القاهرة 19 اكتوبر 2016 الساعة 02:09 م
تمرالسنون سريعة مثل كل مظاهر الحياة في القرن الحادي والعشرين وها نحن نحتفل بالذكريالثالثة والأربعين لنصر اكتوبر المشهود ونحن نشعر بالفخر والاعتزاز بذلك الحدثالمهم في التاريخ المصري والتاريخ العربي وتشاركنا كثير من الشعوب العربية وحكامهامثل هذا الفخر والابتهاج.فعلي سبيل المثال نشرت عدة صحف بحرينية مقالات لكتابمخضرمين من الجيل السابق الذين عاشوا مجد العروبة والفكر القومي العربي نقول نشروامقالات تشيد بالحدث وتشيد بمصر وجيشها وقيادتها. ولا يسع المقام لذكر كثير منالاسماء ولكنني اكتفي بالإشارة إلي صديق عزيز هو الكاتب المخضرم والإعلاميالبحريني السابق محيي الدين بهلول الذي لا تفوته واقعة أو حدث أو تاريخ يرتبطبالعروبة وعبد الناصر إلا وينشر مقالا عنه.
إننصر أكتوبر 1973 نقل مصر والعرب نقلة نوعية في احساسهم بذاتهم وقدراتهم كما بعثبرسائل مهمة لإسرائيل التي ادعت وروجت أن جيشها لا يقهر فذاقت مرارة الهزيمة وكانيمكن ان تكون ساحقة لولا الطيران الامريكي الذي نقل إليها أحدث المعدات والدباباتأثناء المعركة نتيجة استغاثة جولدا مائير رئيسة الوزراء الاسرائيلية انذاك ووزيردفاعها المخضرم موشي دايان الذي لم يكن يتوقع عبور مصر للحاجز المائي المتمثل فيقناة السويس والحاجز الترابي علي الضفة الشرقية للقناة المعروف باسم خط بارليف. ولذلكهرعوا للاستعانة بأمريكا التي لم تقصر يوما ما في الدفاع عن امن اسرائيلوالاستجابة لمطالبها مهما كانت كثيرة أو مبالغ فيها.
وفينفس الوقت أكد الجيش المصري البطل ومعه الجيش السوري بان القوة العربية لم تنهروإن الروح المعنوية تم استردادها رغم كل التحديات والعقبات . ولعل التضامن العربيفي حرب أكتوبر بلغ أشده في مساندة مصر العروبة وسوريا العربية. وظهر التضامن فيأبهي صوره في موقف
المغفورله الملك فيصل باستخدام سلاح البترول في المعركة ورفض تصديره للدول المساندةلإسرائيل في اوربا وأمريكا واسيا وهو ما أبرز ما اطلق عليه أحد الاكاديميين الهنودان العرب أصبحوا القوة السادسة في العالم وهذه فرصتهم ليستمروا ويزدادوا قوة.
ومنناحية ثالثة أثبت نصر أكتوبر أنه بداية الطريق نحو استراتيجية السلام فقام الرئيسالسابق أنور السادات بإطلاق مبادرة السلام في عام 1977 بزيارة القدس الشريفوالتحدث في الكنيست الاسرائيلي وهو أعتبر موقفا مثل الصعود للقمر انذاك.ولكنه كاناستراتيجيا بارعا وذو حنكة سياسية ورؤية سياسية مستقبلية وكأنه تنبأ بما سيحدث فيالعالم بانهيار الاتحاد السوفيتي وبروزالهيمنة الامريكية وتراجع العالم الثالث وتراجع اسعار النفط في اواخر السبعينات مما احدث ارباكا سياسيا واقتصاديا في العالمبأسره .وأثار موقف الملك فيصل رحمه الله الولايات المتحدة وكيسنجر بوجه خاص الذيكتب في مذكراته المنشورة بعد ذلك انه لو استخدم العرب النفط كسلاح مرة ثانية فسوفنعلن الحرب ونحتل دول الخليج وندمرها.وهناك شواهد علي ان بعض الاجهزة السريةالامريكية كانت وراء اغتيال المغفور له الملك فيصل.
لقداثار قرار الرئيس السادات بزيارة القدس انظار العالم ولم يستطع احد التنبؤ بماستؤول إليه الامور باتفاقات كامب دافيد ثم معاهدة السلام المصرية الاسرائيلية عام 1978بعد مبادرة من السادات عام 1977 في خطابه في مجلس الشعب المصري ثم اعقب ذلك التحولالاستراتيجي نحو السلام في العقد التالي باتفاقيات اوسلو ووادي عربة بين إسرائيلوالفلسطينيين وبين اسرائيل والأردن علي التوالي . ولكن إتفاقية أوسلو لم تحققالسلام المنشود للصراع الفلسطيني الداخلي ومحدودية الرؤية الاستراتيجية الفلسطينيةوالتعنت الاسرائيلي ثم اغتيال إسحاق رابين رئيس الوزراء الذي أبدي مرونة للتوصللاتفاق مع الفلسطينيين. ثم جاءت مبادرة القمة العربية في بيروت عام 2002 لتؤكد عليمبدأ الارض مقابل السلام وتعزز الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وبناء دولتهالوطنية علي ترابه الوطني وعودة القدس واللاجئين وباقي الاراضي العربية المحتلة.
وبمناسبةذكري نصر أكتوبر هذا العام 2016 نطرح بعض الافكار التالية : الاولي أهميةالاستعداد العسكري الجاد والتدريب والتكتيك والتخطيط الصحيح للمعركة.والذي أعادسيناء الحبيبة للحضن المصري وللأسف حولها بعض المصريين إلي أرض للإرهاب في عام 20012وما تزال مقاومة الجيش المصري الباسل وشعب سيناء للإرهاب مستمرة . وكما هو معروففإن العدو الداخلي أكثر خطورة وأصعب في القضاء عليه من العدو الخارجي.
الثانيةأهمية التضامن العربي الشامل الحقيقي لتحرير الاراضي العربية المحتلة ولدعم نضالالشعب الفلسطيني وهو ما لم يقصر فيه الاخوة العرب ولا مصر ولكن المتغيرات الدوليةوالإقليمية فرضت مستجدات جديدة أحدثت أثارا سيئة بل بالغة السوء وخاصة مع بدءتدمير العالم العربي وقبله انهيار الإتحاد السوفيتي وبروز الهيمنة الامريكية
الثالثةبداية التمزق العربي بمقاطعة مصر وتجميد عضويتها في الجامعة العربية ونقل مقرالجامعة لتونس ولكن رغم ذلك ظلت مصر وفية لأشقائها العرب كما تجلي ذلك في مساندةالعراق في حربه ضد إيران وفي مساندة الكويت إثر العدوان العراقي عليها وأيضا فيمساندة الفلسطينية وفتح أراضيها لياسر عرفات وحمايته في انتقاله من بيروت إليالقاهرة إثر غزو إسرائيل للبنان عام 1982 وفي غير ذلك من المواقف الفلسطينيةومساندة سوريا في أواخر التسعينات ضد محاولات تركيا غزو أراضيها ولعب الرئيس مباركدروا في المصالحة السورية التركية والتي تحولت بعدها سوريا للعمل مع تركيا للأسفضد مصر كما ارتمت بعد ذلك في الحضن الايراني وتطورات الامور بين الاشقاء ليقتلالرئيس السوري شعبه ومستعينا بمختلف الدول والقوي الاقليمية والدولية خاصة منذالانتفاضة السلمية في عام 2011 في إطار ما عرف بالربيع العربي والذي تحول اليكارثة عربية.
الرابعةإن احتفال القوات المسلحة والشعب لمصري بأسره ماعدا غير المؤمنين بوطنهم والعاملينلمصلحة قوي خارجية.
نقولإن هذا الاحتفال يحمل رسالتين واضحتين الاولي الدور الحيوي للقوات المسلحة المصريةفي الدفاع عن التراب الوطني والأمن القومي العربي
والثانيةإن التلاحم بين الشعب المصري وجيشه البطل هو تلاحم وثيق لا تنفصم عراه. وإن سلوكالجيش المصري وعقيدته القتالية هي الدفاع عن الوطن وحماية الشعب وهذا بخلاف بعضالجيوش الاخري في المنطقة التي تنشر خلاياها النائمة وترفع شعارات تحرير القدس وهيشعارات لا أساس لها من الحقيقة.
لقدنشرت مع الصديق الدكتور المستشار مجدي المتولي في منتصف الثمانينات من القرنالعشرين كتابا تحليليا عن حرب أكتوبر وأثرها علي السياستين الداخلية والخارجيةلمصر تناولنا فيه مختلف التطورات في هذين المجالين .
وختاماأود أن تأكيد ثلاث حقائق في هذه المناسبة الاولي إن الخوف والحرص كما يقول المثلأذل أعناق الرجال . ومن هنا فان الخوف العربي إزاء الهجمة الارهابية الشرسة و إزاءتأمر الدول ضد العرب هو الذي حول المنطقة إلي أرض مباحة للشرق والغرب للقويالدولية والإقليمية وعزز طموحاتها ضد الامة العربية.
الثانيةإنه لا مفر من التضامن العربي الحقيقي بقيادة مصر والسعودية كأكبر قوتين فيالمنطقة اقتصاديا وعسكريا ولديهما حس قومي وإستراتيجية واضحة ودعم عربي وخليجي مهموخاصة من البحرين بقيادة مليكها حمد بن عيسي آل خليفة المفدى والإمارات العربيةوالكويت والأردن وبعض الدول العربية الاخري.
الثالثةإنه ما لم يتحقق التضامن العربي رغم كل ما لدي العرب من قوة وإمكانيات ومواردطبيعية وبشرية وعلمية فان مصير العرب والعروبة سيكون في الميزان لمصلحة أعدائهم.