في "مرسي علم"، علي ساحل البحر الأحمر،"750 كيلومترا جنوب شرق القاهرة"، شاء قدر الله، أن تجتمع كنوز الأرض وثرواتها، وخيرات البحر ونعمه
مع أسراب الطيور في سمائها، ليتمتع بها الطير والبحر والحجر، ويغيب الأنسان عن هذا المشهد الذي خلقه وأبدعه الخالق من أجله..
ففي شواطئها وأعماق بحرها تكتظ بعدد من المحميات البحرية هي الاكثر ندرة، والأغني بكل مفردات الطبيعة البكر، يقودنا اليه أسراب الدلافين حيث هناك مايطلق عليه الغواصين "بيت الدلافين" بمحمية "الصمداي" البحرية، وقريبا منها محمية "وادي الجمال البحرية" التي تضم جذر أشهرها "مالديف مصر"، و"أرخبيل حماطه"، كما أكدت منظمة "بيرد لايف الدولية – Bird Life International"، مقرها المملكة المتحدة، وعلي أرضها، وفي جوفها اجتمعت خامات الفوسفات، والمنجنيز مع الذهب, منجم ذهب "السكري" هناك، حتي البترول يقترب منها بقدر ماتستفيد منه حتي لايلوث أرضها، أما سمائها، فلم تغفل الطبيعة أن تمنح هذا المكان تميزا لموقعها ليكون مؤلا للطيور المهاجرة عبر محمية هي الأشهر عالميا وهي محمية "وادي الجمال" التي تضم 5 جزر تشكل سلسلة ومسارا آمنا مطمئنا لطيور الكوكب المهاجرة مثل النوارس، وصقر الغروب، والعقاب الاسبري، ومالك الحزين..وأضاف إليها الخالق أهم مورد هو الأغلى والأهم وهو "الإنسان"، فسمات أهلها وبديع خلقهم، يفوق ما يحوي البر والبحر مجتمعين..ألا أن هذا المورد الأهم، وبالرغم من النعم والكنوز التي تحاصره فهو "فقير"..
ويبدو أن ازدحام "مرسي علم" وتشبعها بالكنوز والخيرات في البر والبحر والسماء، أدي إلي أرباك التنمية هناك، فلم يجد الانسان له موضعا لكي يسبح بما وهبه الخالق، كما يفعل الطير والشجر.. والأنشطة القليلة التي يشهدها المكان هي أنشطة متقطعة وكأنها مفاجآت خارج السياق تحدث بالمصادفة، صناعت حرفية ويدوية با~سة ومتواضعة، وفعاليات قليلة كما حدث في منتجع "رأس غالب" الذي استضاف، في أبريل 2008، الجولتين الختاميتين لسباق القارات الدولي لزوارق الفورمولا 2000، أو غيرها، حتي مشروع حق الانتفاع لمجموعة الخرافي فقد تردد أن العقد ينتهي في الوقت الراهن تقريبا، والمشروعات والفعاليات المتباعدة غير المستمرة لاتتناسب مع التنمية، التي تتطلب تواصلا واستمرارية لكي تنمو وتتفاعل معها الحياة.
علي الطريق الي مرسي علم، من الغردقة، تكاد لاتري اثرا لنشاط، أو حركة لسيارات، أو تواجد سياحي أو عمراني أو آدمي يتوافق مع كل الموارد الطبيعية البكر التي يزخر بها المكان..، وفيما عدا مرافق سياحية ومنتجعات قليلة متناثرة، فان اللافت أن المشروعات الممزقة، والمبان التي لم تكتمل وتحولت الي أشلاْء مشروعات، هي الأكثر حضورا، كما أن الطريق يفتقر الي الخدمات الأساسية مثل الأتصالات بأنواعها، والارشادات المرورية، والاسعافات، أما في الليل، فان الطريق أكثر وعورة لغياب الأنارة فلا أثر لأعمدة الطرق، والمدهش أن الانارة مفقودة هناك بالرغم من مزارع الرياح أو طواحين الهواء المنتشرة في منطقة الزعفرانة الشهيرة، وغالبية المراوح العملاقة هناك لاتعمل، ويبدو أنها تنتظر الصيانة.
وبالرغم من ثراْْء المنطقة الطبيعي، السياحي، والصناعي، والتعديني، الا أن الجهات والوزارات الخدمية تكاد تغيب عن المكان، والاستثناء الوحيد تقريبا كان لوزارة البيئة، وقطاع حماية الطبيعة التابع لها، حيث يتابع وزيرها الدكتور خالد فهمي بصفة دورية تنفيذ برنامج تطوير المحميات الطبيعية من خلال ورش عمل علي الطبيعة، ونقاشات وشبه ندوات داخل الأحراش، وعلي سطح مياه المحميات.. وهي سلسلة من برنامج شامل يضم كل المحميات الثلاثون، لتنميتها وتوصيل مايحدث بها الي المواطن العادي، ومن خلال جمعية كتاب البيئة والتنمية أشرفت الوزارة علي تنظيم زيارة لأعضاء الجمعية، بهدف تفقد ورصد المحميات، وتطوير أدائها باسلوب تكاملي، كما يكشف الباحث ومنسق الأتصال بالوزارة محمد مصطفي عن توفير الخدمات وتنمية الموارد ودعم المجتمعات المحلية بالمنطقه، حيث يشمل التطوير تجهيز المناطق السياحية بالمظلات، واللوحات الإرشادية، ودورات المياه، بنمط لايسبب ضررا للبيئة بالمحمية مستقبلا. وقد بدأ برنامج تفقد المحميات البرية والبحرية في ابريل الماضي، بزيارة محميات جنوب سيناء، واليوم كانت محميات البحر الأحمر وصحراْء مصر الشرقية وشلاتين وهي الأبعد مسافة، ولكنها الأقرب الي الوجدان، وفي كل الأحوال هي تنتظر قليلا من الاهتمام الذي يليق بها
نقلا عن الاهرام