم العربي وخاصة الحالة السورية الآشد غموضا
فهي مغلفة بفتن أحلك من قطع الليل المظلمة لانها فتنة أكبر من غيرها لتداخل الفاعلين المحليين والاقليميين والدوليين وعجزهم عن التوصل لحل وعجز مبعوثي الامم المتحدة مما دفع أكثر من مبعوث للاستقالة .
الثالثة كيف تنظر كل من مصر والسعودية للموقف . مصر تنظر من ناحية المباديْ الدولية وفي مقدمتها مبدأ عدم التدخل في الشئون الداخلية لدولة أخري. والسعودية منظورها إنساني حيث الدمار والقتل لحد الابادة الجماعية. مصر تنظر بالواقعية. والسعودية تبذل جهدا إنسانيا.
الرابعة ينطبق ذلك المنطق ليس فقط علي سوريا بل علي أزمات كثيرة في المنطقة. ولا أعتقد أن السعودية ترفض مبدأ الشرعية القائمة وإن كانت مجروحة فالخروج عليها يمثل سابقة لا أعتقد أية دولة تقبلها بالنسبة لنفسها . وموقف مصر ليس جديدا فقد طلب الرئيس الاسبق محمد مرسي من وزير دفاعه الفريق عبد الفتاح السيسي أن يرسل قوات مصرية لمساعدة الثوار في سوريا . فرفض وزيرالدفاع ذلك قائلا إن جيش مصر لا يتدخل قي الشئون الداخلية لأية دولة . بغض النظر عن كون السلطة ظالمة أو عادلة . فهذه مسؤلية شعبها. وهذا موقف مصر اليوم . وكل دولة لها حق السيادة واستقلالية القرار . مصر تتمسك بالمبادئ الدولية و ميثاق الامم المتحدة المادة 2 الفقرة السابعة . وأي عمل بخلاف ذلك يضع سابقة بالغة الخطورة إذ يمكن الاستناد إليها للتدخل في شئون كل دولة.. كانت الدول الاستعمارية تتدخل في شئوننا باسم حماية الاقليات والاجانب ولكن القانون الدولي ألغي كل ذلك وأقر بسيادة كل دولة علي أراضيها وسيادة قانونها الوطني وسلطتها الشرعية. . من ها أوجه نداء للإخوة السياسيين والاعلاميين العرب في مصر والسعودية و الخليج بالتخلي عن منطق الوجبات السريعة والتعامل في أي قرار أو فكرة بسبرأغوارها . وحقا القول "من كان يؤمن بالله واليوم الاخر فليقل خيرا أو ليصمت".
الخامسة العلاقة المصرية السورية عميقة الجذور فقد حارب الجيشان المصري والسوري في عام 1967 وفي 1973 ضد اسرائيل و حاربا بقيادة صلاح الدين ضد الصلييبيين وأعادا القدس للعروبة والاسلام وطردا الصليبيين الاستعماريين فالصليب منهم برئ . كما إن الاسلام برئ من أفعال داعش.
أدعو إخوتي من الخبراء ورجال السياسة وصناع القرار في مصر وفي الدول الخليجية ألا يكترثوا بالمعلومات المبتورة والاشاعات التي يروجها المرجفون. وليعرفوا أن أي تحليل علمي يجعل مصر والسعودية ودول الخليج علي قلب رجل واحد . والإخوة يختلفون وإذا جد الجد يتحدون لمواجهة العدو الحقيقي ونحن جميعا نعرف من هو العدو الحقيقي.