القاهرة 25 سبتمبر 2016 الساعة 12:48 م
ميرفت عياد
ان تاريخ اى امة من الامم لابد ان يموج بالعديد من الاحداث التى قد تغير من وجه هذه الامة ، كما انها قد تترك اثارا ايجابية او سلبية ، وهذا يعنى ان الفكر الانسانى دائم الحركة ويملك القدرة على المواجهة بكل الاساليب الممكنة والتى قد تأتى الثورات كوسيلة من وسائل التعبير عن عدم الرضا عن واقع بعينه ولابد من تغيير هذا الواقع ، فالثورة تعبير عن حيوية الامة وحرصها الدائم على كتابة تاريخها بكل ما فيه من وقائع واحداث ، ولان التاريخ المصرى القديم كان ثريا باحداثه وانجازاته ومتغيراته وايجابياته وسلبياته فكان لابد ان يمتلك المصرى بحكم تراكم الخبرات والتجارب المعرفية ادوات التغيير والتى
من بينها الثورة
الثورة فى مصر القديمة
ويشير الدكتور عبد الحليم نور الدين أستاذ اللغة المصرية القديمة بكلية الآثار خلال الدراسة التى أعدها تحت عنوان " الثورة فى مصر القديمة " الى ان الثورة عادة ما تكون بمثابة رد فعل لفساد افراد او مؤسسات الدولة ، او لاحداث تغيير فى الفكر السياسى او الاقتصادى او الدينى او الاجتماعى ، ومن هنا عادة ما يرتبط اصطلاح الثورة باصطلاحات التآمر والانتفاضة ووالتمرد والمؤامرة ، ويروى لنا التاريخ المصرى القديم العديد من الثورات التى تم توثيقها منها الثورة الاجتماعية اوالاقتصادية او الدينية او الثورات ضد الاجانب الذى غزو مصر فى فترات ضعفها فى العصور المتاخرة ، وهكذا عرف المصريين القدماء معظم وسائل التعبير الايجابى والسلبى بالسم والعنف
سرقة ونهب الفقراء
وعن الثورة الاجتماعية يقول الدكتور نور الدين ان الوثائق المصرية احتفظت ببعض الثورات الاجتماعية لعل اشهرها تلك التى حدثت فى عصر الانتقال الاول عقب انهيار الدولة القديمة التى القت الضوء عليها بعض المصادر الادبية مثل بردية " ايبوور الموجودة والمحفوظة بمتحف مدينة ليدن بهولندا وقد كتب عليها الحكيم المصرى ايبوور مصورا ما اصاب البلاد من فوضى وفساد عقب سقوط الاسرة السادسة ، و بردية القروى الفصيح المحفوظة فى المتحف البريطانى فى لندن والتى تضم احدى الروايات الشهيرة فى الادب المصرى القديم مصورة كيفية تسلط اصحاب الوظائف الكبرى واستغلال نفوذهم فى سرقة ونهب الفقراء ، هذا بالاضافة الى كثير من المصادر الاثرية التى من اهمها مقابر مثل مقابر مير وبنى حسن
الثورة الاقتصادية ضد الفساد
وعن الثورة الاقتصادية يوضح الدكتور نور الدين ان من اهم الثورات التى تندرج تحت هذا النوع هى الثورة التى قام بها العمال فى عهد الملك رمسيس الثالث بما يطلق عليه اضراب العمال والتى سجلها برديتى هاريس وتورين ، حيث خاض الملك رمسيس الثالث الحروب لحماية مصر من اعدائها خاصة شعوب البحر المتوسط وقد انهك هذا مصر اقتصاديا بالاضافة الى سيطرة كهنة امون على الجزء الاكبر من ثروات البلاد من خلال الاوقاف التى اوقفها الملك على المعابد والكهنة وادى الانهيار الاقتصادى الى ارتفاع فى اسعار الحبوب وعجزت الحكومة عن الوفاء بالتزاماتها وتمثل رد الفعل فى اضرابات حيث تجمع المضربون خلف معبد تحتمس الثالث الجنائزى ودارت النقاشات والمناوشات بينهم وبين رجال الامن وظل الاضراب مستمرا لمدة ثلاثة ايام ثم اتجهوا لمهاجمة مخازن الغلال مرددين نحن جوعى واتسعت دائرة الاضرابات لتتحول الى ثورة ضد الفساد .
الثورة ضد الاحتلال الاجنبى
اما عن الثورة ضد الاحتلال الاجنبى فيشير الدكتور نور الدين الى انها تخذت شكل الكفاح المسلح مثل ما حدث اثناء غزو الهكسوس لمصر الذين اذاقوا شعب مصر لاول مرة مرارة الاحتلال و ما تتبعه من كفاح ابطال طيبة من اجل تحرير مصر كما لعبت المراة فى الاسرة المالكة دورا كبيرا فى تعبئة الراى العام من اجل وقوف الشعب خلف جيشه، كما ذاق المصريون احتلال اشد قسوة وهو احتلال الفرس لمصر مرتين ، وقد ثابر المصريون وصمدوا اما الغزو الفارسى خاصة ان الفرس كان اشد قسوة من الهكسوس واستنزف موارد مصر وحقر من شأن معبودات المصريين فكان رد فعل المصريين عنيف ولم تتوقف الثورات طوال الاسرة السابعة والعشرون واستمرت لمدة ست سنوات حتى نجح المصريون فى التخلص من الفرس ، اما الثورة الدينية فقد جرت فى عهد احناتون عندما نادى بعبادة اتون وهدم العبادات الاخرى فكان هذا بمثابة انقلابا على فكر دينى راسخا فى عقول ونفوس المصريين منذ الاف السنين وتمرد على طغيان وهيمنة كهنة امون وانتهت هذه الثورة بنهاية صاحبها .